‘فورين أفيرز: سوريا لن تعود لسابق عهدها نتيجة التهجير القسري’

2 آب (أغسطس - أوت)، 2017
5 minutes

muhammed bitar

اعتبرت مجلة فورين أفيرز الأميركية أن سياسة التهجير القسري التي اتبعها نظام الأسد منذ سنوات تمنع دون عودة سوريا إلى سابق عهدها، مشيرةً إلى استراتيجية النظام ضد الأهالي السنّة والمتمثلة بالقتل والتدمير أو التهجير.

وأضافت المجلة في مقال نشرته الأسبوع الماضي أنه كان هناك محاولات عدة للتوسط من أجل إحلال السلام في سوريا، وكان آخرها ما جرى على هامش قمة مجموعة العشرين التي انعقدت في هامبورغ في المانيا أوائل الشهر الجاري.

وأوضحت أن الرئيسين الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين ناقشا على هامش هذه القمة اتفاقاً محتملاً بين بلديهما بشأن سوريا، وأضافت أن الأمل كان في أن تؤدي صفقة ثنائية بينهما إلى ضخ بعض الحياة في محادثات السلام المتعثرة في جنيف وأستانا التي استمرت على مدار العامين الماضيين.

وتابعت “لكن هذه المناقشة بين الزعيمين وجميع الجهود التي بُذلت مؤخراً لإنهاء الصراع في سوريا استندت إلى الافتراض الخاطئ، والمتمثل في أن عودة سوريا إلى هيكلها السياسي الذي كان قائماً قبل الحرب من شأنه تحقيق السلام في البلاد”.

الترحيل وليس القتل

وأوضحت المجلة أن الحرب غيّرت التركيبة السكانية في سوريا بشكل جوهري، وأن عودة البلاد إلى سابق عهدها ستكون مستحيلة، وأشارت إلى أن بشار الأسد وحلفاءه نجحوا خلال السنوات الثلاث الماضية في الحد من وجود السُنة في المناطق القريبة من المراكز الحضرية الكبرى، وخاصة في دمشق والساحل.

وأضافت أن المسيحيين والعلويين يتمتعون بحضور قوي في هذه المناطق، حيث يجري الجزء الأكبر من التجارة في البلاد، وأن سياسة النظام وحلفائه لم تكن تقصد قتل السنة بقدر ما كان القصد إجبارهم على الرحيل.

وقالت إنه ليس من قبيل الصدفة أن تبقى الطرق المؤدية إلى الأردن أو لبنان آمنة على مدار السنوات الماضية، موضحة أن هدف الأسد كان يتمثل في إنشاء مناطق تماس جغرافية مجاورة تكون نسبة السكان من السنة فيها منخفضة وأقل مما كان عليه الوضع قبل 2011.

ورأت الصحيفة أن عودة سوريا إلى النظام الذي كان سائداً قبل 2011 من شأنه أن يكون أيضاً مكلفاً، وذلك حيث تسيطر الأقلية على القوة الاقتصادية، الأمر الذي يؤدي إلى تفشي الفساد واستنزاف ثروات البلاد ومواردها الطبيعية، بل وإلى بقاء سوريا معتمدة بشكل دائم على دعم قوى خارجية مثل روسيا وإيران اللتين تواجهان بدورهما تحديات ومشاكل اقتصادية، وخاصة في ظل انخفاض أسعار النفط.

قصر نظر

واستدركت المجلة بأن الأوضاع الديمغرافية التي صنعها الأسد لن تجلب له الاستقرار، وانتقدت سياسته وقالت إنها تتسم بقصر النظر.

وأوضحت أن نسبة كبيرة من السوريين من مختلف الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية تنحى باللائمة على النظام جراء تسببه بقتل مئات الآلاف وتهجير الملايين، وقالت إن المشاعر العميقة من شأنها أن تغذي الغضب على نطاق واسع في سوريا لسنوات قادمة.

وأضافت أن الهوية السنية التاريخية لسوريا من شأنها أيضاً أن تعيق استراتيجية الأسد، وأوضحت أنه إذا عاد ملايين اللاجئين السوريين من الأردن ولبنان إلى بلادهم، فإنهم لن يقبلوا بالهوية التاريخية الجديدة التي صنعها نظام الأسد.

واعتبرت الصحيفة أنه إذا أُريد لأية محادثات سلام أن تكون فاعلة ومؤثرة، فإنه يجب على جميع الأطراف المعنية أن تنظر بجدية إلى طبيعة التغيرات الديمغرافية التي تشهدها سوريا وأن تسعى إلى إيقافها.

ولفتت إلى أنه بإمكان روسيا القيام بهذا الدور، وذلك بفعل تأثيرها على الأسد، مضيفة أنه يجب على اللاعبين الدوليين الآخرين لا سيما الولايات المتحدة وأوروبا ربط دعمها للسلام بوضع حد لهذه التغييرات الديمغرافية التي يجريها الأسد.

نفوذ دولي

 وبالنسبة لنفوذ هذه الدول (روسيا وإيران) فهو يأتي من كونها الممول الرئيس لمعظم جهود إعادة الإعمار والتنمية التي يتوقع أن تتبع أي وقف دائم لإطلاق النار في سوريا.

وقالت الصحيفة إنه في حال عدم التصدي لسياسات الأسد في هذا السياق، فإن الحرب قد تتوقف على المدى القصير، ولكن لن يكون الحل دائماً.

وأردفت أنه عاجلاً أو آجلا، فإن عودة اللاجئين السوريين من الخارج إلى ديارهم، بالإضافة إلى الرغبة القوية في الانتقام من الأسد أو الضغوط الداخلية لمجموعات تشعر بأن تراثها قد تعرض للنهب، أو بمزيج من هذه العوامل مجتمعة، كل تلك العوامل ستؤدي لتجدد دورة الصراع في سوريا ، الأمر الذي يجعل البلاد تنزلق إلى مستنقع حرب مدمرة جديدة أخرى.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]