الفلتان الأمني وارتفاع معدل جرائم القتل في مدينة حلب

3 آب (أغسطس - أوت)، 2017
6 minutes

editor4

زياد عدوان: المصدر

لم يستطع النظام وميليشياته إعادة “الأمن والأمان” لمدينة حلب بعد خروج كتائب الثوار منها، فجرائم القتل والثأر بين العائلات انتشرت مؤخراً وبكثرة، بل تعدت ذلك من خلال قيام بعض المدنيين بالانتقام وقتل من كان لهم عنده ثأر قديم وفي وضح النهار وأمام أعين عناصر القوى الأمنية، التي لم تستطع ضبط المدينة ولا حتى فرض سيطرتها الكاملة أمنياً على جوانب الحياة الجنائية، واكتفت بفتح مكاتب للشكاوى والتواصل مع المدنيين والعسكريين، بعد انتشار جرائم القتل والسلب والنهب في المدينة، بالرغم من تشديدها الأمني.

ولم تقتصر عمليات القتل العمد على “الثارات” أو المشاكل القديمة، فانتشار السلاح بكثافة في مدينة حلب مع بعض المدنيين الذين لهم صلات قرابة مع ضباط أو شبيحة، سمح لهم باستخدام أسلحتهم خلال اندلاع مشاجرة أو مشادة كلامية، فلم يتم استثناء طفل أو امرأة أو مسن من أن يُطلق عليه الرصاص بهدف قتله وبدم بارد.

وهزت جرائم القتل المتتالية مدينة حلب خلال الأشهر الماضية، وشملت كامل المدينة، فقد قتل أحد المدنيين ويدعى “خالد السيد” (35 عاما) في مشروع 3000 شقة التابع لحي الحمدانية غربي مدينة حلب.

وفي التفاصيل التي أوردتها مصادر إعلام موالية، في 18 تموز الماضي أطلق شخص أربع رصاصات على المحامي “خالد السيد” أمام باب بنايته، بعد أن ناداه وانتظره أمام مدخل البناية، ولم يستطع أحد من المدنيين معرفة شكل الذي ارتكب جريمة القتل، وذلك لأنه لاذ بالفرار مسرعاً عقب محاولة أحد المدنيين الاقتراب منه، فركب دراجته النارية التي كانت مركونة بالقرب من مكان الجريمة.

وأكد “عبد الله عثمان”، أحد جيران القتيل، لـ (المصدر)، أن الدوافع وراء ارتكاب جريمة القتل هذه، هي قضية وكلت للمحامي “خالد” وقد رفض المجني عليه التنازل عن القضية والمرافعة في المحكمة، وحدثت بين “خالد” وأشخاص أتوا إلى منزله مشادات كلامية، وارتفعت الأصوات ليتبين لنا أنهم طلبوا منه التنازل عن القضية، وهي جريمة قتل قديمة، فلم يوافق على التنازل عنها، وقد تعرض للتهديد عدة مرات، لكنه أكمل القضية وحقق فيها مكسباً كبيراً من خلال الحكم على المجرم بالسجن لمدة خمسة عشر عاما.

وشهدت مدينة حلب العشرات من جرائم القتل قبيل اندلاع الثورة، ولكن لم تكن بهذا العدد الكبير، إذ أن معظم جرائم القتل التي ارتكبت قبيل اندلاع الثورة كانت تحدث ليلاً، ويحاول القاتل بشتى الوسائل والطرق إخفاء أدوات جريمته والتواري عن أنظار عناصر الأمن والشرطة، ولكن جرائم القتل والسلب والنهب التي حدثت في مدينة حلب خلال الأشهر الماضية كانت معظمها علنية، حيث سجلت حالة إطلاق رصاص استهدفت أحد الشبان في 21 من الشهر المنصرم في حي الأشرفية قرب الدوار الأول، فقد أطلق النار شابان يستقلان دراجة نارية ليل يوم الخميس 21 تموز الماضي النار على الشاب بالرغم من التواجد الأمني المكثف لعناصر الدوريات الأمنية المشتركة في حي الأشرفية، والذي يربط بين مناطق سيطرة ميليشيا الإدارة الذاتية في حي الشيخ مقصود وبين مناطق سيطرة النظام في الأجزاء الغربية الجنوبية لمدينة حلب.

وبسبب انشغال الإعلام الموالي للنظام بتغطية جبهات القتال والتركيز على الحرب الإعلامية التي تستهدف كتائب الثوار، أصبحت معظم جرائم القتل في مدينة حلب تمر دون أن يلقى الضوء عليها إعلامياً من قبل النظام، فقد سجلت عشرات جرائم القتل في العديد من الأحياء في المدينة، وعثر على جثة لرجل أربعيني في حديقة قرب مركز البريد في حي مساكن هنانو، وتم نقل الجثة إلى مقر الطبابة الشرعية في حلب القديمة ليتبين بأن الرجل قد تعرض لستة طعنات في صدره أسفرت عن تمزيق الأمعاء وإصابته بنزيف حاد تسبب بوفاته، دون معرفة أية تفاصيل حول الحادثة التي ربما يكون قد أُقفل ملفها.

وأفاد العديد من المدنيين في مدينة حلب خلال توجيه بعض الأسئلة التي استطاعت (المصدر) طرحها، بأن جرائم القتل والسلب والنهب انتشرت بشكل كبير وعام في مدينة حلب وخصوصاً بعد هيمنة وسطوة ميليشيات الشبيحة والنظام على المدينة، وقد برز ذلك من خلال قيام الشبيحة بتصفية مدنيين بقوا في الأحياء الشرقية، فضلاً عن اعتقال العديد وتصفيتهم لاحقا، الأمر الذي جعل كل مدني أو شخص له ثأر قديم يقوم بالانتقام وقتل الشخص المطلوب.

وقال أحد المدنيين في حي صلاح الدين لـ (المصدر): “قيام عناصر الشبيحة والميليشيات بإطلاق الرصاص وقتل المدنيين أمر تسبب بتذكير الناس بالثارات، وأصبح كل مدني مسلح ويحمل مسدسه على خصره، وعند حدوث مشاكل أو مشاجرة يقوم فوراً بإطلاق الرصاص على الطرف الآخر منهياً حياته، وهذا الأمر خطير جدا، إذ أن هذه التصرفات تجعل أجهزة الأمن مقيدة الأيدي ولن تستطيع إيقاف الجرائم في مدينة حلب”.

وارتفع معدل انتشار الجرائم في سوريا وخصوصاً في مدينة حلب، ولم تقتصر على مدينة حلب التي أصبح اسمها لدى العديد من المدنيين “شيكاغو العرب” بسبب ما تعيشه من واقع دموي تلفه جرائم القتل والسلب والنهب وانتشار الملاهي الليلية، فضلاً عن قيام الشبيحة والميليشيات بافتتاح مقهى للعب القمار والمراهنات في حي الشيخ طه.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]