‘تنظيم الدولة يفرض التجنيد الإجباري بدير الزور وشبابها ينزحون هرباً’

15 آب (أغسطس - أوت)، 2017
5 minutes

رغداء زيدان

فور سماعه بقرار تنظيم “الدولة الإسلامية” فرض التجنيد الإجباري في دير الزور حزم محمود العلي أمتعته وفرّ مسرعاً مع عائلته على غرار شبان كثر من أبناء تلك المحافظة التي يسيطر عليها التنظيم في شرق سوريا.

واعلن “تنظيم الدولة” مؤخراً فرض “التجنيد الإجباري” على شباب دير الزور، آخر المحافظات السورية التي لا تزال تحت سيطرته. ودفع هذا الاعلان بموجات نزوح جديدة من المحافظة ليلجأ المئات إلى مخيم للنازحين يبعد سبعة كيلومترات عن منطقة العريشة في محافظة الحسكة (شمال شرق) المحاذية لدير الزور.

ويقول العلي (26 عاماً) “أبلغنا التنظيم بأن الجهاد بات فرضاً علينا وعلى كل الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و30 عاماً الالتحاق بصفوفه للقتال في كل سوريا”.

ويضيف الشاب الذي فرّ مع عائلته من بلدة العشارة في ريف دير الزور الجنوبي الشرقي: “رفض غالبية الشباب القرار وتركوا مناطق سيطرة التنظيم بالآلاف”. ويعكس ذلك على حد قوله “المزاج العام برغبة الأهالي التخلص من التنظيم”.

ولجأ “تنظيم الدولة” إلى الخطابات الدينية خلال الصلاة في المساجد فضلاً عن المناشير والمكبرات الصوتية في الشوارع لدعوة شباب دير الزور إلى التجنيد الإجباري، وفق ما أفاد سكان والمرصد السوري لحقوق الإنسان.

ومنح التنظيم الشباب أسبوعاً واحداً فقط للالتحاق بمكاتب “الاستنفار”. وسرعان ما ساء الوضع مع رفض الكثير من الشباب الأوامر الجديدة.

اعتقالات

فرّ صلاح المحمد (28 عاماً) مؤخراً من الميادين التي تعد ثاني أهم مدن محافظة دير الزور، ولجأ إلى المخيم الذي يعاني فيه النازحون من ظروف معيشية صعبة.

ويتذكر صلاح: “الوضع في الميادين بات مأساوياً بعد قرار التنظيم الأخير فرض التجنيد الإجباري”، مشيراً إلى أن عناصر “تنظيم الدولة”: “يداهمون يومياً المنازل بحثاً عن شباب لسوقهم للقتال”.

وفي المخيم الذي تتصاعد على بعد كيلومترات منه أعمدة دخان أسود ناتجة عن تكرير النفط بطرق تقليدية في منطقة قريبة، يقول أحمد العبد (23 عاماً) إن المجند من قبل التنظيم “يخضع لدورة (تدريبية) لمدة شهر، قبل أن يبقى معهم أربعة اشهر للقتال”.

وطغى الشبان على النازحين في مخيم العريشة الذي تنتشر فيه مخيمات بيضاء اللون كتب عليها شعار مفوضية الأمم المتحدة للاجئين. وإن كان الكثير من الشبان تمكنوا من الفرار من أيدي التنظيم، لكن الحظ لم آخرين.

ويضيف الشاب الأسمر ذو اللحية السوداء الكثيفة “الكثيرون لا يزالون عالقين ولا يستطيعون الخروج”، موضحاً: “دفعنا نحن مليوني ليرة سورية (حوالى أربعة آلاف دولار) عن خمسة عشر شخصاً من أفراد العائلة”.

ويجازف المدنيون الفارون من مناطق سيطرة “تنظيم الدولة” في الرقة ودير الزور بحياتهم للوصول إلى بر الأمان متكلين على مهربين يدفعون لهم مبالغ مالية طائلة غير كفيلة بحمايتهم من النيران أو من أعين التنظيم.

ويخوض “تنظيم الدولة” حالياً معارك عنيفة ضد “قوات سوريا الديموقراطية” التي طردته من أكثر من نصف مدينة الرقة. كما يتقدم جيش نظام الأسد على محاور عدة.

وفي ظل هذا الضغط الميداني الكبير، يبدو أن التنظيم بات يبحث عن حلول إضافية تمكنه الدفاع عن معاقله في سوريا.

وبرغم فرارهم من قرارات وقواعد “تنظيم الدولة” الصارمة، وجد الفارون من دير الزور أنفسهم في ظروف معيشية صعبة في مخيمات تقل فيه الخيم ذاتها وتشهد نقصاً حاداً في المياه النظيفة والمواد الغذائية وحتى الأدوية الأساسية.

وتقول المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر “انجي صدقي”: “تلك الخيم موجودة في قلب الصحراء حيث تشكل الأفاعي والعقارب تهديداً يومياً للناس”. وتضيف “ترى أطفالاً يلعبون بالنفايات السامة ويشربون مياه ملوثة ويستحمون بها”.

ويعيش في مخيم العريشة سبعة آلاف ومئة شخص فيما لا تتوفر فيه سوى 400 خيمة، وفق ما يقول أحد مسؤولي المخيم.

واضطرت بعض العائلات إلى البقاء في العراء بانتظار الحصول على خيمة، وعمدت أخرى إلى تعليق بطانيات بين الشاحنات والسيارات لتقيها حرارة الشمس.

وتحت بطانية صغيرة علقت بين شاحنة ودراجة نارية، جلس سبعة أطفال بدا عليهم الإنهاك يحتمون من حرارة الشمس الحارقة. وبرغم الوضع الصعب في المخيم، يعتبر كثيرون أنهم أخيراً نجوا بأرواحهم بعيداً عن “تنظيم الدولة” الذي يتشدد في منع السكان من المغادرة.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]