روسيا والأسد استفادا من وقف إطلاق النار للهجوم على دير الزور.. والأطراف المتصارعة تتسابق للسيطرة عليها


مراد الشامي

تتصدر محافظة دير الزور المشهد العسكري في سوريا، مع سعي قوات عدة إلى السيطرة عليها بعد طرد تنظيم "الدولة الإسلامية" منها، والذي تلقى هزائم وضربات موجعة متتالية في سوريا والعراق.

وفيما تسعى الميليشيات الكردية المدعومة من أمريكا بالتقدم نحو دير الزور، يتحرك نظام الأسد وميليشياته الأجنبية بدعم روسي صوب المحافظة، التي يوجد فيها عدد من قواته داخل المطار المحاصر من مقاتلي التنظيم.

ويشير تحليل لوكالة رويترز، نُشر اليوم الخميس، إلى أن النظام يأمل بدعم روسي إيراني أن يسبق الفصائل المدعومة من أمريكا في الهجوم على دير الزور، سيما بعد سيطرة قوات النظام والميليشيات الأجنبية على مدينة السخنة بريف حمص الشرقي، والتي تفتح الطريق أمامه نحو دير الزور.

واستفادت روسيا ونظام بشار الأسد من اتفاقات وقف إطلاق النار (تخفيف التصعيد) التي تم التوصل إليها في مناطق سورية عدة، ولم تؤدي تلك الاتفاقات إلى تحقيق دفعة في الجهود السياسية للتوصل إلى حل للملف السوري.

مناطق تخفيف التصعيد

ويشير تحليل رويترز إلى أن الأسد استفاد من قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بوقف برنامج دعم وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) للمعارضة السورية، وهو ما يعد سبباً آخراً في دفعه للتوجه نحو دير الزور (شرق سوريا).

ويشير رولف هولمبو الباحث بالمعهد الكندي للشؤون العالمية وسفير الدنمارك السابق لدى سوريا، إلى ما حققته روسيا والنظام من اتفاقات وقف إطلاق النار.

وقال: "ما من شك أن الروس يريدون حلاً سياسيا للحرب. فالحرب مكلفة بالنسبة لهم وكلما طال أمدها تضاءل حجم النجاح بالنسبة إلى (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين".

وأضاف: "غير أن الروس يريدون حلاً بشروطهم وهذا حل يبقى فيه الأسد في السلطة". وتابع: "اتفاقات وقف إطلاق النار تحقق أمرين. فهي تسمح للروس بالسيطرة على المفاوضات السياسية وتبدو مواتية على الصعيد الدولي. لكن الأهم أنها تسمح للأسد وللفصائل المدعومة من إيران بتخفيف العبء عن القوات بحيث تتفرغ للسيطرة على الأراضي التي يوشك تنظيم الدولة الإسلامية على خسارتها".

وفي بعض الأحيان أدى الزحف شرقاً إلى اصطدام قوات النظام وحلفائها المدعومين من إيران بالقوات الأمريكية والقوات التي تدعمها الولايات المتحدة لقتال "تنظيم الدولة"، وفي أحيان أخرى تجنبت القوات المتسابقة الصدام في معظم الأحيان.

وتحاشت قوات النظام المنطقة التي تقاتل فيها ميليشيات كردية مدعومة من أمريكا وتستهدف السيطرة على الرقة المعقل الأبرز لـ"تنظيم الدولة" في سوريا.

محافظة مهمة

وتعد محافظة دير الزور، التي يشطرها نهر الفرات إلى شطرين، وما بها من موارد نفطية ذات أهمية حيوية لكافة الأطراف. ويسيطر التنظيم بالكامل على المحافظة باستثناء معقل لقوات النظام وقاعدة جوية قريبة منه. كما أنها قريبة من ميليشيات قوات "سوريا الديمقراطية" المدعومة من الولايات المتحدة.

وقال طلال سيلو المتحدث باسم "سوريا الديمقراطية" لوكالة رويترز، أمس الأربعاء، إن "القوات ستشن حملة باتجاه دير الزور في المستقبل القريب"، رغم أن الميليشيا مازالت تبت فيما إذا كانت سترجئ هذه الحملة إلى ما بعد تحرير مدينة الرقة بالكامل من التنظيم.

غير أن أسئلة تظل بلا إجابة عما إذا كان نظام الأسد وحلفائه أو الفصائل المدعومة أمريكيا تمتلك القوة البشرية اللازمة لتحقيق الهدف. حيث نقل تنظيم "الدولة الإسلامية" كثيرين من مقاتليه وقادته إلى دير الزور.

ونقلت وكالة رويترز عما قالت إنه معارض سوري يحظى بدعم واشنطن وعلى دراية واسعة بمنطقة شرق سوريا، إن "دير الزور ستكون هدفاً صعباً".

وفي ذات السياق، ذكر الصحفي المختص بالشؤون العسكري راني الجابر  لـ"السورية نت"، أمس الأربعاء، أن الوضع في دير الزور "يعتبر وضعاً معقداً بامتياز". مشيراً إلى أن "النظام الذي يضخ إعلامياً في المعركة بدعم من الروس، معلناً عن تقدم سريع في الصحراء،  ما يزال عاجزاً عن تحقيق نصر حقيقي وحاسم".

وأضاف: "الدليل هو تلكؤه الشديد وفتحه لأكثر من جبهة شمالي غربي وجنوبي غربي دير الزور وتعثر معاركه في عقيربات ومحيطها، والتي قرر بسبب عجزه في ريف حماة وحمص الالتفاف وتجاوزها".

ورأى الجابر، أنه رغم تركيز النظام على دير الزور، إلا أنه ما يزال يفصله عنها من جهة السخنة أكثر من 100 كم، و"لن يكون التقدم فيها سهلاً كما يروج، خصوصا أنه يعاني من تآكل قواته وخسائرها الكبيرة، والتي قد تصل إلى 50 إلى 100 عنصر ما بين قتيل وجريح يومياً".

من جهته، وقال أندرو تيبلر الخبير في الشأن السوري بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى إن "الأسد يأمل أن يستعيد الشرعية الدولية من خلال الحملة التي يشنها على الدولة الإسلامية". وأضاف: "هم يعتقدون أن بوسعهم بذلك الحصول على أموال لإعادة الإعمار ويعتقدون أن الأمور ستعود إلى سيرتها الأولى. وهذا لن يحدث".

ولم تظهر أي بادرة على أن الدول الغربية مستعدة لقبول الأسد مرة أخرى، إذ اتهمته واشنطن باستخدام الأسلحة الكيماوية خلال الحرب أكثر من مرة كان آخرها في أبريل/ نيسان الماضي عندما قصف مدينة خان شيخون بريف إدلب وقتل ما لا يقل عن 100 مدني، وإصابة نحو 1500 آخرين.

وأطلق هجوم أبريل/ نيسان على خان شيخون شرارة هجوم صاروخي أمريكي على قاعدة الشعيرات العسكرية التابعة للنظام، غير أن الرد الأمريكي كان محسوباً لتجنب مواجهة مع روسيا ولم ينتج عنه أي تحركات أخرى من هذا النوع.

وختمت الوكالة تحليلها بتصريح لمهند حاج علي مدير الاتصالات في مركز "كارنيجي"، أشار فيه إلى محاولة النظام أن يحظى بقبول دولي من جديد، لكنه قال: "أمامه تحديين، التطبيع السياسي مع العالم، والتحدي الاقتصادي وهو مهم".




المصدر