إدلب… بين الإدارة المدنيّة والوصاية الخارجيّة




Tweet

عبد الرزاق الصبيح: المصدر

(إدارةٌ مدنيّة)، شعارٌ جديدٌ لمرحلةٍ جديدةٍ في شمال سوريا، حيث يحاول السّوريون رسم مسارٍ جديدٍ لحياتهم، بعد سنوات من الحروب التي عاشتها البلاد، عن طريق تشكيل مؤسساتٍ مدنيّة، بينما يرسم لهم العالم مساراً آخر، حتى الآن لم تتّضح معالمه بعد.

وباشرت الكثير من المؤسّسات في إدلب بناء هيكلها الداخلي بالاستعانة بالخبرات، وعاد قسم كبير من حملة الشهادات الجامعيّة إلى العمل بالمؤسسات الخدميّة، ومؤخّراً استطاعت مؤسّسة إدارة معبر باب الهوى، وهو شريان إدلب الوحيد، الحصول على استقلاليتها، كما جاء على لسان مديرها.

كما اجتمعت فعاليات مدنيّة كثيرة في مدينة إدلب تحت رعاية مجلس المدينة، من أجل تشكيل حكومة مصغّرة في الدّاخل، وتحاول مؤسسات أخرى التّفلّت من القبضة العسكريّة التي كانت تسيطر عليها، لبناء نفسها من جديد.

وبعد سيطرت “هيئة تحرير الشّام” على مناطق واسعة من ريف إدلب، بعد معاركها مع “حركة أحرار الشّام”، تخلّت الأخيرة عن العديد من المؤسّسات الخدميّة التي كانت ترعاها، وبعد المطالبات الكثيرة في المظاهرات مؤخراً من “هيئة تحرير الشام” بضرورة تسليم المؤسسات لمدنيّين، هناك مسعى لتكوين إدارات مدنية مستقلّة ترعى المؤسّسات الخدميّة، وتدير شؤونها.

وبعد عجز الفصائل الثوريّة عن إدارة المؤسّسات الثوريّة، كان من الضرورة بمكان استقلالية تلك المؤسّسات، والاعتماد على إدارات مدنيّة، مع الحفاظ على المؤسّسات الخدميّة التي تعتمد على الدّعم الخارجي من منظّمات إنسانيّة.

وقال الأستاذ “محمد أمون”، نائب رئيس “منصة إدلب” (مجلس السّوريين): “سيطرت العقلية الفصائلية المتعددة والمتصارعة على المؤسّسات الخدميّة في إدلب منذ تحريرها، وكان لهذا الأمر تأثيراً سلبياً كبيراً على أداء المؤسّسات، وكانت تغيب الخبرة عن أغلبها”.

وأضاف “أمون” في تصريح لـ (المصدر): “يستطيع السّوريون المدنيّون إدارة مناطقهم وبجدارة، وضمن الإمكانيات المتاحة، مع توفير دعم بسيط، فيما لو غابت عنهم الوصاية والتبعيّة والأجندات الخارجيّة”.

وعن مستقبل إدلب، قال “أمون”: “إدلب أمام ثلاثة خيارات، لا رابع لهما، أولهما أن تتمكّن الإدارة المدنيّة من إثبات جدارتها، واستلام زمام المبادرة وصهر الفصائل ضمن جيش وطني واحد، وثانيهما: تدخّل تركي بموافقة غربيّة، وبمساندة فصائل الجيش الحر، وتصعيد كبير في المنطقة وخلق فوضى، وإلى أجل غير معلوم، وثالثهما: وهو شيطنة إدلب، وتجهيزها من أجل تلقّي ضربات من التّحالف الدّولي، وبمعرفة من بعض السّوريين أو بجهل منهم”.

وشهدت محافظة إدلب أحداثاً كثيرة بعد سيطرة فصائل الثّوار عليها مطلع العام 2015، فقد فرضت الفصائل الثوريّة وصاية على تلك المؤسّسات، وتوزعت بين فصائل “جيش الفتح” سابقاً، والقسم الأكبر منها ضاع بين الإهمال والسّرقة واللامبالاة والتخريب.

ولا يمكن إنكار اليد الخارجيّة في سوريا منذ انتقال الثّورة إلى شكلها المسلح، حيث تدخلت العديد من الدّول وبدوافع المصالح وتحت عناوين مختلفة، من أجل فرض أمر واقع لصالحها، وتمكّنت من قلب الموازين على الأرض لصالحها، وكانت تتسابق فيما بينها، لأخذ حصّة بشار الأسد في سوريا، وحتى دون موافقة النظام نفسه، وهي تراقب عن كثب ما يجري في إدلب عبر عملائها على الأرض، وعبر طائراتها الاستطلاعية التي لا تغيب عن سماء المحافظة.

مصير جديد ينتظر محافظة إدلب وأفضله واقع غزّة في فلسطين، بعد وصول آلاف المهجّرين من مناطق مختلفة من سوريا بموافقة النظام، وبرعاية دوليّة، ووضعهم في منطقة جغرافية صغيرة جداً، وإحكام سيطرتها والضّغط على تركيا، وتجلّى ذلك بعد منع تركيا دخول العديد من المواد من معبر باب الهوى بوّابة إدلب الوحيدة.

Tweet


المصدر