من جنيف إلى أستانا ومنصَّات الشاورما
26 أغسطس، 2017
نجم الدين سمان
زار آرام صديقه اصطيف؛ فوجده يحزم حقيبته:
خير يا طير.. وين يا مهوِّن؟!
على أستانا.
من الأستانة.. إلى أستانا، شو عدا ما بدا؟!.
أعلنت عن منصّة تفاوضيّة على تويتر وفيسبوك..
شهق آرام: – أعلنت! يعني.. شَكَّلت وفد تفاوضي؟!.
شكَّلت وفد.. برئاستي أنا؛ وبعضويتي أنا.. وبس.
إي.. وشو كمان؟!.
دعوني الرفاق الكازاخ، بعتوا بطاقة سفر وحجز أوتيل، وبعتوا كمان “بوكيت مَنِي”.
ضحك آرام حتى اشتدت عليه خاصرتاه:
كنت بدّك تعمل منصّة شاورما في الفاتح بإسطنبول، شو ها الانعطاف الاستراتيجي هاد؟!.
جَكَارَة بطليقتي.. انشراح خانم.
هلّأ صارت قضية السوريين.. جكارات؟!
قول شو ما بدَّك.. بكرا أنا مسافر.
فسأله آرام:
وشو برنامجك التفاوضي؟!.
ما في برنامج، بنتظِر تحكي انشراح خانم؛ بِحكِي عكسها.
شي حلو.. شو ها المفاوضات التَرَلِّلي؟!
ترلّلي.. قلَّك وقلِّي، خلص.. طفح الكيل، رايح بُكرا.
وإذا اتفقوا على حكومة انتقالية.. بلا بشار؟.
بتحفَّظ.
وإذا قبلوا بحكومة انتقالية.. مع بشار؟.
بتحفَّظ.
وإذا قبلوا ببشار بعد المرحلة الانتقالية؛ وقالوا: من حقّه يترشح من جديد؟!.
بتحفَّظ.
فصرخ آرام ملتاعًا: – على شو عَمّ تتحفَّظ؟!
على كلّ شي.
وإذا اتفقوا.. وكنت وحدَك المُتحفّظ الأبدي؟!
بِعلِن انشقاقي.
عن مين؟!
مَانِي عضو بأيّ شي.. بس بِعلِن انشقاقي عن منصتي أنا.
زفرَ آرام ما في رئتيه من ثاني أوكسيد الكربون:
يا اصطيف؛ انت مو رايِح تفاوض؛ انت رايِح.. تناكِد.
طبيعي.. أنا سوري؛ والسوريين مو شاطرين إلّا بمُنَاكَدِة بعضهم البعض، بيشتغلوا حتى في السياسة من باب المناكدة.
بس انت عم تناكِد طليقتك انشراح خانم، وين السياسة هون؟!.
حتى طلاقي منها.. كان موقف سياسي.
فضحك آرام:
هي بدها شرح.. كيف يعني؟!.
ما بعرف.. اللّي بعرفه إنُّو كلّ شي بحياتنا سياسة؛ الغزل.. سياسة، البُوسِة.. سياسة.. الخ.
واضح إنك رايح بِرَدِّة فِعل.. وبَس.
ايمتى كنّا نفعل.. يا تقبرني؛ شوف اللِّي عملوه فينا؛ وبعدين احكي.
الثوة اللّي عملناها.. أكبر فعل.
ردّ اصطيف مُبتهجًا بانتصار آرائه:
الثورة هي الفعل الوحيد، بَس كلّ شِي وراها.. ردود أفعال.
متل شو؟!.
قال أدونيس إنها ثورة إسلاميّة بتطلع من الجوامع؛ سَبِّيناه.. ورحنا لعند العرعور ندقّ وراه عَ الطناجر.
ثورتنا مو إسلاميّة ولا طائفية.
بعرف، بس هيك عملناها.. منشان المُنَاكَدِة.
ثورتنا سِلميّة مدنيّة.. منشان الكرامة والعدالة والحقوق.
كمان بعرف؛ بس كَم سوري.. راحوا ورا إخوة المنهج جَكَارة بالديمقراطية والعلمانيّة؟!.
ردّ آرام:
طبيعي يصير هيك فرز بالثورات الشعبية؛ اللِّي ما وراها أحزاب ولا جماعات ولا فيها قيادات ولا معارضة متل الخلق والعالم.
بالله شُو.. والجماعات اللّي قالت منعترف بالشورى مو بصناديق الاقتراع؟!.
هَي.. مو مشكلة ثورتنا وبس؛ هي مشكلة كلّ شرقستان؛ لأنّو ثورات الربيع العربي.. فتحت صندوق الأسئلة اللّي كانوا مسكَّرينه حكّامنا من ألف سنة؛ وصاروا الناس يدوروا ع الأجوبة.
ياما فيه سوريين.. ما عندهم غير أجوبة جاهزة لكلّ شي.
ربت آرام على كتف اصطيف:
طبيعي.. كلّ هادا حِرَاك طبيعي؛ شوف هلأ كيف اقتنع السوريين.. إنّو أمراء الحرب خسَّروهم المناطق اللِّي حَرَّرها الجيش الحر.
بعد شو.. بعد ما خربت البلد، ما قلتلك.. كلها مُناكدات؟!
إنت نفسك رايح على أستانا تناكد طليقتك، شو بدّك فيها بعد ما تطلقتو؟!
لَكَن تغازل دي ميستورا وعلنًا.. هيك على الفضائيات؟!.
تصطفل.
وين الشرف.. وين الكرامة.. وين النخوة؛ بدّي خَلِّيها تبكي كوكا كولا؛ وتشرّ من مناخيرها شَرّ.
ضحك آرام:
انتبه يا اصطيف؛ هلّأ غسان الجباعي بيحذف جملتك؛ بيقول عَم تعمل دعاية لشركة إمبريالية في موقع جيرون!.
اطمَّن.. ما بيعملها غسان؛ مو من جماعة المُنَاكدات.