صحيفة فزغلياد: المتمردون السوريون يحشدون مجموعة من آلاف المقاتلين


سمير رمان

الصورة: خليل عشاوي/ رويتر

المحتويات

مقدمة

من يرأس “الهيئة السوداء”

“محمية” للمتمردين بدلًا من منطقة خفض التصعيد

 

مقدمة

أصبحت “هيئة تحرير الشام” تشكل التهديد الأكبر في غرب سورية، وفي حقيقة الأمر، إن الهيئة هي نفسها (جبهة النصرة) سابقًا، بعد أنْ غيرت اسمها. وفي حين ينشغل الجيش السوري والقوات الجوية الروسية في قتال “تنظيم الدولة الإسلامية” شرق سورية، تعمل “هيئة تحرير الشام” بعملٍ نشطٍ لتجنيد مقاتلين جدد من بين مقاتلي المعارضة “المعتدلة” في صفوفها، تحت رايتها السوداء. فكيف يمكن مواجهة هذا التهديد؟

يوم الجمعة، أعلن رئيس الإدارة العامة لهيئة الأركان الروسية الجنرال إيغور كاروبوف أن عدد أفراد مجموعة عصابة “هيئة تحرير الشام” نحو 25 ألف مقاتل. “في الوقت الراهن، توحد أكثر من 70 مجموعة، ومن ضمنهم من المعارضة التي كانت تقول عن نفسها إنها معتدلة”، أوضح الجنرال.

أصبحت (جبهة النصرة) -وهي تنظيم محظور في روسيا الاتحادية- نواةَ الاتحاد الجديد الذي يعمل في عدة محافظات: حلب، إدلب وحماة، وكذلك بالقرب من العاصمة دمشق. يجري كل هذا في مناطق غرب سورية، بينما يركز الجيش السوري والقوات الجوية الروسية جهودهما، في محيط مدينة دير الزور شرقي البلاد.

من بين الـ 25 ألف مقاتل التابعين لـ “هيئة تحرير الشام”، يوجد 9 آلاف إرهابي، يحاولون الآن السيطرة على كامل محافظة إدلب “محمية” الإسلاميين. وسبق للتنظيم الاستيلاء على مركز المحافظة مدينة إدلب، في نهاية شهر تموز/ يوليو. وفي الوقت الحالي، تقوم “هيئة تحرير الشام” بخنق “المعتدلين” في المحافظة، في حين ينتقل الجزء المتطرف من “المعارضة المعتدلة” إلى القتال تحت راية الهيئة.

من يرأس “الهيئة السوداء”؟

رئيس “الهيئة” أبو جابر الشيخ، سبق أن انتقل من صفوف الحركة الإسلامية المعتدلة حركة “أحرار الشام” الأكثر احترامًا في التحالف المعارض، والتي تتمتع بدعم السعودية تركيا وقطر. ومن المعروف أن قيادة “حركة أحرار الشام”، وافقت على المشاركة في مباحثات السلام في أستانا؛ ما أدى لاحقًا إلى تفتت الحركة.

عُرفت “هيئة تحرير الشام” للمرة الأولى، في شهر كانون الثاني، عندما أعلنت مجلة (TTU) الفرنسية أن: عدة فصائل، كانت على صلة في السابق بـ (تنظيم القاعدة)، توحدت مع ممثلي (جبهة النصرة). ونذكر أن الجبهة قامت، قبل عامٍ وللمرة الأولى، بتغيير اسمها إلى “جبهة فتح الشام”، ولكن الكثيرين، بحكم العادة، ما يزالون يطلقون عليها التسمية القديمة. بعدها تعرضت “جبهة فتح الشام” للهزيمة في حلب، وهربت من هناك مع العديد من فصائل المتمردين.

سبق أن أعلنتُ لصحيفة (فزغلياد) بمرور الوقت، انضم للتحالف الجديد (هيئة تحرير الشام) العديد من الفصائل: لواء “نور الدين الزنكي” (الذي أكثر ما يُذكر به هو مقطع الفيديو الذي يُظهر عملية إعدام طفلٍ)، “جيش السنة”، ” لواء الحق”، “جبهة أنصار الدين”، وكذلك قسمٌ كبير من فصائل ومجموعاتٍ صغيرة أُخرى، كانت تنضوي تحت راية “حركة أحرار الشام” المعتدلة.

في شهر آب/ أغسطس، أظهرت “هيئة تحرير الشام” نفسها بقوةٍ في الاقتتال الدامي بين المجموعات في محافظة إدلب، عندما اتهمت “جبهة النصرة” أكثر المجموعات المعتدلة بالتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية وتركيا، وقامت بمهاجمتها.

قُسّمت المجموعات المسلحة المتناحرة مع بعضها البعض، شرطيًا، إلى ” السود” و”الخضر”، بحسب ألوان الرايات التي ترفعها. وقد جمعت “هيئة تحرير الشام” تحت راياتها الفصائل “السود” التي تتميز بموقفها المتصلب.

تحدث لصحيفة (فزغلياد) عضو مجلس الدوما السابق، مديرُ مركز دراسة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى سيمون باغداساروف، فقال: “بشكلٍ رئيسي، إن “الهيئة” هي عبارةٌ عن هيكليةٍ، تدعم أيديولوجيا تنظيم (الإخوان المسلمين)، وتخضع لسيطرة الأتراك. وقد التف حولها المجموعات التي لا تعترف بالتهدئة. حتى الآن، عملت الهيئة على إخضاع بقية المجموعات لهيمنتها، والآن تواجهها المجموعات التي وقّعت معنا اتفاقات سلمية في أستانا. وهيئة تحرير الشام تنظيمٌ جدي، وعد بمتابعة القتال”. والخبير على ثقةٍ، بأن تركيا لن تتدخل في المستقبل القريب في أحداث إدلب، كي لا تدخل في مواجهةٍ مباشرة مع “الهيئة”.

 “محمية” للمتمردين بدلًا من منطقة خفض التصعيد

نذكر أنه يجب إقامة واحدة من مناطق خفض التصعيد الأربعة في محافظة إدلب، بحسب الخطة التي تم الاتفاق عليها بقرارٍ مشترك من قبل روسيا، إيران وتركيا، وتم تحديدها أكثر خلال لقاء بوتين وترامب. إلا أن “هيئة تحرير الشام”، قامت بالاستيلاء على إدلب في اللحظة التي سرت فيها إشاعاتٌ عن اتفاقٍ روسي-تركي على إدخال قواتٍ إلى المنطقة. وأعلن قادة “هيئة تحرير الشام” أن إقامة مناطق خفض التصعيد أمرٌ “حرامٌ شرعًا”، وأن المشاركة في أي مفاوضاتٍ بهذا الخصوص تساوي “التخلي عن الجهاد”. وأضافوا أنهم لن يقبلوا بأي وسيط في المفاوضات، بما في ذلك المملكة العربية السعودية.

وكما يذكر رئيس قسم نزاعات الشرق الأوسط في معهد التطوير الإبداعي أنتون مارداسوف، فإن خرق التهدئة الذي جرى في أثناء مباحثات أستانا، في شهري آذار ونيسان، كان في كثير من الأحيان، بسبب استفزازاتٍ قامت بها الهيئة. “إنهم من أعلنوا الهجوم، على خلفية الهجمات والهجمات المضادة التي شنتها القوات الحكومية، والهجمات على مواقع مجموعات المعارضة المعتدلة. وبالنتيجة، اضطُرت هذه المجموعات إلى الانضمام إلى “الهيئة”. كانت عمليات مركبة. والآن لا يوجد في إدلب أي مواجهاتٍ، ولكن المواجهات مستمرة على قطاعاتٍ أخرى، بين الهيئة والمجموعات المعتدلة”، قال الخبير لصحيفة (فزغلياد).

يقترح مارداسوف استغلال عدم تجانس الحركة الجديدة ومحاولة تفتيتها من جديد؛ الأمر الذي يتطلب من روسيا وتركيا القيام حاليًا بعمليات دقيقة في المناطق التي تخضع لسيطرة “الهيئة السوداء”، وأنْ تقوم القوات الحكومية بهجوم موازٍ، على أطراف تلك المناطق من الشمال والجنوب.

تابع مارداسوف: “هناك عددٌ من الفصائل المعتدلة التي دخلت في تحالفٍ مع الهيئة لأسبابٍ اضطرارية، وليس انطلاقًا من قناعاتٍ أيديولوجية، يمكن أن تنسحب من الهيئة في هذه الموجة. قد تكون مثل هذه العملية هي الأكثر حكمةً. أما القيام بعمليةٍ واسعة النطاق؛ فسيؤدي إلى تعزيز وضع” القاعدة” من جديد، بالإضافة إلى العدد الكبير من الناس الذين سينزحون على خلفية المعارك التي ستنشب في المحافظة. وهذا أكثر السيناريوهات غير المرغوبة”.

في الوقت الراهن، ما يزال من المبكر الحديث في سورية عن نصرٍ كامل؛ فالمتمردون لا يزالون يتلقون الدعم من الخارج، الأمر الذي تشير إليه، على نحو غير مباشر، تصريحاتُ الجنرال كوروبوف: “وبهذا، بدأ المتمردون باستخدام أحدث الأسلحة، ويستخدمون، كما في السابق، وسائل الصراع الإلكترونية والمواد السامة، ويستخدمون طائراتٍ بدون طيار للاستطلاع والهجوم”.

اسم المقالة الأصلية Сирийские боевики собирают многотысячную группировку كاتب المقالة ديانا دونيتش- ميخائيل موشكين مكان وتاريخ النشر صحيفة فزغلياد. 25 آب 2017 رابط المقالة https://www.vz.ru/world/2017/8/25/884328.html ترجمة سمير رمان


المصدر