الجبهة الوطنية التقدمية
5 أيلول (سبتمبر - شتنبر)، 2017
فوزات رزق
على الرغم من أن صديقي أبا جهاد عضوٌ في أحد أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية؛ إلا أنه دائم التندر بدور الجبهة التزييني في السلطة السورية. فتارة يصفها بالكورس الذي يردد خلف سميرة توفيق: “رفّ الحمام يا مغرب يا دادا”. وتارة يصفها بحامل أختام الملك قائلًا: “رفقتنا مع حزب البعث مثل رفقة بو نمر مع عبد الله باشا”.
أقول له ما حكاية هذه الرفقة، يا أبا جهاد؟ يقول:
– كان أبو نمر يلازم عبد الله باشا مثل ظله، فإذا دُعي عبد الله باشا إلى وليمة أو فرح؛ اعتبر أبو نمر أن هذه الدعوة تكريم له شخصيًا فيرافقه، وربما حمل له عباءته، ويبدأ بالمديح والثناء: الله يطوّل عمرك يا باشا.. الله يديم لنا إياك يا باشا.. فاتح عيننا يا باشا”. ولا يسكت حتى يقول له الباشا: فهمنا. خلص عاد.
عندما سمعته يتحدث عن دور الجبهة بهذه السخرية، سألته:
– أبا جهاد ما دمت مقتنعًا بأن الجبهة عبارة عن ديكور في بيت السلطة، كما تقول، وكورس يردد أناشيد الولاء والمدح والثناء؛ فلمَ لا تعلنون انفكاككم وبراءتكم من هذا التزوير الذي يُمارس على الشعب السوري؟ أجابني أبو جهاد إجابة غير مباشرة قائلًا:
– مرة؛ دخل حرامي على أحد البيوت كي يسرق، فشاهده ابن صاحب المنزل، فصاح بوالده يخبره: بابا في حرامي. فقال الوالد لابنه: امسكه يا ابني. فقال الصبي: لا أستطيع. قال الأب: إذًا اتركه وتعال. فقال الصبي: هو يقبض عليّ ولا يتركني. يعني بالمشرمحي العملية مزدوجة الدوافع. قلت له:
– كيف يعني؟ قال:
– يا صديقي -وأنت العارف- أولًا السلطة تتغاوى بهذه القوى التي تسميها تقدمية. كيف ستقنع العالم أن النظام السوري نظام تقدمي ما شاء الله، لا يستأثر بالسلطة؟ يرمي لهذه القوى التقدمية العظام، كي تسكت عن ممارساته التي يرتكبها بحق الشعب السوري. ومن جهة ثانية، فقياداتنا -والحمد لله- جاهزة لرفع الأصابع العشر، ما دامت السيارة والمكاسب الأخرى مؤمّنة. يعني بالمختصر المفيد حضورنا بالجبهة مثل عزيمة الـ…. على العرس؛ للركوب وحمل الأمتعة!
ويسترسل أبو جهاد في سخريته وحديثه عن علاقة الجبهة بالسلطة القائمة، فيقول لي:
– أستاذ! ألم تسمع بحكاية “أحمد معهن، يا بعدي”؟ فأقول له:
– هات أسمعنا. فيقول:
– أحمد ابن أرملة. ربته أمه بعد وفاة أبيه على الحسنات؛ وما إن كبر واشتد عوده حتى انضم إلى عصابة من الصبيان تسرق البيض من أخمام الدجاج، والعنب من الكروم. إلى أن صار خبر العصابة على كل شفة ولسان. وكانت المرأة المسكينة، عندما تسمع سيرة هذه العصابة، تشعر بالفخر معتقدة أنهم يقومون بعمل بطولي؛ فتعقب على الحديث قائلة: “يقبرني، أحمد معهن يا بعدي”.
ويختم أبو جهاد حديثه عن الجبهة بالحكاية التالية:
في أحداث الألفين التي دبرت السلطة فتنتها، بين أهالي السويداء والعشائر، أردنا أن نساهم في تهدئة الأمور؛ فخرجت أنا وأمين فرعنا نستطلع الأخبار، كي نكون في قلب الحدث، وكان طريقنا بين الكروم كي نصل إلى مناطق التماس بسرعة، وكان أمين الفرع يشكو من ضعف البصر، ونتيجة السرعة واللهفة والحرص على الوصول في الوقت المناسب؛ تعثّر المسكين ووقع، واصطدمت جبهته بحجر؛ فطنبرت جبهته بحجم حبة البطاطا “أصيبت بكدمة وانتفخت”. وعندما عدنا، اتصل بي من دمشق الرفيق صفوان قدسي الأمين العام للحزب، يريد أن أضعه بصورة الوضع في السويداء، باعتباره عضوًا في قيادة الجبهة الوطنية التقدمية، فقال لي:
– كيفك رفيق أبو جهاد؟ قلت: الحمد لله.
– كيف الوضع بالسويداء؟ فقلت له:
– والله يا رفيق صفوان، الأمور لا تبشر بالخير. فقال:
– طيب كيف الجبهة؟ فقلت له ضاحكًا:
– والله الجبهة مطنبرة يا رفيق. قال:
– كيف يعني مطنبرة؟ قلت:
– أقصد جبهة الرفيق أمين الفرع. أما الجبهة الوطنية فهي على حطة إيدك والحمد لله.
[sociallocker] [/sociallocker]