نيوزويك: المُصالحات تنظّف ثوب النظام من الدم السوري




اعتبرت مجلة نيوزويك الأميركية أن التسويات أو المصالحات الزائفة التي يفرضها نظام الأسد على بعض المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة تمنحه نهاية المطاف انتصاراً سهلاً.

ونشرت المجلة مقالا للكاتب فراس حنوش قال فيه إن العامين الماضيين شهدا عدداً كبيراً من التسويات المخادِعة بين “النظام السوري” والمعارضة، وهي التي يصفها النظام بأنها اتفاقات “المصالحات الوطنية” التي تقود الجانبين إلى حلول وسط تخلصهما من معارك الاستنزاف الوجودي.

وأضاف الكاتب أنه لتحقيق هذه التسويات فإنه ينبغي الدخول فيها بحسن نية، لكن مصطلح “المصالحة الوطنية” في سوريا يستخدم للإشارة إلى العودة إلى حكم آلة رئيس النظام بشار الأسد القاتلة، وأشار إلى أنه يتم غالباً فرض هذه الاتفاقات بعد قصف المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة وحصارها وتجويع الأهالي.

واستدرك بأن نظام الأسد يرتكب جرائم الحرب وأنه يرى أنه يمارس سلطاته كدولة ذات سيادة في مواجهة مجموعات خارجة على القانون، الأمر الذي أسهم في جعل هذه المصالحات تجري بصورة هزلية.

بالإكراه

 وأوضح الكاتب أن هذه التسويات تتم بالإكراه، وأن النظام والمليشيات الموالية له يقومون بها بدعم من القوات الروسية والإيرانية، وأن النظام يستخدم هذه المصالحات كأداة من أجل استعادة السيطرة على مساحات جغرافية كان قد خسرها في فترات سابقة.

وتتضمن هذه المصالحات -وفق الكاتب- أبعاداً أخطر على سوريا والشرق الأوسط الذي يتمزق بفعل الصراع الطائفي.

وأوضح حنوش أن هذه الصفقات يمكن أن تصبح نموذجاً مقبولاً دولياً وطريقة لانتهاء الصراع السوري، مما يسهم في تنظيف ثوب نظام الأسد من الدم السوري ويعفيه من جرائم سحقه للمعارضة الشعبية.

وأضاف أن هذه الصفقات تشمل أيضاً تغييراً مدمراً للمجتمع السوري من خلال عمليات إجلاء الأهالي عن مناطق سكناهم بالكامل، كما جرى في أماكن عديدة مثل حمص ودمشق وريف حلب.

ويستخدم النظام ومؤيدوه هذه التكتيكات -والكلام للكاتب- من أجل تعزيز سيطرته على “سوريا المفيدة” وحيث يقوم النظام بتجنيد أبناء هؤلاء السكان لاحقاً بشكل قسري في جيشه.

مستفيدون

وتسببت عمليات الحصار والتهجير بسوريا في تغيير التركيبة السكانية للبلاد حيث بات أكثر من نصف سكان سوريا بين لاجئ في الدول الأخرى أو نازح داخل سوريا.

وتتخذ الاتفاقات التي يبرمها نظام الأسد مع المناطق الخاضعة للمعارضة شكلاً موحداً تقريباً، حيث يتم من خلالها إخراج من لا يرغب بـ “المصالحة” خارج المنطقة المستهدفة باتجاه الشمال السوري.

فيما يبقى الموافقون داخل بيوتهم مقابل “تسوية أوضاعهم” مع السلطات الأمنية، وإعطاء مهلة ستة أشهر للمطلوبين للخدمة العسكرية في قوات النظام أو الفارين منها لترتيب أمورهم.

وتحدّث الكاتب في مجلة نيوزويك بإسهاب عن دور هذه الصفقات في تعزيز النفوذ الروسي في سوريا والمنطقة، وذلك لكون موسكو تُعتَبر الضامن لهذه الصفقات الزائفة، وبالتالي قيامها بالحفاظ على الأسد في السلطة بدعوة أنه يواجه “المجموعات الجهادية”.

كما تحدث عن إخلاء مناطق مثل مضايا والزبداني في ريف دمشق من سكانها، وعن نقل المدنيين الشيعة في كفريا والفوعة من شمالي البلاد إلى مناطق سيطرة النظام في ما عرف باسم “اتفاقية المدن الأربع”، وعن سيطرة النظام على حلب آخر العام الماضي.

وقال أيضاً إن عمليات إخلاء السكان تتم تحت إشراف الحرس الثوري الإيراني الذي يحاول وصل المناطق الممتدة من حدود أفغانستان وعبر العراق إلى البحر المتوسط.

مخاطر

ونبّه الكاتب إلى أنه في حال لم تقف أميركا وحلف شمال الأطلسي (الناتو) في وجه التوسع الإيراني فإن العالم سيكون أمام دولة إيرانية بمكاسب سياسية هائلة تسيطر على مساحات شاسعة جغرافياً وتكون غنية بالموارد النفطية وعلى طريق تجاري بحري بالمنطقة.

وانتقد الكاتب سياسة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب في سوريا التي لا تزيد عن تركيزه على مواجهة تنظيم “داعش”، دون وجود خطة لإعادة إعمار المناطق التي تتم استعادتها من سيطرة التنظيم.

وأشار إلى أن كل هذه الأوضاع تؤدي نهاية المطاف إلى أن يفرض النظام وحلفاؤه حلولهم العسكرية على الأرض في سوريا.




المصدر