بالأرقام.. النساء في سوريا أكثر ارتكاباً للجرائم من الرجال
5 أيلول (سبتمبر - شتنبر)، 2017
خلصت محاكم النظام في العاصمة السورية دمشق، إلى أن الجرائم التي ارتكبتها النساء في سوريا فاقت ما ارتكبه الرجال.
ودخلت المرأة السورية معظم ميادين الحياة، وتوسّع دورها خلال سنوات الثورة سواء داخل أو خارج سوريا، وباتت تشترك مع الرجل في معظم تفاصيل الحياة اليومية، غير أن الغريب كان أن ينسحب ذلك أيضاً على الجرائم.
10 أضعاف
وفقاً لإحصائيات نقلتها صحيفة “الأيام” المقرّبة من النظام عن المحامي العام الأول في القصر العدلي ماهر العلبي، فإن نسبة مساهمة المرأة في الجريمة بسوريا تجاوزت في بعض المحاكم خمسين بالمئة خلال فترة “الحرب”، بعد أن كانت لا تتجاوز خمسة بالمئة قبل “الحرب”.
ففي محكمة “بداية الجزاء” بدمشق، بلغ عدد الدعاوى المقدّمة ضد نساء في عام 2017، نحو 2511 دعوى من أصل 4500 دعوى، بنسبة 55 %، وتتضمّن دعاوى هذه المحكمة “النشل، احتيال، افتراء، تزوير، دعارة، تهديد بالقتل، إساءة أمانة، التسول، خرق حرمة منزل، آداب، انتحال هوية الغير، إفادة كاذبة، إجهاض، سرقة، سكر علني، التعاطي، ترك العمل، مخالفة بناء، الخروج من القطر بصورة غير شرعية”، وفقاً للصحيفة.
أما في محكمة “صلح الجزاء” التابعة للنظام، فبلغ عدد الدعاوى الكلي منذ مطلع عام 2017، 2613 دعوى، منها 1045 دعوى مقامة ضد نساء، وتضمّنت الدعاوى جرائم “السرقة، سرقة الكهرباء، الاحتيال، جرم التسول والتشرد، السكر العلني، جرم الإقامة غير المشروعة، جرم الإيذاء، تهديد بالسلاح، الذم والقدح، مخالفة أوامر إدارية، الافتراء، ومزاولة مهنة”، لتكون النسبة 40% من مجمل الدعاوى.
وفي محكمة الجنايات بلغ عدد مجمل الدعاوى 1221 دعوى، بينها فقط 50 دعوى ضد نساء بمعدّل أقل من 5%، وتتضمّن دعاوى “المخدرات، السلب بالعنف، ترويج عملة مزيفة، الإيذاء المفضي إلى عاهة، التزوير، الاعتداء الذي يستهدف منع السلطات من ممارسة الدستور، القتل، إبعاد قاصر عن سلطة وليه، الإتجار بالأشخاص”، بحسب البيانات التي نقلتها الصحيفة.
مكشوفة وغير مكشوفة
هذه الإحصائيات عرضناها على محامٍ مقيم في مناطق النظام، فكان ردّه أن النسبة متوقّعة وبقوّة، ولا سيما مع تغيّر التعامل القانوني مع الجرائم.
وقال المحامي ـ الذي لم يفصح عن هويته ـ لـ “صدى الشام”: ” في القانون هناك عرف اسمه الجرائم المكشوفة وغير المكشوفة، وإن جرائم الرجل غالباً ما تكون مكشوفة في حين أن جرائم المرأة لا تكون في معظم الأحيان مكشوفة”.
وأضاف: “نحن كقانونيين نعرف جيّداً أن نسبة ارتكاب المرأة للجرائم أكبر من نسبة الرجل في أحيانٍ كثيرة، ولكن على الرغم من ذلك لا نعتمد هذا الرأي لأننا لسنا قادرين دائماً على كشف جرائم المرأة، كونها غير مكشوفة ولا يمكن الوصول إليها كما هو الحال في الجرائم التي يرتكبها الرجل”.
وشرح المحامي أن الرجل على سبيل المثال يرتكب جرائم يتم كشفها، كالقتل أو الشجار في الشارع أو السرقة أو التشليح وغيرها من الجرائم التي يمكن كشفه من خلالها، مشيراً إلى أن هذا الأمر لا ينطبق على المرأة، فهناك جرائم الإيذاء والإجهاض والدعارة وتسيهل الدعارة وجرائم قانون الأحوال الشخصية المختلفة التي تجري داخل العائلة”، وأضاف: “غالباً لا يستطيع القانون الوصول إلى هذه الجرائم، ولكن مهما كان فإنّ توصيفها القانوني في نهاية المطاف هو جريمة ولا يمكن استثنائها من الإحصائيات”، معتبراً أن “طبيعة المجتمعات الشرقية التي تكون المرأة مغلقة فيها بضوابط المجتمع، تكون جرائمها أيضاً مغلقة وصعبة الوصول”، على حد قوله.
دور المجتمع
أدى ارتفاع نسبة مشاركة المرأة في ميادين الحياة وفي أدوار أخرى إلى مساهمتها في الجريمة بشكل أكبر، هذا ما لفتت إليه الباحثة الاجتماعية دانيا منصور، التي وصفت الأرقام الأخيرة ضمن الإحصائيات المنشورة بـ “الطبيعية”.
وأضافت منصور لـ “صدى الشام”، أن نسبة الجريمة ترتفع في أي بلد وفقاً للأنشطة الاعتيادية، مشيرةً إلى أنّه في الأنظمة القمعية جداً تكاد نسب الجريمة تكون معدومة بسبب انعدام حرية الرأي ووضع الشعب في كبتٍ دائم، وهو ما كان ينطبق على سوريا قبل الثورة، حيث أدّى إحكام نظام الأسد لقبضته الأمنية إلى انعدام كل شيء في المجتمع مثل حرية الرأي والتعبير والأنشطة المدنية وحتّى الجريمة.
وتُشير الإحصاءات إلى أن نسبة النساء اللاتي أصبحن يُعِلنَ أسرهنَّ أصبحت 25% من مجمل المجتمع السوري، وهذه المشاركة لا تجعل المرأة بمنأى عن الجرائم لأنها أصبحت مختلطة في المجتمع أكثر من ذي قبل، وفقاً للباحثة “منصور”.
ونوّهت إلى أن الدخول غير المدروس للمرأة في ميادين الحياة، والتي فرضها الوضع السوري ونقص الشباب أدّى إلى رفع نسبة ارتكابها للجرائم، داعيةً إلى مزيد من التأهيل في الحياة للناس اللاتي يرغبن في العمل والاختلاط أكثر في المجتمع، وشدّدت أيضاً على أن ما يُسمّى بجريمة في القانون ليس شرطاً أن يكون جريمة حقيقية ولها أثرها، فهناك الخلافات التي تجري داخل الأسرة والتي تُعتبر جريمة إذا ما أثّرت على مسارها ومسار الأولاد فيها.
[sociallocker] [/sociallocker]