نظام الأسد يوغل في دماء فلسطينيي سورية


نسرين أنابلي

ذكرت “مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية”، في تقرير لها، أن “عدد الضحايا من الفلسطينيين، منذ بدء الأحداث في سورية وحتى أيلول/ سبتمبر 2017، بلغ 3571، بينهم 462 امرأة”. وأشار التقرير إلى أنّ نقص الرعاية الطبية والغذاء تسبب بموت 198 لاجئًا ولاجئة من الفلسطينيين، أغلبهم من مخيم اليرموك جنوب العاصمة دمشق المحاصر منذ 1089 يومًا. أما المعتقلون في سجون النظام من الفلسطينيين، فقد بلغ عددهم 1633، بينهم 103 امرأة.

لفت التقرير أيضًا إلى أن إجمالي عدد الفلسطينيين في سورية يزيد عن 600 ألف نسمة، نزح قسم كبير منهم من مخيماتهم؛ بسبب الدمار الكبير الذي لحق بها، إضافة إلى هجرة قسم منهم إلى دول الجوار وأوروبا، كما وصل قسم آخر إلى قطاع غزة في فلسطين.

يرى المحامي أيمن أبو هاشم عضو (تجمّع مصير) أن “التقرير سلط الضوء على استمرار النظام في سياسة التنكيل بالفلسطينيين؛ إذ إنه يفضح دورَ المرجعيات الدولية في السكوت عن قتل النظام للاجئين الفلسطينيين في سورية، حيث يُفترض أن يكون للاجئين الفلسطينيين وضع خاص، من حيث الحماية”.

حمّل أبو هاشم، في حديث خاص لـ (جيرون) “الفصائل الفلسطينية المسؤولية عن استمرار انتهاكات نظام الأسد، سواء بصمتها أو بتواطئها معه، لتمرير هذه الجرائم، دون أي موقف جدّي يعبر عن مسؤوليتهم، تجاه الشعب الفلسطيني”.

فلسطينيو سورية -كباقي السوريين- تأثروا كثيرًا بالحرب الدائرة في البلاد، منذ ست سنوات وحتى الآن، ولم يقتصر الأمر على القتل والتعذيب والتهجير فحسب، بل وصل إلى تقييد التحرك وفرض شروط على العائدين لمنازلهم، كما حصل مؤخرًا في “مخيم سبينة” (14 كيلومترا جنوب دمشق).

منذ أن استعادت قوات النظام السيطرة على بلدة سبينة عام 2013، منعت الأهالي من العودة إلى منازلهم، ومؤخرًا فرض النظام السوري بطاقات دخول على كل من يرغب في العودة إلى منطقة سبينة، ومخيمها بريف دمشق.

يتطلب الحصول على البطاقة إحضار دفتر العائلة والبطاقات الشخصية لجميع أفرادها، وفاتورة كهرباء جديدة، إضافة إلى بيان ملكية للمنزل، وفي حال وجود شخص مفقود من العائلة، يجب إحضار صورة عن ضبط من أحد مخافر الشرطة في المنطقة، يوضح حيثيات فقده.

يفرض النظام شروطه (التعجيزية) رغم معرفته أن معظم أهالي المخيم غادروا بيوتهم بشكل عشوائي، بما عليهم من ثياب، هربًا من الموت؛ لذلك فقد معظمهم كل أوراقه الثبوتية أو القيود العقارية؛ الأمر الذي يَحول -مع هذه الشروط- دون عودتهم إلى منازلهم.

الناشط الفلسطيني أحمد عزام قال لـ (جيرون): إن “خصوصية مخيم سبينة تكمن في موقعه، قرب مناطق يغلب عليها حاليًا الوجود الشيعي؛ لذلك من المهم للنظام أن يضبط منطقة مخيم سبينة أمنيًا، وهذا يتطلب حتمًا فرض استخراج بطاقة دخول مسجّلة لدى الأمن، على كل من يرغب في العودة.

يعتقد الكثيرون أن الهدف من وراء فرض النظام لهذه البطاقات على الأهالي وإعطائها أرقامًا تسجيلية موافق عليها من قبل أجهزة أمن الأسد، هو خطوة لاعتقال المطلوبين للأمن والمتخلفين عن الخدمة الإلزامية في “جيش التحرير الفلسطيني”. إلا أن عزام يرى أن الموضوع لا يقتصر على ذلك فحسب، ويرى “أن النظام يسعى لـ (فلترة) سكان المنطقة، واستبعاد الفئات غير المرغوب فيها، لأنه ببساطة لن يذهب أي شخص، لديه مشكلة أمنية أو ملاحق، للتقدم بطلب الحصول على هذه البطاقة؛ وبالتالي فإن هذه العملية وسيلة من أجل الإبقاء فقط على الأشخاص غير الملاحقين”. ويضيف: “حتى لو كان النظام يسعى للقبض على المطلوبين، من خلال هذه البطاقة، فهو بهذه الطريقة يسرّع من وتيرة ملاحقتهم على نحو أكبر”.

جدير بالذكر أن عدد سكان مخيم سبينة -حسب إحصاء أجرته (أونروا) عام 2012- يبلغ 24298 نسمة. نزح أغلبهم منذ نحو 3 سنوات، بسبب الاشتباكات بين قوات النظام وفصائل المعارضة، وسيطرت قوات النظام على المخيم، أواخر 2013.




المصدر