“المنتخب الوطني”.. انقسام جديد للسوريين


جيرون

بيرقدار: إنه منتخب “البراميل”.

البلخي: انقسامنا حول المنتخب يعيد أسئلة الثورة.

منصور: نريد أن نسترد الدولة.

صطيفو: المنتخب لم يكن وطنيًا في السابق.

الأحمد: إنهم شهود زور.

الخطيب: يجب ألا نعطي فرصة احتكار المنتخب للموالين.

شهدت الساحة السورية، في الأيام القليلة الماضية، انقسامًا جديدًا، حول تشجيع المنتخب السوري في مباراته نحو تصفيات كأس العالم، والتي جرت في إيران، وحفلت مواقع التواصل الاجتماعي بنقاشات ساخنة حول هذه القضية، تفاعلت نيرانها وتشابكت خطوطها؛ بعد تصريحات لاعبين في المنتخب، وانخراط إعلام النظام في ميادين المناكفة وتسويقه للمنتخب السوري وأنشطته الرياضية، كجزء من معركة النظام ضد السوريين أو ما يسميه “الحرب على المؤامرة”.

آراء السوريين تباينت حول القضية وتعددت؛ بعضهم أيّد المنتخب السوري رغم مواقفه المعارضة، وقال إنه يجب التمييز بين النظام ومؤسسات الدولة التي يعدّ المنتخب الوطني جزءًا منها. بينما رفض آخرون هذا التمييز، وأكدوا أن المنتخب قَبِل اللعب تحت اسم الأسد الذي غيّب زملاء رياضيين لهم في السجون وقتلهم تحت التعذيب؛ وبالتالي صار المنتخب مثالًا لنظرية التجانس التي أعلن عنها بشار الأسد، في خطابه الأخير، فالمنتخب -بحسب رأيهم- يمثل السوريين المتجانسين، وليس عموم السوريين. تشظي مواقف السوريين عززه موقف آخر، يرى أن فصل المنتخب الوطني عن النظام الحاكم، بالرغم من كل محاولات ربطه به، أمرٌ أساسي، وأنه استمرار لأسئلة الثورة، وأسباب قيامها في استعادة الوطن من النظام.

أسئلة الثورة

المعارض مازن البلخي يصف هذا الانقسام بـ “الشرخ العميق”، ويرى أن في طياته أبعاد سيكولوجية لعب فيها الدم المراق طوال سنوات دورًا محوريًا، يقول: كلمة “منتخب” في اللغة تعني “المنتقى” من كل شيء، ولا أعتقد أن فريق سورية منتخبًا، وأكثر من ثلاثمئة رياضي تم قتلهم بيد النظام السوري، إنه المنتخب الذي رفع على قميصه الرياضي صورة بشار الأسد، بالتأكيد إذا تأهل هذا الفريق إلى كأس العالم؛ فسوف يتم استثمار هذا الحدث على أنه من “إنجازات الأسد راعي الرياضة والرياضيين”. يضيف: العاطفة تجنح إلى أن أشجّعهم في الوصول للنهائيات، والعقل يمنطق الأمور، إنه يمنع ذلك، لا لفريق لا يمثل السوريين بكل فئاتهم، لا لمنتخب من المتجانسين، كما أعلن الأسد، نعم لمؤسسات وطنية في الرياضة والزراعة والسياسة والسيادة، مؤسسات تمثل السوريين ورؤاهم، ليست مؤسسات منهوبة وتسرق نجاحاتها لصالح عائلة الأسد. هذه هي أسئلة الثورة، باعتقادي.

إدانة أخلاقية

عبد الوكيل بيرقدار لاعب كرة قدم سابق، له مقالات سياسية منع على إثرها من الدخول إلى سورية، يصف المنتخب السوري بأنه “منتخب براميلي” كمؤسسة، ويقول: مع تفهمي لبعض اللاعبين الذين ربما لا يحملون إلا العداء ضمنيًا لإيران والنظام عمومًا، لكن مشاركتهم في المنتخب إدانة أخلاقية لهم، عليهم تحمل نتائجها، من قبل الشعب السوري الذي نال الويلات والدمار والقتل، ممن يرتدون قميصه ويجلسون تحت صورته بخوف، يضيف بيرقدار: “لا أتمنى وصول المنتخب إلى كأس العالم، هذا سينعكس إيجابًا على النظام اللاحم، مهما كانت المغريات والمبررات؛ فإن العملَ على إظهار النظام المجرم بصورته الحقيقية، وعدم الانخراط في التسويق له، هو واجب وطني وأخلاقي، الصورة الحقيقية لهذا النظام هي الدمار والقتل والتشريد والاعتقال، وتنكيد عيش السوريين فقط”.

فرصة الموالين

من جهة ثانية، يقول المعارض أسامة الخطيب: أنا مع المنتخب السوري، لأنه يمثل سورية، العديد من اللاعبين غير مؤيدين للنظام، وجميعهم سوريون، هناك الكثير من السوريين تحت حكم النظام، فهل هؤلاء جميعهم من المؤيدين له! المنتخب الوطني كما كل مؤسسات دولتنا هي ملكنا، وليست للأسد أو للنظام، هذا فريقنا وهؤلاء لاعبونا، وعلينا تشجيعهم وعدم إعطاء الموالين فرصة لاحتكار هذا المنتخب وانتصاراته.

تحيات اللاعبين

نزار الأحمد، تشكيلي ومعتقل سابق، يتساءل: كيف أؤيد هذا المنتخب؟! بعض أفراد المنتخب جاهروا بمواقف سياسية سابقة متماهية مع النظام ومع رئيسه، ووجهوا التحية له، طبعوا صوره على قمصانهم الرياضية، في أحد المؤتمرات الصحفية، وبالتالي لا يمكن فصل المنتخب عن النظام في سورية، حتى إن تحركت بعض المشاعر المتعاطفة ضمن جمهور الثورة مع المنتخب السوري، وبحثها عن لحظة فرح مشروعة، اعتقدت أن منتخب النظام قد يوفرها لها تحت المانشيت الفضفاض “المنتخب السوري”، ويشدد الأحمد على أنه ضد تسمية الفريق بـ “المنتخب السوري” والذي يحمل علم سلطة، قتلت من السوريين نحو مليوني شهيد، كما قتلت في معتقلات التعذيب لاعبي كرة قدم ورياضيين.. انظر كيف ربطوا -عبر إعلامهم- المنتخبَ، بما يحدث الآن في دير الزور، إنهم شهود زور.. المنتخب له دور وظيفي فقط، إنه أداة وظيفية لتلميع النظام.

استرداد الدولة

بدر منصور، معارض سوري مستقل، يرى أن استرداد الدولة من الأسد يعني أن تكون في مكانها الطبيعي، بعد أن قام باغتصابها والهيمنة على مؤسساتها؛ وبهذا يدافع عن موقفه المؤيد للمنتخب السوري، لأنه منتخب سورية وجزء من الدولة، بحسب قوله، وليس جزءًا من السلطة، ويقول منصور: “إن مؤسسات الدولة مغتصبة من قبل هذه السلطة”، وعلينا أن نعمل لاستردادها لترجع الى مكانها الطبيعي، هذا الفرق بيننا وبين النظام، نحن نريد أي شي لصالح الوطن، وهو يريد كل شيء باسمه، حتى الوطن”.

منتخب المتجانسين

..

يرى جورج صطيفو الناشط في المجتمع المدني أن المنتخب لم يمثل يومًا سورية والسوريين. بل مثّل على الدوام منتخب الفساد والوساطات، ومنتخب “المتجانسين”، بحسب مفهوم الأسد: “لطالما حُرم أبناء الجزيرة والمحافظات الشرقية من المشاركة في المنتخب، فقط لأنهم مسيحيون أو أكراد أو سريان آشوريين”. يضيف صطيفو: “هذا المنتخب لم يكن يمثلني في الماضي حتى يمثلني اليوم، إن هذا المنتخب مثال حي لنهج التجانس الذي أعلن عنه بشار الأسد، وهذا ينطبق على كافة مؤسسات الدولة. (م.س).




المصدر