السويداء تحت رحمة الميليشيات المتناحرة




إياس العمر: المصدر

تنتشر الميليشيات الموالية للنظام في مختلف مدن وبلدات محافظة السويداء، وكان لهذه الميلشيات الدور الأكبر في الفلتان الأمني الذي يعم أرجاء المحافظة، فلا يكاد يخلو يوم من عملية خطف أو قطع للطرقات في المحافظة، ويبقى أخطر مافي الأمر هو التناحر بين هذه الميلشيات حسب تبعيتها، وهذا ما ينعكس بشكل سلبي على الأهالي في مناطق تواجدها.

التناحر داخل المحافظة

وقال الناشط سامي الأحمد إن الأفرع الأمنية في محافظة السويداء تتصارع فيما بينها، ويتم هذا الصراع عن طريق الميلشيات، فكل فرع أمني في المحافظة يتبنى عدداً من هذه الميلشيات، ويعمل من خلالها على تحقيق مكاسب بأقل الخسائر الممكنة.

وأضاف الأحمد في حديث لـ (المصدر)، أن الأفرع الأمنية لا تريد أن تصطدم بشكل مباشر مع أهالي المحافظة، نظراً لحساسية المحافظة، كما أن كل فرع أمني في المحافظة يعمل على تحقيق الأجندة الخاصة به عن طريق هذه الميلشيات، وهذا السبب الرئيسي في تضارب المصالح بين قادة هذه الميلشيات.

وأشار إلى أن العدد الأكبر من الميلشيات الموالية للنظام في السويداء تتبع لفرع الأمن (العسكري)، ومن هذه الميلشيات (جمعية البستان) بقيادة (أنور كريدي) و(الحزب القومي السوري) بقيادة (باسم رضوان)، بينما تعتبر ميلشيا (الدفاع الوطني) من الميلشيات الغير موالية لفرع (الأمن العسكري) في المحافظة، وقد ظهر ذلك مؤخراً من خلال الحرب الإعلامية والتي أسفرت عن إقالة (مهند جودية) رئيس قسم المعلومات في الميلشيا، وذلك بعد اتهامه بالوقوف خلف الحملة الإعلامية التي استهدفت فرع الأمن (العسكري) والفرقة الرابعة.

فتنةٌ طائفية

الناشط خالد القضماني أكد أن المهمة الأولى لهذه الميلشيات في السويداء هي إشعال الحرب الطائفية بين أهالي محافظتي درعا والسويداء، وذلك من خلال عمليات الخطف والخطف المضاد التي تتم في محافظة السويداء.

وأضاف القضماني في تصريح لـ (المصدر)، أن العام الجاري شهد أكثر من 300 حالة خطف لأشخاص من محافظتي درعا والسويداء، فهذه الميلشيات تقوم بخطف مواطنين من السويداء وبيعهم لعصابات في منطقة (اللجاة) شمال درعا، وبعد ذلك تقوم بعمليات خطف مضاد لنازحي درعا في السويداء.

وأشار إلى أن هذه الميلشيات تعتمد على عمليات الخطف لتغطية نفقاتها، بينما تعمل الأفرع الأمنية في السويداء على تحقيق مكاسب من نوع مختلف وأهمها زيادة الشرخ بين أهالي الجنوب السوري.

ولفت القضماني إلى أن أهالي محافظة السويداء خلال الأشهر الماضية تمكنوا من كشف مخططات النظام التي تتم عبر هذه الميلشيات، وذلك بعد إلقاء القبض على عدد من مجموعات الخطف التابعة للميلشيات الموالية للنظام، فيوم الخميس الماضي 8 أيلول/سبتمبر تمكن أهالي بلدة (قنوات) شرق السويداء من إلقاء القبض على خمسة من ميلشيات بلدة (عريقة) غرب السويداء كانوا يحاولون اختطاف رجل دين، وهم على علاقة بفرع الأمن (العسكري)، وقبلها بأسبوع قامت ميلشيات بلدة (عريقة) باختطاف شاب من مدينة (شهبا) وبيعه لعصابات (اللجاة) شمال درعا مقابل ستة ملايين ليرة سورية.

خارج نطاق المساءلة

وبدوره، قال عمر مزهر، وهو أحد أهالي مدينة السويداء، لـ (المصدر)، إن أفراد هذه الميلشيات هم خارج نطاق المساءلة، وذلك نتيجة ارتباطهم بالأفرع الأمنية التابعة للنظام.

وأضاف أن الأمثلة أكثر من أن تُعد في هذا الإطار، فخلال الأيام الماضية كان هناك مجموعة من الحوادث، ومنها مصادرة سيارة تتبع لفرع المخابرات الجوية في بلدة (قنوات) شرق السويداء، من قبل ميلشيا مرتبطة بفرع الأمن العسكري، وقد اشترط عناصر هذه الميلشيا إعادة أسلحة مصادرة لهم من قبل المخابرات الجوية مقابل إعادة السيارة، وبالفعل حقق عناصر الميلشيا هدفهم.

وأشار مزهر إلى أن عناصر ميلشيا بلدة (عريقة) غرب السويداء قاموا يوم الجمعة 9 أيلول/سبتمبر بقطع طريق دمشق ـ السويداء الدولي وخطف عدد من عناصر قوات النظام، كوسيلة ضغط للإفراج عن خمسة من عناصر الميلشيا كان قد تم اعتقالهم على يد أهالي بلدة (قنوات) وتسليمهم لأحد الأفرع الأمنية في السويداء، وبالفعل تم إطلاق سراح العناصر الخمسة من الميلشيا على الرغم من تورطهم بمحاولة خطف رجل دين.

مصالح اقتصادية

فيصل عزام وهو تاجر من السويداء، قال لـ (المصدر)، إن قادة الميلشيات الموالية للنظام هم عبارة عن وكلاء لقادة الأفرع الأمنية في السويداء، وهم من يتحكمون بأسواق المحافظة التجارية، بالإضافة لأسواق التهريب.

وأضاف عزام أن النظام يُسهّل عمل قادة هذه الميلشيات مقابل مبالغ مالية تُدفع بشكل شهري للضباط، ولا سيما ما يتعلق بتجارة المحروقات، فتجارة المحروقات تحقق المكاسب الأكبر في الجنوب السوري، ولاسيما المحروقات القادمة من مناطق سيطرة تنظيم (داعش).




المصدر