‘فزغلياد: “انتصار” الأسد النهائي، أقرب من أي وقتٍ مضى’
11 أيلول (سبتمبر - شتنبر)، 2017
سمير رمان
الصورة: ميخائيل علاء الدين/ وكالة ريا “نوفوستي”
التحمت طلائع قوات الجيش الحكومي السوري بالوحدات المحاصرة في دير الزور، لتفك الحصار الذي استمر قرابة ثلاث سنوات، وشكّل هذا الإنجاز نصرًا حقيقيًا، ساهمت في تحقيقه القوات الجوية والفضائية الروسية على نحو فعّال. ولكن -للأسف- لم يمر الأمر دون وقوع خسائر في صفوف العسكريين الروس، ويمكن الآن القول بثقة: إنّ نهاية الحرب ليست ببعيدة.
الرئيس السوري بشار الأسد هنّأ قيادة القوات السورية، في دير الزور، بفك الحصار المستمر منذ ثلاثة أعوام. وصرّح خلال مكالمةٍ هاتفيةٍ مع العسكريين: “برهنتم على الصلابة، وأظهرتم المسؤولية أمام الأجيال القادمة. سيسجل التاريخ تضحياتكم، وعلى الرغم من قلة عددكم، قدمتم أغلى ما تملكون في سيبل المواطنين المدنيين”. مثل هذه الكلمات، لم تصدر منه، حتى عند تحرير حلب.
أخذ الهجوم على دير الزور يتطور على نحو متسارع، بعد تصفية الجيوب في مؤخرة القوات الحكومية. وعند صباح يوم الثلاثاء الماضي، اقتربت القوات السورية من المدينة، وأصبحت كل المبررات متوفرة للقول إن ما يسمى المرحلة الأولى من فك الحصار ستنتهي خلال وقتٍ قصير.
تقدمت القوات من محورين: من الشمال عبر الصحراء ومن الجنوب على أوتوستراد تدمر-السخنة-دير الزور. وكانت سرعة الهجوم متساوية مبدئيًا، وكذلك نقاط الوصول إلى المدينة. من الشمال، التقت وحدات الفرقة السابعة عشرة بسرعةٍ مع الفيلق الخامس الذي انتقل عبر الصحراء وحقل النفط “خراطة”، متوقفًا لمدةٍ قصيرة عند قرية طار الصرة، على مرمى النظر من مواقع حامية دير الزور المتقدمة في منطقة القاعدة العسكرية 137. في الصباح، قضمت القوات الحكومية مسافة 500 متر من “تنظيم الدولة الإسلامية”، وأصبحت تفصلها عن فكٍ الحصار مسافة 2.5 كم فقط.
تم إعادة التواصل المباشر بين وحدات العميد عصام زهر الدين الأمامية، وحامية القاعدة 137. غير أن الجهاديين استقدموا إلى المنطقة عند جبل سردة كل ما تبقى لديهم من وحدات المدفعية، بما في ذلك مدافع (الهاوزر). وبنتيجة المعركة الصباحية على هذه القطعة الصغيرة من الجبهة، نشبت مبارزةٌ بالمدفعية مع عناصر حرب العصابات، غير المألوفة كثيرًا في الحرب السورية. وعند منتصف النهار، انشغلت قوات “النمر”، باستخدام المدفعية الثقيلة، بحيث كانت القذائف المدفعية تنهمر كالمطر، ليس على فاصل الـ 2.5 كيلومتر وحسب، بل على مواقع تنظيم الدولة إلى الجنوب من دير الزور، عند سفح ثردة. أتاح استخدام مدفعية (الهاوزر) بعيدة المدى القضاءَ تمامًا على مواقع التنظيم في هذه المنطقة. وأكمل مشهدَ التدمير القصفُ الذي جاء في اللحظة الحاسمة، بصواريخ (كاليبر) التي أطلقتها الفرقاطة الروسية “الأدميرال إيسين”، من البحر المتوسط على مواقع وقواعد “تنظيم الدولة الإسلامية”، في المنطقة.
كانت القوات الحكومية، بلا شك، تتمتع بتفوقٍ ساحق من حيث العدد والعتاد. ولكن الكلمة الفصل، كانت للقوات الجوية الروسية التي كانت تنقض على قوافل العدو المتراجعة، وتدمرها طوال الأيام الماضية، وتواكب باستمرار القوات الحكومية المتقدمة. وبالمناسبة، بعض المدرعات الروسية “فيسترل -97” المطورة على قاعدة المدرعة (كاماز)، كانت تتواجد في المعركة. في بداية العام، لم يكن عدد هذه المدرعات يزيد على 100 قطعة، غالبيتها في القاعدة السابعة في أبخازيا وكذلك، بحوزة وحدات مكافحة الإرهاب (مخصصة لحماية فرق القوى الصاروخية الاستراتيجية). وقد تمكن مقاتلو “تنظيم الدولة الإسلامية” من الاستيلاء على إحداها في تدمر. وتمكن الجهاديون من تشغيلها والتمتع بركوبها، حتى تمكنت القوات الروسية من تنظيم عملية اصطيادٍ حقيقية لاستعادة هذه الآلية. ففي تموز من العام الحالي، شوهدت المدرعة بالقرب من طليلة جنوب تدمر، حيث تم تدميرها. والآن، يتم استخدام هذا النوع من المدرعات، قرب دير الزور، من قبل الوحدات الروسية الخاصة على الأرجح.
على المحور الجنوبي، تمكنت القوات الحكومية من الاقتراب على مسافة 10 كم من النقطة المسماة تقاطع تدمر. وهو عبارةٌ عن منشأةٍ معمارية من البيتون، والآن يمر خط الجبهة الأمامي بالقرب من مقبرة الأرمن التي تم تحريرها بالكامل من الجهاديين. بالإضافة إلى ذلك، تمكنت القوات الحكومية عمليًا من السيطرة على كل المرتفعات المحيطة بالمدينة، باستثناء جبل ثردة. خلال الليل، وردت أنباءٌ عن تمكن حامية دير الزور من الاستيلاء على مقبرةٍ مسيحيةٍ أخرى، تقع قرب المطار، ورُفع العلم السوري على بوابتها الجنوبية.
يعتبر التقدم من محور أوتوستراد تدمر-دير الزور، ذا أهميةٍ استراتيجية أكبر، لأنه يؤمن وصول الإمدادات إلى دير الزور مباشرة، ويتيح المباشرة بتحرير المطار العسكري. ولهذا السبب، كانت تنشط بقوةٍ الطائرات الروسية، لتنزل ضرباتها بمواقع الجهاديين في منطقة البانوراما.
حاول الجهاديون شنّ هجماتٍ معاكسة من جهة جنوب الشرق، ولكن تم صد كل الهجمات. وللأسف، مع خسائر في صفوف القوات الروسية. بالإضافة إلى ذلك، أكدت وزارة الدفاع الروسية، مساء الإثنين، مقتل جنديين روسيين من جراء قصفٍ بالهاون على قافلة سيارات تابعة لمركز المصالحة على طريق تدمر، وقد تم منحهما أوسمة حكومية.
من المحتمل أن يكون القتلى الروس قد سقطوا نتيجة هجماتٍ معاكسة، شنها الجهاديون على أجنحة القوات المتقدمة. وخسر الجانب السوري مدرعة (ب. م. ب) وعدة عرباتٍ أخرى. أما خسائر الإرهابيين فلا أحد يعرفها، ولكنها بالمئات على ما يبدو، وجاءت هذه الخسائر، بفضل الطائرات الروسية بالدرجة الأولى.
في المنطقة الفاصلة، بين القوات المهاجمة، لا يحاول الجهاديون إبداء أي مقاومة، ويتوقع أن يتم بحلول المساء تطهير حقل النفط “المزرعة”، بينما تعتبر المناطق الواسعة إلى الغرب منه مناطق فارغة. وبحسب معلوماتٍ غير مؤكدة، انسحبت معظم قيادة وإدارة تنظيم الدولة بعيدًا إلى الجنوب، باتجاه مدينة الميادين، على مجرى الفرات.
من الجدير بالذكر، أنه على الرغم من الأهمية الاستراتيجية للتحرك على طريق تدمر، عبر البانوراما باتجاه مركز مدينة دير الزور ومن المحور جنوب–شرق، عبر مقبرة المدينة باتجاه المطار، فإن “المرحلة الأولى” من فك الحصار قد أُعلِن عنها، بعد الالتحام مع القاعدة العسكرية 137. وقد يكون الإعلان مرتبطًا بالدعاية النفسية، لأنه يبرهن بوضوح التقاء الحامية المدافعة بالقوات الحكومية المهاجمة.
بعد الالتقاء بالحامية، وُجهت ضربات المدفعية على مواقع الجهاديين، جنوب دير الزور، بهدف منع هروب وحداتٍ كبيرة معادية بمحاذاة مجرى نهر الفرات، حيث يكون بإمكان الجهاديين تنظيم خطوط دفاعية جديدة، يتطلب كسرها مزيدًا من الوقت والموارد.
من الممكن جدًا، أن يستقر خط المواجهة في منطقة الميادين، تحت ظروفٍ مناخيةٍ مختلفة مليئةٍ بالبساتين والحدائق. كما أنه ما يزال هناك احتمالٌ كبير بأن تتمسك المجموعات المتقدمة من مقاتلي التنظيم بمواقعها القديمة، قرب مقبرة المدينة وحول المطار، ولكنها لن تستطيع القيام بذلك طويلًا، في ظل كثافة النيران الحالية. إن هزيمة “تنظيم الدولة الإسلامية” في دير الزور تعني تحرير آخر منطقة مأهولة كبيرة في سورية من سيطرة الجهاديين. بالطبع، إذا أغفلنا محافظة إدلب.
من الصعوبة بمكان، توقع تفاصيل الأحداث اللاحقة؛ فيوميًا تتوارد الأنباء عن مصالحةٍ في منطقة ما، كان يشغلها أولئك الذين يرفضون إلقاء السلاح. هذه العملية ليست بلا نهاية، ولكنها قد تستغرق بضعة أشهر، لأن القوات الحكومية تستخدم لهذا الغرض قواتٍ ليست بالكبيرة، وتفعل ذلك بتأنٍ. الحرب لم تُكسب بعد، ولكننا اليوم، وللمرة الأولى منذ سنتين، نستطيع القول إن نهايتها باتت على مرمى النظر.
اسم المقالة الأصلي
Окончательная победа Асада близка как никогда
كاتب المقالة
يفغيني كروتيكوف
مكان وتاريخ النشر
صحيفة فزغلياد 5 أيلول 2017
رابط المقالة
https://www.vz.ru/world/2017/9/5/885779.html
ترجمة
سمير رمان
[sociallocker] [/sociallocker]