اتفاق خفض التصعيد في الغوطة الشرقية … جدية موسكو


جيرون

تواصلُ قوات النظام السوري وميليشيات طهران حملتَها العسكرية، ضد محاور (جوبر/ عين ترما) شرق العاصمة دمشق، بالرغم من توقيع اتفاقية لـ “خفض التصعيد”، بين (فيلق الرحمن) المسيطر على المنطقة، وروسيا في جنيف، منتصف آب/ أغسطس الماضي، بالتزامن مع انطلاق الجولة السادسة من مباحثات أستانا التي بدأت أمس الخميس بمباحثات تمهيدية؛ ما طرح تساؤلات كثيرة عن جدية موسكو في فرض التهدئة على حلفائها، وأخرى تتعلق بوجود خلافات حقيقية بين الإيرانيين والروس، حول مناطق الهدنة، وخصوصًا في محيط العاصمة.

قال وائل علوان المتحدث الرسمي باسم (فيلق الرحمن) لـ (جيرون): “الحملة لم تتوقف ولا حتى ليوم واحد، ولا يوجد أي أثر لاتفاق (خفض التصعيد)، إلا أذا استثنينا غياب سلاح الطيران عن المعارك، بينما ما يزال القصف المدفعي والصاروخي متواصلًا بشكل مكثف، على محاور الاشتباك والأحياء السكنية، في محاولات يائسة من القوات المهاجمة لاقتحام المنطقة”.

أوضح علوان بعض نتائج الحملة، وقال: “خلال الأسبوع الأخير، تكبدت قوات النظام وميليشياتها المساندة خسائر كبيرة في العتاد والأرواح، فاقت خمسين قتيلًا من عناصر (الفرقة الرابعة)، إلى جانب تدمير وعطب عدد من الآليات الثقيلة؛ وهو ما يسبب إرباكًا كبيرًا في صفوف القوات المهاجمة، ويجعلها تأخذ يومين أو أكثر، لإعادة تنظيم صفوفها ومعاودة الهجوم من جديد”.

سياسيًا، أشار علوان إلى أن “القول إن الروس غير قادرين، على إجبار النظام على الالتزام بالاتفاق الموقع، غير منطقي، والأصح أن موسكو غير جادة حتى الآن في إلزام حلفائها بما ضمنته، خلال الاتفاقات الموقعة”، مشددًا على أن من يعطل الاتفاق “هي إيران التي لا ترغب بأي هدوء في سورية، وتسعى من خلال تعزيز تواجدها العسكري على الأرض إلى الحفاظ على مكتسباتها ونفوذها، استباقًا لأي تسويات سياسية محتملة، قد تؤدي إلى تحجيم الدور الإيراني في سورية”.

الحديث عن التطورات الميدانية والسياسية في محيط دمشق لا يمكن أن يكتمل دون التطرق إلى سيناريوهات التهجير القسري التي طالت العديد من المناطق حول العاصمة، ومدى إمكانية تفادي تكرارها في الغوطة الشرقية. في هذا الشأن، قال علوان: “ليس لدينا أي تخوف من تكرار سيناريو التهجير في الغوطة الشرقية، وذلك بسبب الصمود الأسطوري للجيش الحر على الجبهات على مدار أكثر من ثلاثة أشهر، بالتالي هذا الموضوع مرفوض بالمطلق داخل الغوطة من المدنيين والعسكريين، يُضاف إلى ذلك أن النظام وطهران أخرجوا من حساباتهم هذا السيناريو، نتيجة الكلف الباهظة التي تكبدوها خلال المعارك. باختصار هذه المسألة أصبحت خلفنا، ولا نفكر فيها”.

في حين قال الناشط أحمد الدومي لـ (جيرون): “لا أختلف مع علوان بأن هناك حالة رفض شعبي، داخل الغوطة الشرقية، لأي طرح يتضمن موضوع التهجير، ولكن لدينا تخوفات بفعل استمرار الخلاف بين الفصيلين الأكبر، وتواصل النزاع دون أي بوادر لحل قريب؛ وهو ما يعني إمكانية استغلال النظام وحلفائه لهذه المسألة، وإحداث تغييرات ميدانية وحتى سياسية داخل أروقة القرار الإقليمي الدولي، وعندها لن ينفع الندم أحدًا، الغوطة بحاجة إلى مظلة موحدة عسكرية ومدنية”.

على الرغم من أن الحملة العسكرية على جبهات عين ترما/ جوبر متواصلة، إلا أن التصعيد الكبير لم يدفع باتجاه مصالحة شاملة بين (فيلق الرحمن) و(جيش الإسلام)، بل إن اتفاقات التهدئة الهشة بين الطرفين سرعان ما تسقط، وتعود المواجهات على الأرض وتبادل الاتهامات عبر البيانات.

في هذا الصدد، قال علوان: “المسألة لم تعد مجرد خلاف بين فصيلين، بل هو اعتداء سافر من (جيش الإسلام) على مواقع الجيش الحر، وما لم يستطع النظام وحلفاؤه من تحقيقه على جبهات الغوطة الشرقية، ينفذه الأول بالذرائع ذاتها”. وأوضح مبينًا بعض التفاصيل: “النظام وميليشياته يهاجمون محاور الغوطة الشرقية، بذرائع وجود (النصرة)، و(جيش الإسلام) كذلك، بالرغم من أن كافة تلك المناطق تخضع بالمطلق لسيطرة (فيلق الرحمن)، ولا توجد فيها أي مقار أو نقاط (للنصرة)، وهذا يعطي مؤشرات بأن (جيش الإسلام) ينسق مع النظام، من أجل التضييق على الجيش الحر وطعنه في الظهر”.

أضاف علوان: “بات واضحًا أن مشروع (جيش الإسلام) خارج إطار الثورة، وهو يسعى لإطباق سيطرته على الغوطة الشرقية، لتحسين شروط تفاوضه في أي تسويات مزمعة، من أجل الحفاظ على مصالحة التي لا علاقة لها بمصالح الغوطة الشرقية وأهلها، ويريد أن يصل إلى مشروع إدارة تمكنه من حكم المنطقة، وفق أجندته ورؤيته، ومن دون شراكة مع أحد”. مشددًا على أن “(فيلق الرحمن) طالب مرارًا وتكرارًا بأن يعود (جيش الإسلام) إلى منطق الثورة، وأن يكون للحكماء والعقلاء داخل (الجيش) -وهم كثر- صوت عال يقود إلى إنهاء كافة الخلافات، ويجعل الغوطة كيانًا وجسدًا واحدًا”.

بدوره قال الدومي: “ما زلنا ندور في الحلقة المفرغة ذاتها، من الطبيعي أن كلا الطرفين يلقي بالمسؤولية على الآخر. ومن جديد، نؤكد أن للخلافات الإقليمية دورًا كبيرًا في ما يحدث من صراع المشاريع أو الأجندات داخل الغوطة، الفصيلان يحاولان السيطرة دون مشاركة أحد داخل الغوطة، تمهيدًا لأدوار محتملة في التسويات القادمة أو المزمعة، ومن هنا، لن يُحل هذا الخلاف بالعوامل المحلية -الآن على الأقل- وما ينبغي التأكيد عليه أن الطرفين -وللأسف- يتصارعان على منطقة محاصرة، بسبب أوهام سلطة أو حكم، وفي النهاية كلاهما سيخسر، إن هما لم يذهبا باتجاه تسوية الخلافات التي أنهكت الحاضنة الشعبية للثورة، وإنهائها”.




المصدر