غموض يكتنف مسار أموال الدول المانحة للسوريين

15 سبتمبر، 2017

نسرين أنابلي

ذكرت منظمة (هيومن رايتس ووتش)، في تقرير مطوّل، أن ملايين الدولارات، من المساعدات التي تم التعهد بتقديمها لتعليم الأطفال السوريين اللاجئين، في العام الماضي، لم تصل إليهم، أو وصلت متأخرة، أو لا يمكن تتبعها بسبب سوء ممارسات التوثيق.

التقرير الذي حمل عنوان (تعقب المال: انعدام الشفافية في تمويل المانحين لتعليم اللاجئين السوريين) ونشرته المنظمة، أمس الأربعاء، تتبّعَ تعهداتِ مؤتمر لندن الذي عقد في شباط/ فبراير 2016، وتابعَ مسار الأموال من المانحين للتعليم في لبنان وتركيا والأردن، وهي البلدان التي تضم أكبر عدد من اللاجئين السوريين، ووجد تباينًا كبيرًا بين المبالغ التي ذكرتها الدول المانحة، وتلك التي تم توثيق وصولها إلى الدول الثلاث عام 2016؛ ما ساهم في بقاء أكثر من 530 ألف طالب سوري في تلك البلدان الثلاثة خارج المدارس، في نهاية العام الدراسي 2016-2017.

المؤتمر الذي عقد في لندن، العام الماضي، انتهى باتفاق المانحين الستة (أميركا، ألمانيا، المملكة المتحدة، اليابان، النرويج) على توفير تعليم جيد لجميع الأطفال السوريين اللاجئين، وتوفير الأموال اللازمة لذلك. وبلغت مساهمة أميركا وحدها 1.4 مليار دولار للتعليم داخل سورية وللبلدان المضيفة للاجئين في المنطقة. ومع ذلك، فإن ميزانيات التعليم في الدول المضيفة تعاني من نقص كبير في التمويل.

الحكومة التركية أوضحت لـ (هيومن رايتس ووتش) أنها “مُنِحت 1.4 مليار دولار، كمساعدات إنسانية، في السنة المالية الأميركية 2016″، لكن من غير الواضح كم هو المبلغ الموجه إلى تعليم الأطفال اللاجئين. كما تلقت تركيا من الاتحاد الأوروبي نحو 742 مليون دولار للتعليم، في عام 2016، لكن وكالات الأمم المتحدة في تركيا تلقت 111 مليون دولار فقط، من أصل 137 مليون دولار من المساعدات التعليمية التي طلبتها. وذكرت تقارير مختلفة أن ما بين 14.7 و46 مليون دولار فقط تم استلامها، في بداية العام الدراسي.

بالنسبة إلى باقي الدول، اتفق المانحون على تقديم نحو 250 مليون دولار للتعليم في الأردن، و350 مليون دولار للبنان في عام 2016، وأقروا بأن جزءًا كبيرًا من المساعدات يجب أن يتم تسليمه، قبل بداية العام الدراسي؛ ما يتيح توظيف المعلمين، وشراء الكتب، وتخطيط برامج التعليم. لكن بحلول أوائل سبتمبر/ أيلول 2016، واجه الأردن عجزًا بقيمة 171 مليون دولار، ولبنان بمقدار 181 مليون دولار. وبحلول نهاية السنة، شهد الأردن فجوة في الميزانية، قدرها 41 مليون دولار، ولبنان 97 مليون دولار.

أفادت “الوكالة الأميركية للتنمية الدولية” أنها قدمت مساعدات إنمائية، بقيمة 248 مليون دولار، للتعليم في الأردن، لكن قاعدة بيانات تتبع المساعدات الخاصة بها لم تحسب سوى 82 مليون دولار أميركي، وأوردت قاعدة بيانات حكومية أردنية 13 مليون دولار أميركي فقط، تم تلقيها من أجل التعليم من الولايات المتحدة في عام 2016.

التقرير أشار إلى احتمالية إحصاء لبنان والأردن وتركيا عددًا أقل من الأطفال السوريين الذين يحتاجون إلى التعليم. فهم لا يحصون إلا السوريين المسجلين كلاجئين، لكن ما يقرب من مليون لاجئ في لبنان والأردن غير مسجلين.

(هيومن رايتس ووتش) أكدت أن “معظم المعلومات المتعلقة بآليات تتبّع المساعدات غامضة جدًا أو غير واضحة. إضافة إلى أن الكثير من تمويل التعليم الذي تم إرساله لم يصل إلا بداية العام الدراسي، متأخرًا بذلك عن موعد تسجيل الأطفال الذي كان يهدف إلى مساعدتهم”.

وأكدت أيضًا أن “هناك حاجة إلى معلومات أكثر تفصيلًا وشمولية عن المساعدات التعليمية؛ لتقييم ما إذا كان المانحون قد وفوا بتعهداتهم، وقدموا المساعدات في الوقت المناسب، وإذا ما كانت الأنشطة التي يجري تمويلها تعالج العقبات الرئيسية التي تعوق تعليم الأطفال السوريين اللاجئين”. لافتةً إلى أن “الجهات المانحة، والوكالات المنفذة، والحكومات المضيفة، بحاجة إلى هذه المعلومات، لتنسيق جهودها وتفادي الثغرات أو التداخل”.

التقرير وثق أيضًا، بشكل مكثف، العقبات التي تعترض التعليم في تركيا، ولبنان، والأردن، بما في ذلك السياسات التي تجعل التكاليف المتعلقة بالمدارس مرتفعة، حيث تساهم في زيادة فقر أسر اللاجئين، وتقييد قدرة الأطفال على الوصول إلى المدارس أو الالتحاق بها. وأشار إلى أن “من شأن زيادة الشفافية، في ما يتعلق بتمويل التعليم، المساعدة على إظهار أسباب عدم تحقيق أهداف الالتحاق بالمدارس، وتحديد الأطراف المسؤولة، والضغط عليها لتتحسن. كما يمكنها أيضًا أن تحدد مدى مسؤولية سياسات البلد المضيف، أو نقص التمويل المقدم من المانحين، عن بقاء الأطفال خارج المدارس”.

سيمون راو، الباحث الحائز على زمالة (ميركاتور) في (هيومن رايتس ووتش)، والمشرف على إعداد التقرير، ختم قائلًا: “وعدت الدول المانحة والمستضيفة بألا يصبح الأطفال السوريون جيلًا ضائعًا، لكن هذا بالضبط ما يحدث. سيساعد المزيد من الشفافية في التمويل على كشف الاحتياجات التي لا يتم تلبيتها؛ كي تتم معالجتها ويدخل الأطفال إلى المدارس”.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]