صدى استفتاء شمال العراق بين السوريين



تعارِضُ تركيا وإيران والجامعة العربية والأمم المتحدة وحكومة العراق الاتحادية دعوةَ رئيس إقليم شمال العراق مسعود البرزاني للاستفتاء على تقرير المصير المزمع إجراؤه في الخامس والعشرين من الشهر الحالي، كما أبدت الولايات المتحدة معارضتَها لهذه الدعوة مطالبة بتأجيلها.

في الموقف السوري من هذه القضية، التزم الائتلاف الوطني والهيئة العليا للمفاوضات الصمتَ ولم يُصدر أيّ منهما موقفًا رسميًا، بينما باركت معظم الأحزاب الكردية السورية هذه الخطوة معتبرة إياها “الخطوة الأهم في تحقيق طموحات الشعب الكردي”.

زردشت محمد القيادي في (حزب الوحدة الديمقراطي) جناح المجلس الوطني الكردي قال لـ (جيرون): إن حزبه يدعم الاستفتاء، باعتباره “حقًا للشعب هناك، كما أنه جاء بعد الوصول إلى طريق مسدود، مع حكومة بغداد التي تسيطر عليها إيران”.

محمد أكد أن خطوة البرزاني لن تؤثر على الوضع السوري، “لأن الرئيس مسعود أكد أنه لن يتدخل في الشؤون الداخلية لدول الجوار، وقد دعا إلى حل المشكلة الكردية في هذه الدول، على أساس الحوار”. وأبدى استغرابه من عدم إصدار موقف مؤيد للاستفتاء من المعارضة، وبخاصة أن “الرئيس برزاني كان داعمًا حقيقيًا للثورة السورية، واستقبل جميع أطراف المعارضة السورية، خلال السنوات الماضية، وهو على علاقة طيبة مع الجميع”.

يؤيد معظم الناشطين الأكراد في سورية خطوةَ أربيل تأييدًا كبيرًا، فقد نظمت قوى سياسية في الجزيرة السورية حراكات متنوعة داعمة للخطوة، ولكن ميليشيات ما يسمى “الإدارة الذاتية” شنت حملات اعتقال واسعة، ضد كل من حاول دعم الاستفتاء، ولا سيّما أعضاء المجلس الوطني الكردي.

انقسم السوريون، على وسائل التواصل الاجتماعي، بين مؤيد للخطوة ومعارض لها. عبد القادر عاكوب عضو هيئة الإنقاذ الوطني في الحسكة بيّن لـ (جيرون) أن “مطلب الاستفتاء في إقليم كردستان يعدّ هروبًا إلى الأمام، لتجاوز تناقضات بنيوية واستحقاقات دستورية، بعد زوال خطر (داعش)”، وأضاف: “ربما يتشارك مع الإقليم المكون السنّي في العراق وحتى الكثير من الشيعة، لولا القلق الوجودي، فالنظام منذ 2003 فشل في دعم الاستقرار، وكان عاملًا في إشاعة الفوضى”.

عارض عاكوب الاستفتاء في هذا الوقت، مع إقراره بحق الشعوب في تقرير مصيرها، ولكن القرار -بحسب رأيه- جاء في “الزمن الخاطئ، لأنه لا يوجد أفق منظور لتطبيع كيان جديد في تلك الحالة من الفوضى والعدائية وغياب القانون وشهية بعض القوى لاستثمار هذا الوضع، كذلك لا دليل على نهاية الاستقطابات الحادة للتيارات ما قبل المدنية، في بيئة لا يحكمها منطق ولا قانون”.

يصر البرزاني على إجراء الاستفتاء في موعده الذي أقره برلمان الإقليم، ولكن هذا لا يعني الانفصال المباشر عن العراق، وقد يكون “مجرد ورقة ضغط سياسية”، كما يرى الدكتور عبد الله تركماني الباحث في (مركز حرمون للدراسات المعاصرة). وتوقع في حديث لـ (جيرون) أن يقوم الرئيس البرزاني بـ “استغلال نتائج الاستفتاء، لتحسين شروطه التفاوضية مع الحكومة العراقية، والضغط عليها لإعادة الميزانية التي قطعتها عن الإقليم، والتنازل عن الأراضي المتنازع عليها”، وتوقع أن “يفتح هذا الاستفتاء البابَ لأكراد العراق لإعلان استقلالهم في ظروف مناسبة مستقبلًا”.

يقر السوريون -في معظم توجهاتهم- بحق الشعب في إقليم شمال العراق بتقرير مصيره، ولكن الخلاف جاء على التوقيت الذي بدا وكأنه محاولة من قيادة الإقليم للهروب من استحقاقات ما بعد الانتهاء من تنظيم (داعش)، كما أنه يفتح الباب واسعًا على استقطاب إقليمي حاد قد يؤدي، في ظل ما تشهده سورية حاليًا، إلى تقسيم الشرق الأوسط إلى كيانات جديدة قائمة على الهوية القومية أو الدينية.




المصدر
سامر الأحمد