التكاليف المرتفعة في تركيا تعوق التحاق الأطفال السوريين بالمدارس



“حسن” طفلٌ من ريف حلب، لم يكمل العاشرة من عمره بعد، يعيش مع عائلته في غرفةٍ متواضعة، في ولاية غازي عنتاب التركية. لم يذهب حسن إلى المدرسة منذ قدومه إلى تركيا برفقة عائلته، منتصف عام 2014، ويُفترض أن يكون الآن في الصف الخامس أو الرابع الابتدائي، ولكنه عوضًا عن ذلك، يقضي يومه متجولًا، بين مقاهي المدينة؛ ليساعد أسرته المكوّنة من شقيقتين وأب وأم في تأمين احتياجاتهم الضرورية.

مع بدء العام الدراسي في تركيا، وازدحام الشوارع والحافلات بالطلاب القاصدين مدارسهم، ما يزال عددٌ كبير من الأطفال السوريين يملؤون الشوارع والحدائق حاملين أكياسَ المناديل الورقية لبيعها، بدلًا من حملهم حقيبة المدرسة والكتب.

أكدّ تقرير أصدرته (هيومن رايتس ووتش) أن “19 بالمئة من الأطفال السوريين الموجودين في تركيا، وعددهم نحو مليون طفل، فقدوا ما يصل إلى أربع سنوات دراسية، وعند وصولهم إلى تركيا، توسّعت الفجوة التعليمية بالنسبة إليهم، أو صارت مستديمة، وتتضمن هذه النسبة أيضًا عددًا من الأطفال الذين لم يسبق لهم دخول المدرسة قط، لأنهم كانوا في سن لا تتيح لهم الالتحاق بالمدرسة، عندما اندلعت الثورة السورية عام 2011”.

بحسب مستشار وزير التعليم التركي أرجان دميرجي، يوجد “نحو 200 ألف طفل فقط يتلقّون التعليم في مدارس الوزارة، في حين بلغ عدد الأطفال الذين يتلقون التعليم، في مراكز التعليم السورية المؤقتة 305 ألف طفل”.

على الرغم من مجانية التعليم في تركيا، سواء في المدارس التركية أو في مراكز التعليم السورية المؤقتة، إلا أن تكاليف مستلزمات الطفل المدرسية ترهق جيوب السوريين. في هذا الجانب، قالت كوثر عبّو، وهي أمٌّ لطفلين، لـ (جيرون): “تراوح تكاليف الأدوات المدرسية، من قرطاسية وكتب ولباس، بين 300 و400 ليرة تركية للطالب الواحد فقط، عدا عن أجور المواصلات في حال كانت المدرسة بعيدة، ولكم أن تتخيلوا كم سيتضاعف هذا المبلغ لدى الأسر التي لديها ثلاثة أو أربعة أطفال، مع العلم أن متوسط دخل الأسرة السورية شهريًا 1500 ليرة تركية”.

حسن أنموذجٌ، لمئات الأطفال السوريين في تركيا الذين لا يرتادون المدارس، بسبب الفقر الذي اضطرهم إلى العمل؛ بهدف مساعدة أسرهم في تأمين القوت اليومي.

في أحدث تطورات عملية الدمج التعليمي التي أقرتها التربية التركية، منذ عام، والتي سيتحوّل بموجبها جميع الطلاب السوريين إلى المدارس التركية، قال مدير التعليم في ولاية إسطنبول التركية، عمر فاروق يلكنجي: “إن المدارس السورية ستُنهي خدماتها خلال السنوات الأربع المقبلة، فيما يستكمل طلابها دراستهم في المدارس التركية”.

وأضاف، في لقاء نشرته وكالة (الأناضول): “جميع الأطفال السوريين كانوا يدرسون في مراكز التعليم المؤقتة، ولكن منذ مطلع العام الدراسي 2016-2017، تمّ إحداث تغيير نموذجي في التعليم”. وفي توضيحه للجزئية الأخيرة، لفت إلى أنه “تم بدايةً، إلغاء صفوف الأوّل والخامس والتاسع، وإجبار طلابها على التسجيل بالمدارس التركية، بينما ظلّ من لا يتقن التركية بشكل جيد، من بين هؤلاء الطلاب، خارج إطار النظام”.

أما بخصوص المناهج، فأوضح المسؤول التركي أنّ “المناهج في مراكز التعليم المؤقتة مستقلة، في حين أن المدارس التركية ملزمة بالمنهاج الرسمي”.

أثار قرار الدمج التعليمي، منذ صدوره مطلع العام الدراسي الماضي، موجةً من الجدل بين السوريين، فبعضهم رأى أنه سيؤثر على مستوى أبنائهم التعليمي لحاجز اللغة، فيما اعتبر آخرون أنه جيد؛ حيث إنه سيتيح لأولادهم فرصةَ إتمام تعليمهم العالي في الجامعات التركية.




المصدر
نسرين أنابلي