العسكر يقيّمون التدخل التركي المرتقب في إدلب



أنهى مؤتمر (أستانا 6) أعماله بالتوافق على ضم محافظة إدلب، كمنطقة رابعة في اتفاقات “خفض التصعيد”؛ ما يفتح باب التكهنات على مصراعيه، حول خيارات الدول الثلاث الضامنة، وفي مقدمتها تركيا، بشأن آليات تطبيق الاتفاق في ظل سيطرة (هيئة تحرير الشام)، المُدرجة دوليًا على لائحة الإرهاب على إدلب.

(جيرون) استطلعت آراء عدد من الضباط المنشقين، والمحللين العسكريين، في ما يتعلّق بنظرتهم إلى مستقبل إدلب، ومدى إمكانية إنفاذ قرارات (أستانا) من دون دماء، وسط مخاوف لدى السكان المحليين من مصير مشابه لمصير مدينتي (الموصل والرقة).

قال العميد عبد الرزاق أصلان اللاز، رئيس الشرطة والأمن العام في منطقة (درع الفرات): إنّ “الوضع في إدلب مختلف تمامًا عن باقي المناطق السورية، فالموضوع معقد جدًا، إن كان من الناحية الميدانية على الأرض، من حيث تشابك وتداخل نقاط بسط السيطرة المقسمة بين الفصائل الثورية، و(هيئة تحرير الشام)، أو من زاوية التفاهمات الدولية -العلنية منها والسرية- حول طريقة التعامل في هذا الملف”.

وأضاف: “ليس من الضروري أن تُطبّق مخرجات الاجتماعات الدولية المنعقدة، بخصوص سورية، تطبيقًا حرفيًا دائمًا، وهو ما لمسناه من خلال تجارب سابقة؛ لذلك لا أعتقد أن تتم الأمور دفعة واحدة”، وأكّد في الوقت ذاته أنّ “الانتشار العسكري في إدلب مختلف، من حيث تركيبته الداخلية كثورة سورية، حيث سيتولى المهمةَ الجيش السوري الحر، وسيكون منظمًا على نحو أفضل من المراحل السابقة، ليدخل إلى المنطقة، ويكون فيها بالتعاون مع المؤسسات الأهلية والمدنية المحلية في المحافظة”.

نبّه اللاز إلى “عدم تواجد (هيئة تحرير الشّام) في المنطقة بشكل كبير”، ودعا إلى “عدم إعطاء الهيئة في إدلب أكبر من حجمها، من دون التقليل من شأن تواجدها”، ولفت إلى “سعي إيران لجعلِ إدلب مجرد إمارة تابعة لـ (هيئة تحرير الشّام)، وجعلِ الإرهاب يُغطي المدينة”. وأشار إلى “محاولات روسية-إيرانية، لجرّ اتفاقات (خفض التصعيد) لتلبية مصالحهم، وتبرير أي عمل عسكري في المستقبل تجاه إدلب، لكن الواقع على الأرض مختلف”، متوقعًا “تآكل (هيئة تحرير الشّام) قريبًا بشكل كامل، بحسب المعلومات التي تصل من الأرض”.

يرى اللاز أنّ “تكلفة أي معركة في إدلب -إن حصلت- ستكون كبيرة جدًا، من حيث عدد الضحايا وكمية الدمار”، لكنه في الوقت ذاته يشير إلى أنّ “أهالي المدينة والجيش الحر، ضمن تفاهم داخلي بالتعاون مع الدول الصديقة للشعب السوري، باستطاعتهم تجنيب إدلب ويلات معارك عسكرية كبيرة”.

في حين، رفض اللواء محمد الحاج علي التعليقَ على بنود اتفاق (أستانا 6)، ومستقبل مدينة إدلب، وقال: “لست مطلعًا على بنود الاتفاق، وكل ما قيل عنه، عبر وسائل إعلام، ليس بالضرورة أن يكون بنود الاتفاق”.

من جهة ثانية، قال العقيد فايز الأسمر: “أستانا، والمناطق الأربعة بالمجمل، لم يُحترم فيها تخفيف التصعيد، والحجة وجود (هيئة تحرير الشام) في تلك المناطق”، وتساءل: “كيف يكون تخفيف التصعيد في منطقة هي معقل (هيئة تحرير الشام)!”.

وأضاف: “لا أرى في الجولة السادسة من أستانا إلا تمهيدًا لدمج الفصائل مع قوات النظام والإيرانيين؛ من أجل قتال الهيئة في إدلب والقضاء عليها”، ودلل على كلامه بـ “البيان الختامي لمؤتمر أستانا، الذي أشاد بجهود مكافحة الإرهاب المتمثل بـ (داعش) و(القاعدة)، وإنشاء مركز تنسيق إيراني، وإدخال 1500 عنصرًا، كقوات فصل”.

تساءل الأسمر: “أين سينتشر هؤلاء، وضد من؟ وما هي خططهم؟ وكيف تتواجد قوات فصل بين (هيئة تحرير الشام) التي يريدون محاربتها، وقوات النظام!”. وأكد أنه “لن يتم تطبيق كافة ما سبق، إلا بالحرب”، ونبه إلى “وجود اتفاقات من تحت الطاولة، لم تظهر للعلن بعد، تتمثّل في إعطاء إحداثيات أماكن تمركز الهيئة”، وأشار إلى أنّ “اغتيالات قادة وشرعيين في الهيئة يأتي، في هذا الإطار، كمؤشر على قرب تفكيك الهيئة من الداخل، وإحداث انشقاقات فيها”.

عدّد الأسمر المحاورَ التي سيتم من خلالها دخول إدلب، قائلًا: “لن يتم دخول إدلب من دون معارك، فتركيا ستدخل من الشمال من ثلاثة محاور، بمساعدة الفصائل (محور أطمة، جسر الشغور، تفتناز، دارة عزة)؛ من أجل السيطرة على ما مساحته 5000 كليو متر في إدلب”. وأشار إلى أنّ دخول تركيا إلى إدلب من هذه المحاور، سيجعلها تتمتع بمراقبة أكثر فاعلية لتحركات الـ (ب ي د)، وقطع الطريق عليهم للتمدد”، لافتًا إلى أنْ “لا معركة من دون ضحايا من المدنيين، وهم مَن يدفع الفاتورة الأكبر في سورية في كل مرّة”.




المصدر
أحمد مظهر سعدو