تباين المواقف تجاه القضية السورية في قاعة الأمم المتحدة



تباين حضور القضية السورية، على نحو واضح، في العديد من الكلمات التي ألقاها عدد من رؤساء الدول والحكومات، في افتتاح أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، في دورتها الثانية والسبعين التي بدأت اجتماعاتها، أول أمس الثلاثاء في نيويورك، ففي حين عرض لها عددٌ من الزعماء ورؤساء الدول والحكومات في كلماتهم على نحو بارز، تجاهلها آخرون، أو اكتفوا بالإشارة إليها من بعيد دون التطرق إلى تفاصيلها أو إلى ضرورة إنهاء معاناة الشعب السوري.

في الوقت الذي دعا فيه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى إنشاء “مجموعة اتصال”، حول سورية؛ لإطلاق ديناميكية جديدة للتحرك نحو حل سياسي للقضية السورية، مؤكدًا أن مسار المفاوضات الذي تقوده روسيا وإيران وتركيا في العاصمة الكازاخية أستانا “غير كاف”، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في كلمته أن بلاده ستواصل بذل كافة الجهود السياسية والإنسانية لحل القضية في سورية، وقال: إن “المجتمع الدولي ترك الشعب السوري وحيدًا، ولم يقدّم له المساعدة اللازمة، بينما يتعرّض للقتل والتشريد بسبب مطالبه بالحرية والكرامة”. ودعا جميع الدول والمؤسسات الدولية التي ألقت أعباء 3.2 مليون لاجئ، على تركيا وحدها، إلى الالتزام بوعودها.

وفق ماكرون، فإن مجموعة الاتصال التي يدعو إلى إنشائها “ستضم الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والأطراف الفاعلة في القضية السورية”. وقد أكد أن “الحل في سورية، في نهاية المطاف، سيكون سياسيًا لا عسكريًا”.

أشار الرئيس التركي في كلمته إلى ممارسات تنظيمي (ب ي د) و(ي ب ك) الرامية إلى التغيير الديموغرافي، ومصادرة أملاك الشعب، وقتل أو نفي من يعارضونه في المناطق التي يسيطر عليها في سورية، واصفًا ذلك بأنه “جريمة ضد الإنسانية”، وأن “جزءًا كبيرًا من الجماعات والقوات التي تدّعي محاربة تنظيم الدولة في المنطقة هي في الواقع لا تمتلك مثل هذا الهدف، بل تستخدمه كمطية لتمرير مخططاتها”.

أشار أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى عجز المجتمع الدولي عن إيجاد حلّ للأزمة السورية، بعد أن دمّر النظام معظم المدن السورية؛ ما أدى إلى تضاعف أعداد اللاجئين، وانتشار المنظمات والميليشيات الطائفية الإرهابية التي تعود بدورها، لتشكل خطرًا إقليميًا ودوليًا.

وقال في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: “يعرف الجميع أن الثورة السورية بدأت انتفاضة شعبية سلمية الطابع، ضد نظام ديكتاتوري قمعي، وأن هذا الشعب العظيم ظلّ يتعرض للقتل في التظاهرات السلمية، وللتعذيب في السجون، طوال عام، دون أن يدافع عن نفسه”. ولفت النظر إلى محاولات النظام السوري جرّ الثورة إلى العنف على نحو مدروس، والعمل على تقسيم الشعب السوري إلى طوائف، قائلًا: “كان الشعب يرد بالهتاف (الشعب السوري واحد)، وكان شعار النظام المعلن (الأسد أو نحرق البلد)”.

تحدث أمير قطر عن النموذج الذي قدمته مدينة داريّا للثورة السلمية، وأشار إلى ما قام به أبناؤها، كرميِ الجنود بالورود، ورأى أن “من غير المقبول أن تشل إرادة المجتمع الدولي، أمام مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية. وليس صحيحًا أن حماية الشعب السوري لم تكن ممكنة”. كما شدد على إنهاء الكارثة الإنسانية في سورية التي قال عنها: “إنها ضرورة سياسية وأخلاقية تضع على مجلس الأمن مسؤولية تاريخية، لا يمكن التنصل منها”.

دعا أمير قطر أيضًا إلى “استئناف العملية السياسية، في إطار قرار مجلس الأمن رقم 2254 وعلى أساس مقررات (جنيف 1) التي نصت على تشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات، بما يلبي تطلعات الشعب السوري، ويحفظ وحدة سورية وسيادتها، على أساس الحقوق المتساوية لمواطني سورية جميعًا، من دون تمييز على أساس الدين والمذهب والقومية والجنس”.

اكتفى الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالإشارة إلى أن أفعال نظام الأسد الإجرامي، ومن بينها استخدام السلاح الكيماوي ضد المواطنين والأطفال، “صدمت ضمير كل إنسان”. ولفت إلى أن بلاده تسعى لوقف تصعيد الصراع السوري وللحل السياسي الذي يحترم إرادة السوريين، مشيدًا بما وصفه بـ “النجاحات الكبيرة ضد (داعش) في سورية والعراق”، وقال: “إن الإنجازات، خلال الأشهر الثمانية الأخيرة ضد (داعش)، كانت أكبر مما تم تحقيقه خلال سنوات”. كما تقدم بالشكر إلى وكالات الأمم المتحدة التي توصل المساعدات الإنسانية الحيوية للمناطق المحررة من (داعش)، وتقدم بالشكر بشكل خاص إلى الأردن وتركيا ولبنان لدورهم في استضافة اللاجئين السوريين.

أما الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي فقد جدد دعم بلاده لحل سياسي عن طريق المفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة، من دون التطرق إلى معاناة الشعب السوري أو إلى أي خطوة عملية تنهي هذه المأساة، فيما خلت كلمات زعماء دول من أميركا اللاتينية وآسيا وإفريقيا، من أي إشارة إلى المأساة السورية.




المصدر
جيرون