مركز (كريمات).. التجربة النسائية السورية تتطوّر
23 أيلول (سبتمبر - شتنبر)، 2017
بعد مرور نحو أربع سنوات من تأسيسه، ما يزال مركز (كريمات)، في ولاية كلّس التركية، يقدّم الخدمات التعليمية والتدريبية، وبرامجَ التأهيل النفسي والاجتماعي للنساء والأطفال، إلا أن “التوجه التركي نحو قوننة العمل المنظماتي الأجنبي، أثّر قليلًا على نشاطه، ولا سيما على برامج الدعم النفسي التي كانت تقدّمها مؤسسات مختصة توقف عملها”، بحسب مديرة المركز نجلاء الشيخ.
أضافت مبيّنةً لـ (جيرون): “بعض المنظمات التي تُعنى بالدعم النفسي أغلقت، لأسباب تتعلق بالتراخيص وقوانين العمل التركية الجديدة. هذه المنظمات كانت تقدّم خدماتها للمنتسبين إلى المركز من النساء والأطفال، على اعتبار أنهم بيئة حاضنة، تقدّم المنظمات لهم الدعم النفسي، وتكسب بالمقابل مزيدًا من الخبرات. هذا الحيّز من التعاون لم يعد متاحًا اليوم، ويتم التركيز حاليًا على الجانب التعليمي للأطفال، وتقويتهم بالمواد العلمية الرئيسة، وبمادة اللغة التركية، ولا سيّما الأطفال المشمولين بعملية الدمج، إضافة إلى النشاط النسائي المتواصل، من دورات علمية وتعليمية في مجالات شتى”.
يمثّل مركز (كريمات) التجربةَ المبكرة لفاعلية المرأة السورية في تركيا، وقدرتها على الخلق والتأثير، إذ تأسس المركز بجهود فردية، وبتمويل زهيد، ثم تطور ليصبح مؤسسة ناضجة تُعِدّ المرأة لمواجهة صعوبات اللجوء. في هذا الجانب قالت الشيخ: “لا شك أن العمل يزداد صعوبة، فبعد مرور 4 أعوام، لا يكفي الاستمرار في تقديم الخدمة، بل يصبح من الواجب تطويرها وتحسينها، والالتفات نحو مسائل أخرى، كانت مُهملة بحكم الأولويات”.
ورأت أن “تمكين المرأة في ميادين العمل، ومساعدتها في بلورة مهنة لتستطيع إعالة نفسها وأسرتها لم يعد كافيًا وحده؛ ذلك أن المرأة السورية اليوم تحتاج، بالتوازي مع التمكين العملي والمهني، إلى تنويرٍ فكري، وإعادة بناء منظومة القيم والأفكار، وتصحيح العادات الخاطئة التي رُبّيت عليها؛ لكي تستطيع أن تتعامل على نحو سليم مع نفسها وأسرتها ومحيطها”.
وأوضحت: “ما يزال أنموذج المرأة التابعة هو المسيطر، وما تزال المرأة عدوة نفسها! وبحكم احتكاكي الطويل مع النساء؛ رأيت أنهن ما يزلن يعتقدن أن الزواج المبكر للفتاة سترٌ لها، وأن التعليم لبناتهن أمرٌ ثانوي، وهو ما يحاول المركز تصويبه، بنشر بعض الأفكار النيرة، والارتقاء بالمرأة نحو ما يليق بها وبمكانتها”، مؤكدةً أن “نجاح المرأة المهني واستقلالها المادي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بتطورها الفكري والمعرفي”.
نجاح هذه التجربة دفع الجهات التركية إلى محاكاتها، حيث أسست فاعليات تركية في مدينة كلّس، منذ نحو عام، 11 مركزًا تركيًا مماثلًا لـ (كريمات)، تنتسب إلى هذه المراكز نساء سوريات وتركيات، ويتم تقديم برامج مشابهة لما يقدمه (كريمات) وبإشرافه، في هذا الصدد، علّقت الشيخ: “كان الهدف الرئيس من تأسيس المركز هو القضاء على تواجد المرأة السورية المتسوّلة في مدينة كلّس، وهو ما تم بلوغه. لاقت هذه الفكرة إعجابًا واستحسانًا من الجهات التركية؛ فاندفعت لتقليدها، مستفيدةً من خطة عمل (كريمات) وبرامجه المبتكرة”.
يضمّ المركز -حاليًا- عددًا من الأقسام، أهمها تعليم الخياطة والنسيج والتجميل والأشغال اليدوية والحرف، وتنشط فيه مئات النساء والأطفال، وتؤكد الشيخ أن البداية كانت صعبة جدًا، وأردفت في هذا الجانب: “كنا نواجه مشكلة مع إمكانية خروج المرأة من منزلها لتتعلم، وكيف تقنع زوجها بأن هذا من حقها. تجاوزنا الكثير من العقبات، لكن المسؤولية اليوم أكبر”.
اعتبرت الشيخ أن تطوير المرأة، على الصعيد الفكري، يحتاج إلى وقت وجهد، فبعد عشرات السنين من تجهيلها وتهميشيها، وتلقينها مفاهيم خاطئة عن حقوقها وواجبتها والأدوار المنوطة بها؛ لم يعد التخلّصُ من هذه الأفكار والمفاهيم أمرًا يسيرًا، وقالت: “التطور في هذا الجانب بطيء جدًا؛ ثمّة أمراضٌ تجذّرت في الفكر، غذّاها المجتمع الذكوري، وليس من السهل الشفاء منها”. آ. ع.
[sociallocker] [/sociallocker]جيرون