رفض المجتمع يعيق خطوات اندماج الطلاب السوريين في تركيا

26 أيلول (سبتمبر - شتنبر)، 2017
8 minutes

مع بداية الموسم الدراسي الحالي توافد عدد كبير من أهالي الطلاب السوريين لتسجيلهم أبنائهم في المدراس الرسمية التركية بعد قرار وزارة التعليم الوطني إلزام الطلاب السوريين في المراحل الدراسية (1، 2، 5، 9) بالتسجيل في هذه المدارس، وعدم قبولهم نهائياً في مراكز التعليم المؤقتة(السورية)، وذلك ضمن خطة شاملة تسعى لإتمام عملية الدمج التعليمي لكافة المراحل.

إغلاق هذه الصفوف نهائياً في المدراس السورية وحصرها ضمن المدراس الرسمية التركية سبّب ارباكاً كبيراً لأهالي طلاب هذه المراحل، حيث برزت مع بداية العام الدراسي الحالي مشاكل عديدة تتعلق بعملية التسجيل، ورفض بعض مدراء المدارس الأتراك استقبالهم بحجة اكتظاظ الصفوف.

 فيما شكلت مشكلة اندماج الطلاب السوريين مع الأتراك لاسيما في الصفوف العليا التحدي الأكبر، خاصة مع بروز جملة من الاعتراضات الشعبية في بعض المناطق ضدّ ضم الطلاب السوريين.

حجج ومبررات

يتحدث وائل غزال، وهو والد لطالب نجح إلى الصف الخامس في أنطاكيا، عن بعض المصاعب التي يواجهها الأهالي هنا، ويقول لـ صدى الشام:” توجهتُ إلى مديرية التربية للحصول على ورقة التعديل الدنكلك، وهناك أخبروني أن أتوجه إلى أقرب مدرسة تركية لمنزلي ليتم تسجيله، ورغم إحضاري كافة الأوراق الثبوتية المطلوبة ووجود قرار الزامي باستقبال الطلاب السوريين إلا أنني فوجئت باختلاق العديد من الحجج لعدم استقبال ابني، مثل عدم وجود شواغر، وتأخري بالتسجيل، وضرورة الانتظار وغيرها”.

مثّلت هذه المشكلة التحدي الأكبر في مناطق اكتظاظ السوريين كما يؤكد الأستاذ عمران الحمصي، المقيم في بلدة نارلجا القريبة من أنطاكيا.

وبحسب الحمصي فإن عدد السوريين في نارلجا يفوق عدد سكانها الأتراك، وهي غير مجهزة بمدارس كافية لاستقبال هذه الأعداد، وبالتالي اضطرت بعض المدارس لتحويل القادمين إليها إلى مناطق بعيدة جداً.

ويؤكد الأستاذ في مدرسة “رجب طيب أردوغان” أنّ أكثر من 2000 طالب سوري سجلوا هذا العام في مدارس تركية بنارلجا، مقابل 3000 آلاف طالب في المدارس السورية، لكن المشكلة الأساسية حالياً كما يقول الحمصي هي “عدم وجود أي شواغر، وامتناع الأهالي عن إرسال أبنائهم لاسيما الصغار منهم إلى مدارس بعيدة لأسباب بعضها اقتصادية وأخرى أمنية”.

ويوضح الحمصي في تفسيره لرفض بعض الأهالي تسجيل أولادهم بالقول: “العامل الاقتصادي مؤثر جداً على السوريين حيث تصل تكاليف النقل إلى 120 ليرة تركية للطفل الواحد شهرياً، عدا عن احتياجات القرطاسية واللباس وغيره، وهو ما يفوق قدرة معظم اللاجئيين السوريين الذين يعملون هنا بمتوسط أجور لاتزيد عن 800 ليرة”.

ويؤكد الحمصي أنّ من بين كل 100 طالب هناك قرابة 40 لم يسجلوا حتى الآن، ما يعني زيادة أعداد الطلاب السوريين المتسربين من المدرسة.

تتكرر هذه المشكلة في العديد من الولايات حيث يتجمع السوريون عادة ضمن أحياء معينة، ففي منطقة أسنيورت في اسطنبول مثلاً عانى الأهالي أيضاً من هذه المشكلة، في حين امتنع بعض أولياء الأمور بولاية كلس عن إرسال أبنائهم إلى المدارس بسبب تكرار الإجابة نفسها وهي “عدم وجود أي شواغر”.

الرفض والتمييز

أدى قرار تسريع إدماج أعداد كبيرة من الطلاب السوريين وإقحامهم في المدراس التركية إلى ردود فعل غاضبة لدى بعض أولياء الأمور الأتراك والمدّرسين، وترجم بعضها بالخروج بمظاهرات في ولايتي أنطاكيا وكلس، وحدوث بعض المشاجرات المتفرقة في بعض المناطق.

وعرض تقرير بثته وكالة HRT AKDENIZ التركية مظاهرة قادها الكادر التدريسي وأولياء الطلاب الأتراك في مدرسة “أوداباشي” بأنطاكيا، رفضاً لتواجد الطلاب السوريين فيها، وطالبوا بضرورة إخراجهم.

وعزا بعض المتظاهرين مطالبهم هذه إلى “زيادة عدد الطلاب في الشعب الدراسية، واختلاف الثقافات، وخشية الأهالي على أبناءهم من تعرضهم للعنف من قبل أطفال يعانون مشاكل نفسية بسبب الحرب”. وطالب هؤلاء المتظاهرون الحكومة التركية بإعادة الطلاب السوريين إلى مدارسهم أو تركهم بلا مدارس.

وفي حادثة أخرى طرد سكان قرية “مدامبو” القريبة من أنطاكيا الطلاب والمعلمين السوريين المعينين في هذه المدرسة، ورفضوا دخولهم في أول أيام العام الدراسي.

بالمقابل شكى بعض أولياء الطلاب السوريين ممن تواصلت معهم “صدى الشام” سوء معاملة أبنائهم أحياناً من قبل أقرانهم الأتراك ومن المعلمين، وتركزت معظم هذه الشكاوي في الصفوف العليا مثل الخامس والسابع والتاسع.

وتؤكد شيماء الحسن، وهي اختصاصية اجتماعية ووالدة لطالبة في الصف الخامس، أنّ مشاكل الانسجام والتوافق بين الطلاب الأتراك والسوريين هي الأكثر شيوعاً وإزعاجاً، حيث يكون الطلاب السوريون في هذه الحالة الأكثر تعرضاً للسخرية والاستهزاء، وأحيانا التنّمر من قبل زملاءهم، بسبب فشلهم في التواصل والدفاع عن أنفسهم أمام معلميهم وإدارة المدرسة نتيجة ضعف لغتهم.

تعرض صفاء قدور وهي والدة لطفلة مستجدة هذا العام، مشكلتها التي سجلتها بشكل رسمي في مديرية التربية باسطنبول وتقول:” ابنتي طالبة في الصف الأول الإبتدائي، ُوضعت مع معظم الطلاب السوريين المسجلين في قاعة واحدة بآخر طابق من المدرسة. تقضي ابنتي الصغيرة معظم فترة الاستراحة صعوداً ونزولاً على الدرج في حين أن بقية شعب الصف الأول جميعها في الطابق الأول”. وتضيف “بعض المعلمين والمدارء يتعاملون بتمييز واضح مع هؤلاء الطلاب، وهم لايفهمون أنه لا ذنب لنا في إلحاق أولادنا بمدارسهم سوى أننا مجبرون ولاخيار آخر لنا”.

كيف سنتعلم؟

في ظل اختلاف المناهج التركية عن السورية، وصعوبات اتقان اللغة، وخضوع الطلاب السوريين لنفس اختبارات الطلاب الأتراك، وعدم تقدير وضعهم، طرح العديد من الأهالي أسئلة تتعلق بكيفية تعليم أبناءهم، وطريقة متابعتهم، خاصةً أن الأهالي عاجزون تقريباً عن المساعدة.

 ويرى بعض التربويين السوريين أن أبرز سلبيات الاندماج هي تراجع تحصيل الطلاب، وشعورهم بالعجز، لاسيما خلال العام الأول الذي يواجه فيه الطالب تحديات كبيرة، قد تودي به إلى ترك المدرسة في حال عدم قدرته على مواجهتها.

وفي هذا الإطار يرى الأخصائي التربوي مازن مورللي، أنّ قرارات التربية التركية جاءت “متسرعة”، وتساءل: “كيف يتم دمج طلاب في المراحل العليا بهذه المدارس إذا كانوا غير متقنين للكتابة والقراءة، ثم كيف سيتم محاسبتهم بنفس طريقة الطالب التركي أليس هذا عدم مساواة؟”.

وأيدّ مورللي فكرة إدماج طلاب المراحل الدنيا بالتسلسل، لأنّ هؤلاء قادرون على اكتساب اللغة بشكل أسهل ومبسط على عكس الطلاب الكبار.

وكانت العديد من التساؤلات والشكاوي بدأت تظهر بين أولياء الطلاب السوريين عن كيفية تدريس أبناءهم، في وقت بدأت مواقع التواصل الاجتماعي تضّج بعشرات الإعلانات للمعاهد الخصوصية، التي تنوي الاستفادة من هذه الظروف.

يشار إلى أن عدد الطلاب السوريين الذين يتلقون تعليمهم في تركيا وصل هذا العام بحسب أرجان دميرجي، نائب مستشار وزارة التربية والتعليم التركية إلى 500 ألف طفل من أصل  850 ألف طفل في سن التعليم.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]