«المنتدى العالمي»: الاقتصادات لا تزال معرضة للخطر




فرص الانتعاش الاقتصادي المستدام عالمياً، لا تزال «معرّضة للخطر»، على رغم مرور عقد على الأزمة الاقتصادية العالمية، إذ عزا تقرير التنافسية العالمية التابع لـ «المنتدى الاقتصادي العالمي» 2017 – 2018، ذلك إلى «فشل القادة والسياسيين وصناع القرار في سن القوانين وتنفيذ الإصلاحات اللازمة، لدعم القدرة التنافسية وتحقيق زيادات في الإنتاجية، التي يحتاج إليها بإلحاح».

ويقوّم التقرير سنوياً العوامل المؤدية إلى زيادة إنتاجية الدول وازدهارها، وتصدّرت سويسرا للعام التاسع على التوالي، مؤشر التنافسية العالمية كون «اقتصادها هو الأكثر تنافسية في العالم»، لتسبق «الولايات المتحدة وسنغافورة بفارق ضئيل».

أما دول مجموعة العشرين الأخرى في ترتيب العشر الأوائل، فهي ألمانيا (5) وبريطانيا (8) واليابان (9)». فيما حققت الصين «أعلى مرتبة بين مجموعة دول «بريكس»، حيث زادت درجة واحدة لتصل إلى المرتبة 27».

ويبرز تقرير هذه السنة، ثلاث نقاط «مثيرة للقلق»، منها النظام المالي إذ لا تزال مستويات «السلامة» تتعافى من صدمة عام 2007، حتى أنها «انحدرت إلى مستويات متدنية في بعض دول العالم». واعتبر أن ذلك «يبعث على القلق، خصوصاً إذا أخذنا في الاعتبار الدور المهم للنظام المالي في تيسير الاستثمار في الابتكار، الذي يشكّل أساس الثورة الصناعية الرابعة».

وتتمثل النقطة الثانية، في «ازدياد مستويات القدرة التنافسية ولا تقلّ من خلال الجمع بين درجات المرونة، ضمن القوى العاملة والحماية الكافية لحقوق العمال». ومع تعطيل أعداد كبيرة من الوظائف وفقدانها، نتيجة انتشار الروبوتات والتشغيل الآلي، رأى التقرير أن «من المهم جداً إيجاد ظروف يمكن صمودها أمام الصدمات الاقتصادية، ودعم العمال خلال الفترات الانتقالية».

وأوضح المؤسس الرئيس التنفيذي للمنتدى كلاوس شواب، أن القدرة على الابتكار «ستكون السمة الأساس والمحددة للقدرة التنافسية العالمية في شكل تدريجي، وستُصبح المواهب أكثر أهمية من رأس المال، وعليه يخرج العالم من عصر الرأسمالية إلى عصر الموهبة».

وأكد أن «الدول التي تستعد للثورة الصناعية الرابعة وتعزز نُظمها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ستكون الفائزة في سباق التنافسية العالمي».

وأشار المنتدى في تقريره، إلى أن سويسرا وهولندا وألمانيا «تمكّنت من الحفاظ على مراكزها المتقدمة في المرتبة الأولى والرابعة والخامسة على التوالي، فيما التغيير الوحيد في المراكز الخمسة الأولى يتمثل في ترتيب الولايات المتحدة وسنغافورة اللتين تبادلتا مركزيهما الثاني والثالث». أما المراتب العشر الأولى، فكان الفائز الأكبر فيها «هونغ كونغ، التي قفزت ثلاث مراتب لتخطف المركز السادس من السويد التي حلّت سابعةً هذه السنة، تلتها بريطانيا ثامنة واليابان تاسعة، وخسر كل منها مرتبة واحدة». أما المركز العاشر، فكان من نصيب فنلندا. ولعلّ الدولة الأفضل أداءً في ترتيب الدول العشرين هي إسرائيل، التي «تقدّمت ثماني مراتب لتصل إلى الـ16».

ورصد التقرير تسجيل «تحسّن في متوسط أداء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هذه السنة، على رغم تدهور البيئة الاقتصادية الكلية في بعض الدول». وألزم انخفاض أسعار النفط والغاز هذه المنطقة بـ «تنفيذ إصلاحات تعزز التنويع، وأدت الاستثمارات الكثيفة في البنية التحتية الرقمية والتكنولوجية، إلى تحسينات كبيرة في مجال الجاهزية التكنولوجية». لكن ذلك «لم يؤدّ بعد إلى تحول كبير بالقدر ذاته في مستوى الابتكار في المنطقة». وتصدّرت الإمارات (17) الدول العربية، تلتها قطر (25)، والمملكة العربية السعودية (30)، والبحرين (44) من ثم الكويت (52). في حين سجّلت مصر التحسّن الأكبر (في المرتبة 101 متقدّمة 14 مرتبة)، تلاها لبنان الذي جاء الأخير عربياً وفي المركز الخامس بعد المئة عالمياً.

في أوروبا، أفاد المنتدى بأن «فرنسا خسرت مرتبة واحدة لتحلّ في المركز 22»، ملاحظاً «تحسناً ضئيلاً في سدّ الفجوة بين شمال أوروبا وجنوبها، على رغم التغيير الطفيف في ترتيب إسبانيا (34) وإيطاليا (43) واليونان (87)». وتمكنت البرتغال «من التفوق على إيطاليا وتسلّق أربع مراتب لتصل إلى المركز 42». وشهدت الاتجاهات العامة على مدى العقد الماضي في أوروبا «تحسناً في النظم الإيكولوجية للابتكار، وتدهوراً مقلقاً في بعض المؤشرات التعليمية المهمة». فيما حسّنت روسيا من ترتيبها «مرتفعة خمس مراتب لتصل إلى المركز 38، ولعلّ التحسينات في المتطلبات الأساسية والابتكار هي التي تدفع الزيادة».

أما أميركا الشمالية، فهي «لا تزال واحدة من أكثر المناطق تنافسية في العالم، إذ إنها رائدة في مجال الابتكار وتطوير الأعمال التجارية والاستعداد التكنولوجي». لذا، فإن «ترتيبها قريب من المراكز الأولى في ركائز التنافسية الأخرى، ما ساهم في رفع مستوى الولايات المتحدة إلى المرتبة الثانية، وتحسين ترتيب كندا التي حلّت في المركز الرابع عشر».

ومن بين 17 اقتصاداً فى شرق آسيا ودول المحيط الهادئ، أورد التقرير أن 13 دولة «زادت مجموع نقاطها ولو في شكل طفيف، في حين حققت إندونيسيا وبروناي دار السلام التحسّن الأكبر منذ العام الماضي».

وسجلت سنغافورة وهي أكثر الاقتصادات التنافسية في المنطقة، «انخفاضاً من المركز الثاني إلى الثالث، بينما تقدمت هونغ كونــغ من المركز التاسع إلى السادس متفوقـــةً على اليابان، التي تحتل حالياً المرتبة التاسعة». وبرزت بعض الدلائل على «تباطؤ الإنتاجية بين الاقتصادات المتقدمة في المنطقة بما في ذلك الصين، ما يشير إلى ضرورة تعزيز الجهود الرامية إلى زيادة الجاهزية التكنولوجية وتشجيع الابتكار». أما الهند فهي «لا تزال (40) أكثر الدول تنافسية في جنوب آسيا، حيث تحسّن أداء مـــعظم بلدان المنطقة».

إلى ذلك، شهدت أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي «10 سنوات من التحسن المستمر في القدرة التنافسية». وحافظت تشيلي على ريادتها في المنطقة، محتلة المرتبة 33، تلتها كوستاريكا في المرتبة 47 متقدّمة سبع مراتب».

ولم تحقق القدرة التنافسية لمنطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى «تغييراً لافتاً في المتوسّط على مدى العقد الماضي، في حين استمرت مجموعة من الدول (إثيوبيا في المرتبة 108، والسنغال في المرتبة 106، وتنزانيا في المرتبة 113، وأوغندا في المرتبة 114) في التحسن هذه السنة».




المصدر