فزغلياد: إسبانيا ستقمع “الربيع الكتالوني” بالقوة



الصورة: Emilio Morenatti/AP/ТАСС

المحتوى

مقدمة …………………………………………………1

النواب يُرسلون إلى السجون……………………………2

لم يحدث شيءٌ مماثل “منذ عهد فرانكو”………………..3

“ربيع القِرَم” بدأ في شبه الجزيرة الإيبيرية………………4

مقدمة

مدريد تبدأ عمليةً تأديبية في برشلونة. حتى الآن، قامت الشرطة بعمليات تفتيش قي إدارة المنطقة، واعتقلت عدة موظفين. ردًّا على هذه الإجراءات؛ يُقسِم قادة الإدارة الذاتية على المضي قدمًا حتى النهاية، وإجراء الاستفتاء المزمع حول الاستقلال. يتزايد الشبه، بين ما يجري في كتالونيا وبين ما جرى في شبه جزيرة القرم، قبيل انفصالها عن أوكرانيا، في آذار/ مارس 2014. ومع ذلك، هناك فرق كبير بين الحالتين.

باشرت السلطات الإسبانية باتخاذ إجراءاتٍ عنيفة نشطة ضد الانفصاليين. ووضع 14 شخصًا تحت الحراسة، ومن ضمنهم موظفون كبار. وكانت قوات الحرس المدني قد بدأت سلسلةً من عمليات التفتيش والاعتقال في المقر الرئيسي للحكومة الكتالونية، وفي عددٍ آخر من المقارّ الحكومية والخاصة في الإقليم.

تقول صحيفة El Mundo إن عناصر الحرس دخلوا مقر حكومة الحكم الذاتي؛ وباشروا التفتيش، ثم وضعوا كافة المداخل تحت سيطرتهم، وبدؤوا بتدقيق وثائق كل من يدخل أو يخرج. وقد أظهر الحرس للحكومة مذكرةً صادرة عن محكمة التحقيق رقم 13 في برشلونة، تقضي بالمنع التام لتنظيم الاستفتاء حول الاستقلال، وكذلك كل أشكال عدم إطاعة السلطات المركزية. في الوقت نفسه، أكد رئيس وزراء إسبانيا (ماريانو راخوي) أن محاولاتٍ للانقضاض على الدستور والسيادة تجري في كتالونيا، ولهذا؛ فإن حكومته “تقوم بما يتوجب عليها القيام به”.

رئيس كتالونيا (كارلوس بيجديمون) عقد اجتماعًا طارئًا لمجلس وزرائه، وأعلن فيما بعد: “صارت حكومة كتالونيا هدفًا لعدوانٍ مبيّت من قبل قوات الشرطة التابعة للحكومة الإسبانية؛ بهدف منع إظهار إرادة الكتالونيين بصورةٍ سلمية، في الأول من تشرين الأول”. وأشار إلى أن السلطات المركزية تجاوزت الخط الأحمر الذي كان يفصلهم عن الأنظمة الشمولية، وتحولت إلى “عارٍ ديمقراطي”.

من جانب آخر، دعا رئيس مجلس نواب كتالونيا (جورجي سانشيز) الكتالونيين إلى المقاومة السلمية؛ وعلى الفور، بدأت أعمال الاحتجاج. الشرطة الكتالونية لم تتدخل حتى الآن، فمن الواضح، أن سلطات  كتالونيا لا تريد إثارة العنف؛ إذ إن موقف التفوق الأخلاقي على مدريد هو الأفضل بالنسبة إليهم.

كان بين الأماكن التي دوهمت: وزارة الاقتصاد، الشؤون الخارجية، التوظيف والمسائل الاجتماعية، جهاز رئيس الحكومة، خدمة الضرائب، وكذلك الشركات الخاصة.

تجدر الإشارة إلى أن انتقاء الشركات الخاصة لم يكن عشوائيًا. فعلى سبيل المثال، تقدم شركة T-Systems خدماتٍ لحكومة كتالونيا في مجال المعلوماتية وتكنولوجيا الاتصالات. أما شركة Indra فتؤمن العمليات الانتخابية، وبشكلٍ خاص التصويت الإلكتروني، عدّ الأصوات، التحليل الإحصائي. وبهذا؛ يتبين أن خطوة الحكومة الإسبانية موجهة لحرمان برشلونة من أدوات إجراء الاستفتاء.

النواب يُرسلون إلى السجون.

تبين أنّ من بين المحتجزين رفيق نائب رئيس الوزراء المقرب ووزير الاقتصاد الكتالوني (أوريل جونكيراس)، ونائبه جوزيب ماريا جوفيه. أصبحت الإدارة التي يرأسها جونكيراس وموظفوه الهدف المفضل بالتحديد لقوى الأمن. قال جونكيراس محتجًا: “هذا تجاهلٌ تام لرغبة المواطنين. إنهم يقومون بأعمالٍ لم نرها منذ عشرات السنين في الديمقراطيات الغربية”.

من الملفت أن الاعتقالات طالت مختلف المستويات، ولكنها لم تمس شخصيات الصف الأول. واقتصر الأمر على تفتيش مكاتب عمل بعضهم لا أكثر، لتصل رسالةً مفادها أن شخصيات الصف الأول قد تكون الهدف التالي.

لم يأت التركيز على إدارة جونكيراس من فراغ؛ فهي في واقع الأمر تقوم بتأمين تمويل عملية الاستفتاء. ويُعدّ جونكيراس الشخص الثاني في الحكومة الكتالونية، ومن حيث الوزن السياسي في الإقليم، يتقدم على رأس السلطة الحالي (بوتش ديمون). يعدّ زعيم حزب “اليساريين الجمهوريين في كتالونيا” والشريك في تحالف (معًا نقول نعم)، واحدًا من أشرس وأقوى المطالبين بالانفصال عن إسبانيا وإجراء الاستفتاء.

كما أعلن رئيس جهاز رئيس حكومة كتالونيا (جوردي تورول) عن أن الوضع هو “حالة حصار شرطية”، وأكد أن نية برشلونة بإجراء الاستفتاء لا تزال سارية، ومع مرور كل ساعة؛ تكتسب مبرراتٍ أكثر.

لم يحدث شيءٌ مماثل “منذ عهد فرانكو”

رئيس المجموعة الحزبية في حزب (اليساريون الجمهوريون اليساريون في كتالونيا) في بلدية برشلونة، والعضو السابق في البرلمان الإسباني (ألفريد بوش) صرّح  لصحيفة (فزغلياد): “هذا هجومٌ على الديمقراطية. إنها ضربةٌ موجهةٌ ضد مؤسسات السلطة الكتالونية”. وأكد أن الحكومة الإسبانية لا تمتلك الحق بتعطيل عمل إدارة كتالونيا. وأوضح أن “الحديث يدور حول غالبية المنافع التي تقدم للمواطنين المستشفيات، المدارس، الجامعات، وكل ما هو ضروري لعمل المواصلات والاتصالات”.

وأشار المتحدث إلى أن “الأحداث التي شهدناها اليوم لم نر مثيلها منذ عهد ديكتاتورية الجنرال فرانكو الشمولية. هذه الاعتقالات العشوائية وهذا الهجوم مباشر على مؤسسات الإدارة الذاتية في كتالونيا، تذكرنا بالديكتاتورية العسكرية. لم يحدث شيءٌ مشابه منذ تلك الفترة”.

أكد بوش: “سنتوجه إلى الاتحاد الأوروبي، لأننا مواطنون أوروبيون أيضًا. نحن نفهم أن حقوقًا أساسيةً قد خُرقت، وسنبقى صامدين ولن نستسلم، وسنصوت في الأول من تشرين الأول/ أكتوبر لصالح مستقبلنا، مهما حدث”.

من ناحية ثانية، قال عضو البرلمان الأوربي المنتخب عن كتالونيا (جوردي سوليه) للصحيفة: “اجتمع اليوم آلاف المواطنين بصورةٍ سلمية، من أجل الدفاع عن حكومتهم المنتخبة ديمقراطيًا”. وأكد سوليه: “ليس هناك شيءٌ بإمكانه عرقلة الإرادة الديمقراطية والحرة للشعب الذي كرس نفسه في سبيل حقوقه. أظهر الشعب الكتالوني، مرةً أخرى، أن السلطات الإسبانية لن تستطيع إخافتنا”.

قامت الاحتجاجات في مركز العاصمة مدريد في ساحة (بوايرتا دل سول)، وشارك في تنظيمها الحزب اليساري (بوديموس) الذي لا يؤيد الانفصاليين، ولكنه يقف إلى جانب حرية التعبير عن الإرادة. كما  نظمت تجمعاتٌ في مختلف مناطق إقليم الباسك، وغيره من المناطق الإسبانية دعمًا للكتالونيين. وصرح رئيس بلاد الباسك (إيغينيو أوركيليو) بأنه لا يفهم تصرفات مدريد. وأكد: “يتطلب هذا الوضع فهمًا للحقائق، وتتطلب الحوار والمفاوضات، للتوصل إلى اتفاق”. كما أشار أوركيليو إلى أن “السلطات الإسبانية تريد إطفاء النار بإلقاء المزيد من الحطب عليها، وترش عليها البنزين. السلطات الإسبانية هي من تدفع الأمور إلى نقطة اللاعودة”.

أحد نواب رئيس البرلمان الأوربي (ديمتريس باباديموليس) وصف الاعتقالات التي قامت بها السلطات الإسبانية بأنها “تحولٌ مقلقٌ للغاية”. وأكد ضرورة إيجاد حل للمشكلة عن طريق الحوار، وليس من خلال “التصرفات العدوانية”.

“ربيع القِرَم” بدأ في شبه جزيرة الإيبيرية

المختص بالشؤون الإسبانية (الكسندر تشيتشين) على ثقةٍ بأن برشلونة لن تقدِم على مواجهة مدريد بالقوة المسلحة: “كل شيءٍ تحت سيطرة إسبانيا، وكتالونيا لا تستطيع بشكلٍ من الأشكال المواجهة. ليس هناك أذرعٌ قانونية على الإطلاق، والشيء الوحيد الممكن القيام به إظهار الاستنكار الشعبي، وهو ما يحدث الآن. إسبانيا تجرد كتالونيا من إمكانات إجراء التصويت، وأفضلية الكتالونيين الوحيدة: التفوق المعنوي”.

تذكّر الأحداث الجارية في كتالونيا بأحداث شبه جزيرة القرم، في بداية آذار عام 2014، عندما كان يحضر لإجراء استفتاء حول الاستقلال. في القرم، كانت القوات الروسية تتولى تأمين عملية إظهار الإرادة الشعبية في القرم، ولكن الشرطة المحلية في كتالونيا، ما زالت تتخذ موقفًا محايدًا. أما بخصوص الجانب القانوني لهاتين المنطقتين الأوربيتين، فإنه متطابقٌ تمامًا.

القرم، كما كتالونيا، كانت منطقة حكمٍ ذاتي، وأوكرانيا كما هو حال إسبانيا، دولةٌ اتحادية. وفي الحقيقة، تتصرف كتالونيا في الكثير من القضايا كدولةٍ مستقلة، فحكمها الذاتي حقيقي وواسع. أما القرم، فكانت في ظل أوكرانيا تتمتع بوضعٍ مستقل ذاتي بالاسم فقط. ويوضح الأكاديمي لصحيفة (فزغلياد): “ليس هناك تشابه، بل على العكس. في القرم سُمح للشعب بأنْ يعبّر عن إرادته عبر الاستفتاء، ولكن في كتالونيا لا تتوفر لدى الشعب هذه الإمكانية. وهنا الفرق. ولهذا لن تسمح مدريد بإجراء الاستفتاء الذي سيصوت فيه الكتالونيون لصالح الخروج. تقول إحصاءات الحكومة الإسبانية إن نتيجة التصويت ستكون 40 بالمئة مع الخروج، و60 بالمئة ضده. ولو كانت حكومة مدريد واثقةً من هذه الأرقام؛ لسمحت بإجراء الاستفتاء. إسبانيا تلجأ إلى إجراءاتٍ غريبة. من المدهش أن يحدث ذلك في أوروبا!”.

اسم المقالة الأصلية Испания силой подавляет «каталонскую весну» كاتب المقالة نيكيتا كوفالينكو مكان وتاريخ النشر صحيفة فزغلياد. 20 أيلول 2017 رابط المقالة https://vz.ru/world/2017/9/20/887874.html

ترجمة سمير رمان




المصدر
سمير رمان