العدالة للسوريين تبدأ في المحاكم الأوروبية



أكدت منظمة (هيومن رايتس ووتش)، في تقرير لها اليوم الثلاثاء، أن المحاكم الأوروبية بدأت تفتح أبوابها لـ “مثول المسؤولين عن الفظائع المرتكبة في سورية أمامها”، وبدأت الجهود السابقة “تؤتي ثمارها”، ولا سيّما في المحاكم “السويدية والألمانية”.

ذكر التقرير الذي جاء في 66 صفحة أن العديد من “السلطات الأوروبية فتحت تحقيقات في الجرائم الدولية الخطيرة التي ارتُكبت في سورية”، وجاء ضمن تعريف: “هذه هي الجرائم التي نفرّ منها: العدالة لسورية في المحاكم السويدية والألمانية”، وأشار إلى جهود المنظمة في توثيق “جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، والإبادة الجماعية”، ومقاضاة مرتكبيها، واستندت إلى “مقابلات مع 50 مسؤولًا وعاملًا في هذه الحالات، و45 لاجئًا سوريًا في البلدين”، كما طرحت الصعوبات التي تواجه التحقيق.

ماريا إيلينا فينيولي -الحائزة على زمالة (ساندلر) في برنامج العدالة الدولية في (هيومن رايتس ووتش)- قالت: “مع انسداد السبل الأخرى أمام العدالة حاليًا، تشكل التحقيقات الجنائية في أوروبا بصيصَ أملٍ، لضحايا الجرائم في سورية الذين ليس لديهم مكان آخر”، وأضافت أن ما فعلته المحاكم السويدية والألمانية “رسالة إلى مجرمي الحرب، بأنهم سيدفعون ثمن جرائمهم”.

اللاجئة السورية (سميرة) الموجودة بالسويد قالت، في شهادتها للمنظمة: “قُتل أخي بـ 14 رصاصة على يد النظام.. ماتت كل عائلتي.. رأيت 5 أطفال يُعدَمون.. رأيت رؤوسهم تُقطع.. لم أستطع النوم طوال أسبوع”، وأضافت: “تحقيق العدالة مهم جدًا، سيجعلني أشعر بأنني إنسانة”.

(محمد) الذي ينشط في ألمانيا أشار إلى أن من جندتهم “الحكومة السورية” يعتقدون أن “الحل السياسي سيأتي، وسيتمكنون من الفرار إلى أوروبا”، وأوضح قائلًا: “أريدهم أن يشعروا بأنهم مطاردون، كما طاردوا الناس طوال حياتهم، نحن بحاجة إلى توجيه رسالة أمل إلى الضحايا، ورسالة إلى المجرمين بأنهم لن يهربوا”.

لفت التقرير إلى تاريخ 25 أيلول/ سبتمبر الماضي، يوم أصبحت السويد أول دولة تدين جنديًا من الجيش السوري، تم التعرف عليه من صورته على الإنترنت، وهو يضع “رجله على صدر جثة، وواجه تُهم انتهاك كرامة جثة”.

ذكرت المنظمة في تقريرها أن العديد من اللاجئين السوريين، في السويد وألمانيا، “لا يدركون الأنظمة المعمول بها للتحقيق والملاحقة القضائية للجرائم الخطيرة في سورية، وإمكانية المساهمة في جهود العدالة في هذين البلدين، أو حق الضحايا في المشاركة في الإجراءات الجنائية”.

وأوضحت أن في كلا البلدين توجد أيضًا “أنظمة لحماية الضحايا والشهود في القضايا الجنائية”، كون طالبي اللجوء السوريين يخافون من “احتمال الانتقام من أحبتهم في الوطن”، وعندهم “عدم ثقة في الشرطة والمسؤولين الحكوميين، بسبب التجارب السلبية في سورية، وشعورهم أن الدول المضيفة والمجتمع الدولي تخلوا عنهم”.

إن وجود تلك الأعداد الكبيرة للاجئين السوريين في البلدين يتيح للسلطات خيارات جيدة، كون هذا يتيح لها الوصول إلى عدد من “الضحايا والشهود والأدلة المادية، وحتى بعض المشتبه بهم”، وعلى هذا؛ ترى المنظمة في تقريرها أن “على البلدين البحث عن خيارات جديدة، لزيادة حماية عائلات الشهود في هذه القضايا في سورية، بما يتماشى مع معايير المحاكمات العادلة”.

في هذا السياق، قالت فينيولي: إن التحديات في هذه القضايا “تتفاقم، بسبب النزاع المستمر في سورية، حيث لا يمكن الوصول إلى مسرح الجريمة”، وترى أن على سلطات البلدين البحث عن مصادر أخرى لـ “المعلومات”، منها “اللاجئون السوريون، الأشخاص الذين يقومون بأعمال مماثلة في بلدان أوروبية أخرى، الهيئات التابعة للأمم المتحدة، ومجموعات غير حكومية توثق الفظائع في سورية”.

طالبت المنظمة سلطات البلدين بزيادة العمل لتأمين “الموارد الكافية”، لتزويد “الوحدات المتخصصة بجرائم الحرب”، وتوفير “موظفين لها، والتدريب المستمر لهم، والنظر في طرق جديدة للتعامل مع اللاجئين السوريين على أراضيها، من خلال جهود التواصل والتوعية والإعلام”.

دعت فينيولي الدول الأوروبية إلى “اتباع مبادرة السويد وألمانيا، والعمل على توسيع جهود العدالة للسوريين في أوروبا عمومًا”، وأكدت أن “هذه القضايا ليست كافية وحدها، وهي تسلط الضوء على الحاجة إلى عملية قضائية أكثر شمولًا، لمعالجة الإفلات المستمر من العقاب في سورية”. ح – ق.




المصدر
جيرون