سيناريوهات عسكرية متوقعة لشكل المعركة المرتقبة في إدلب.. حصار "تحرير الشام" أبرزها



السورية نت - مراد الشامي

تنتظر إدلب شمال سوريا معركة باتت قريبة جداً وخياراتها مفتوحة، مع تأكيد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم السبت، أن عملية عسكرية كبيرة تدور فيها، معلناً أنها ستستمر، فيما تواصل القوات التركية حشودها على الحدود، وتتأهب فصائل المعارضة المنضوية في "درع الفرات" لبدء دخول المدينة.

ولهذه المعركة هدف رئيسي هو القضاء على هيئة "تحرير الشام" التي تسيطر على مساحات واسعة من المحافظة، لا سيما عقب قتالها الأخير مع حركة "أحرار الشام" وطردها من العديد من المناطق، ووصولها إلى منطقة معبر باب الهوى على الحدود السورية التركية.

لغة التهديد والوعيد كانت حاضرة بقوة في التصريحات التي تحدثت اليوم السبت عن المعركة المتوقع أن تبدأ خلال وقت قصير جداً، فمن جهة حذرت تركيا أنها لن تسمح بوجود ممر إرهابي على حدودها، ومن جهة أخرى توعدت "تحرير الشام" كل من سيطأ قدمه مدينة إدلب.

ويتوقع مراقبون أن تشهد المدينة أعنف المعارك، لا سيما وأن مصير "تحرير الشام" بات مرتبطاً بما ستؤول إليه نتائج المواجهات المقبلة، وفي هذا السياق رجح الخبير في الجماعات المتشددة عبد الرحمن الحاج في تصريح سابق لـ"السورية نت" أن تتشبث هيئة "تحرير الشام في مواقعها وأن تفرض نفسها كأمر واقع، وأن تنقل المعركة إلى إدلب وبالتالي تسحق نفسها والمدنيين أيضاً"، معللاً ذلك بأن "تاريخ القاعدة تاريخ مواجهة وليس انسحاب".

ووفقاً لتصريحات أنقرة فإن فصائل من الجيش السوري الحر ستلعب دوراً كبيراً في هذه المعركة، مسنودة بدعم تركي، وتُشير تحليلات وتقارير صحفية بعضها نُشرت في صحف تركية قريبة من الحكومة إلى سيناريوهات عسكرية عدة قد تشهدها معركة "القضاء على تحرير الشام"، وفيما يلي أبرزها:

سيناريو "المناطق الثلاث"

هذا السيناريو تحدث عنه مركز عمران للدراسات الاستراتيجية، في دراسة نشرها يوم 14 سبتمبر/ أيلول 2017، ونشر خريطة تُظهر سيناريو محاصرة "تحرير الشام" في معركة إدلب المرتقبة، عبر مقاربة المناطق الثلاث، وهي:

المنطقة 1/ شرق سكة القطار خط حلب-دمشق: وهي منطقة منزوعة السلاح، تحت "حماية روسية" تُقاتل فيه هيئة "تحرير الشام" من طرف القوات الروسية، ويُطلب من المسلحين من فصائل المعارضة الأخرى مغادرتها، وتُدار من طرف المجالس المحلية للمعارضة بشكل قريب من نمط الإدارة الذاتية المحاطة بمعابر حدودية مع المناطق المجاورة لها مع المنطقة 2 غرباً أو مع مناطق سيطرة الميليشيات الإيرانية شرقاً. وتمتد من جنوب حلب حتى شمال حماه.

- المنطقة 2 / ما بين السكة والأوتوستراد: وهي منطقة يتوقع أن تنحصر فيها هيئة "تحرير الشام" وتقاتل فيها من طرف تحالف روسي وتركي مع السماح لنزوح المدنيين سواء باتجاه المنطقة 1 أو 3، وبالتالي دفعها إما لمواجهة عسكرية وجودية أو تفاهم يفضي لحلها وإنهاء تشكيلها السياسي والإداري والعسكري.

- المنطقة 3 /غرب الأوتوستراد – طريق حلب-دمشق: وهي منطقة تفيد المؤشرات والتفاهمات الدولية بأنها من ضمن النفوذ التركي بحيث يشن الجيش التركي هجوماً ميدانياً للسيطرة على هذا القطاع بالتعاون مع فصائل عسكرية محلية معارضة. وتمتد من الحدود التركية حتى أوتوستراد حلب -دمشق الدولي، وهذا يتطلب هيكلة عسكرية جديدة تحوي الفصائل المسلحة المنخرطة في قتال الهيئة أو إيجاد تفاهمات تقضي بإخلاء مقاتلي الهيئة من هذه المنطقة. وستدفع أنقرة في معارك هذه المنطقة باتجاه تحجيم حزب الـ PYD (الاتحاد الديمقراطي الكردي) وصد محاولاته في تحقيق الاتصال الجغرافي بين الكنتونات الثلاثة (التي يسيطر عليها).

ومن أبرز التحديات أمام هذا السيناريو الرد العسكري الذي يمكن أن تتخذه "تحرير الشام" والذي يُمكن أن يحول معارك المنطقة لمعركة استنزاف طويلة، وهو أمر تعززه الخصائص القتالية النوعية للهيئة.

الهجوم من الغرب

صحيفة "يني شفق" التركية القريبة من الحكومة، كانت قد تحدثت عن سيناريو ثانٍ لدخول قوات المعارضة السورية والجيش التركي إلى إدلب، وقالت إن 25 ألف جندي من الجانبين سيشاركون في المعركة المرتقبة بإدلب.

وأشارت الصحيفة إلى أن مقاتلي الجيش الحر والجنود الأتراك سيدخلون إدلب من جهة الغرب، المطلة على ولاية هاتاي وذلك على عمق 35 كم، وطول 130 كم.

وأضافت أن القوات ستدخل المدينة من خلال جسر الشغور ودار عزة، لافتة إلى أنّ مساحة المنطقة التي ستسيطر عليها القوات التركية وقوات فصائل الجيش الحر ستبلغ ما يقارب 5 آلاف كيلو متر مربع.

ولفتت إلى أنّ العملية تستهدف السيطرة على منطقتين بارزتين ضمن المناطق الممتدة من عفرين الواقعة تحت سيطرة الميليشيات الكردية، وصولاً إلى جبال التركمان في اللاذقية، وهما مطار تفتناز وجبل الأربعين الاستراتيجيتين، على حدّ قولها.

وأردفت الصحيفة أنّ القوات المسلحة التركية ستتمكن من خلال العملية العسكرية المقررة من مراقبة المناطق الواقعة تحت سيطر الميليشيات الكردية عن كثب، موضحة أنّ المناطق التي ستسيطر عليها تركيا وفصائل الجيش السوري الحر في إطار العملية ستكون على الشكل التالي: "تفتناز وجبل الأربعين وجسر الشغور وأريحا ومعرة النعمان وخان شيخون".

فكي كماشة

يقوم هذا السيناريو على مشاركة كل من تركيا وروسيا وإيران في الهجوم على إدلب، وقال مركز "وقف الثقافة الاستراتيجية" الروسي الذي نشر دراسة عن المواجهة المرتقبة أنه يُتوقع أن الجيش التركي المسلحين من الشمال، بينما يتقدم الجيشان الروسي والإيراني من الجنوب.

ووفقاً لتقرير المركز فإن "الطيران الحربي التركي بدعم من روسيا وإيران سوف يهاجم مواقع المسلحين المتشددين في المحافظة قبل أن يبدأ الجيش بالتقدم براً من أجل فرض منطقة عدم اشتباك جديدة في المحافظة، بالتزامن مع تقدم قوات روسية وإيرانية من جنوب المحافظة".

لكن هذا السيناريو يبدو أنه مستبعداً، فحتى الآن لم يبرز أي مؤشر على دور إيراني محتمل في المعركة المرتقبة في إدلب، لا سيما وأن فصائل درع الفرات ترفض أي تواجد لإيران التي تعتبرها محتلة في الشمال السوري.

أما عن روسيا، فعلى الرغم من أن الرئيس التركي أردوغان قال إن القوات التركية ستتولى مهام عسكرية في معركة إدلب براً، وأن روسيا سيكون لها دور من الجو، إلا أن قادة في فصائل "درع الفرات" أوضحوا أن الدور الروسي سيقتصر فقط على المناطق التي يسيطر عليها نظام الأسد، لمنع التصادم بين قوات الأخير وفصائل الجيش الحر.

وفي وقت سابق، أكد مصطفى سيجري رئيس المكتب السياسي في "لواء المعتصم" - أحد أبرز فصائل درع الفرات -  في تصريح لـ"السورية نت" أن "الروس والإيرانيين  لن يكون لهم أي دور في مناطق سيطرة الجيش السوري الحر"، وأضاف أنه إذا كان هنالك دور للروس فسيكون في مناطق سيطرة النظام فقط.

ورجح سيجري أن يكون مصير هيئة "تحرير الشام" في إدلب إذا قررت المواجهة، مشابهاً لمصير "تنظيم الدولة" الذي يمر حالياً بأسوأ مراحله منذ العام 2014، ويندثر من الكثير من المناطق.

اقرأ أيضاً: 5 أسئلة وإجاباتها حول انتشار الجيش التركي في إدلب




المصدر