أحاديث الجوع تعاود ظهورها في الغوطة



تشهد الغوطة الشرقية، منذ منتصف العام الجاري، أيامًا عصيبة من الحصار، أعادت أحاديث الجوع والبحث عن الخبز وأسباب البقاء، إلى الصدارة، يترافق ذلك مع قصف روسي مكثف، وخرقٍ لـ (وقف التصعيد)، أسهم بدوره في رفع مستوى الحاجات الأساسية لاستمرار الحياة.

قال أكرم طعمة نائب رئيس الحكومة السورية المؤقتة، لـ (جيرون): “تمرّ الغوطة الشرقية بحصار منذ عام 2013 وحتى الآن، وحدث ذلك على عدة مراحل؛ إذ كانت المرحلة الأولى منذ 2013 وحتى منتصف عام 2014، وكان هناك بعض المعابر التي تدخل بعض المواد، بإتاوات عالية، وبدأت المرحلة الثانية منذ منتصف 2014 وحتى 2015، وكانت هذه المرحلة من أصعب المراحل التي مرت بها الغوطة الشرقية، حيث اضطر الناس إلى طحن أعلاف الحيوانات وأكلها، وارتفعت الأسعار بشكل جنوني، وانعدمت كافة متطلبات الحياة، أما المرحلة الثالثة فقد بدأت عام 2015، إذ ساهمت عدة أنفاق بإدخال بعض المواد الأساسية وخفض تأثير الحصار، ولكن بقيت المواد أغلى من سعرها الطبيعي، واستمرت حتى نهاية 2016 وبداية 2017، وتميزت هذه المرحلة بإيجاد مستلزمات الغوطة الرئيسية، لكن بسعر أعلى من الطبيعي، وفي هذه المرحلة كان معبر الوافدين يُدخل بعض الأساسيات للغوطة”.

حدّ إغلاق الأنفاق، بعد اندلاع معارك شرق دمشق، من إدخال المواد، وأسهم في تكريس الاحتكار، وفي هذا الجانب، قال طعمة: “مع انطلاق معركة القابون وإغلاق الأنفاق؛ بدأت مرحلة الحصار الحالي المطبق، حيث انعدمت كثير من المواد الحياتية الأساسية، إضافة إلى الغلاء الجنوني الذي شمل أسعار جميع المواد، إذ وصلت الأسعار إلى معدلات غير مسبوقة”.

حول إمكانات الحكومة المؤقتة في مواجهة هذه الحاجات، والنشاط الإغاثي للمنظمات الفاعلة في الغوطة، أوضح طعمة: “خلال الفترة السابقة، استطاعت المحافظة التابعة لوزارة الإدارة المحلية في الحكومة المؤقتة مع المجالس المحلية، بدعم من بعض المنظمات، التدخلَ بدعم سعر ربطة الخبز أكثر من مرة، إضافة إلى التدخل بدعم بعض المواد الغذائية الأخرى، وحاليًا يوجد تدخل مباشر لتخفيف المضاربة على القمح، بعد أن وصل سعر الكيلو إلى نحو 1000 ليرة، وسيتم تخفيضها تدريجًا لتصل إلى 500 ليرة، بعد إيقاف المضاربة، وسيترافق ذلك، بالتنسيق مع المؤسسات الإغاثية، بتوزيع طحين مجاني، بكميات محدودة لشريحة الفقراء جدًا، وحاليًا هناك تنسيق عالي المستوى، بين الحكومة ممثلة بمكتب نائب رئيس الحكومة المؤقتة، وجميع المنظمات والمؤسسات الإغاثية العاملة في الغوطة؛ لتخفيف التأثير السيئ للحصار على المواطنين، إضافة إلى التواصل مع المنظمات الخارجية ورفع عدة مشاريع، لدعم جميع القطاعات في الغوطة، ومنها مشاريع لدعم الثروة الحيوانية والقطاع الزراعي، وهناك تجاوب مبدئي من قبل المنظمات”.

من جهة ثانية، أكد خليل عيبور، رئيس المجلس المحلي في مدينة دوما لـ (جيرون) أن “هذه الأيام من الحصار تعدّ الأشدّ والأقسى على الغوطة، حيث إن الأهالي استهلكوا كلّ ما ادّخروا من طعام، بعد وعودٍ شاعت بفتح الطريق، وبعضهم لم يخزنوا شيئًا من المواد الغذائية، وكانوا بانتظار فتح الطرق، بعد توقيع اتفاق (خفض التصعيد)”.لافتًا إلى أن “المشكلة الأساس التي تواجه الناس حاليًا هي قلة المواد الغذائية، وجشع التجار، وارتفاع أسعار المواد الغذائية في السوق المحلية”.

في السياق ذاته، نبه عيبور إلى أن “المجلس المحلي لمدينة دوما، بالتعاون مع مجلس المحافظة فعّل مؤخرًا مشروعًا، يقدّم من خلاله ربطة الخبز بسعرٍ منخفض، وكمية ربطات الخبز التي يقوم المحلي بخبزها كل يوم تقارب 8000 ربطة ضمن مدينة دوما، كذلك يتم توزيع الطحين على الأفران بالتعاون مع مجلس المحافظة، ليُخبز ويُباع بسعر منخفض ضمن المدينة. لكن كل هذه الإجراءات لا تكفي للخروج من الأزمة، وطالبنا مرارًا بأن تكون هناك مشاريع مخزون استراتيجي، تُباع ضمن مشاريع صالات بيع منخفض، لكن فات الأوان أمام الوضع الذي نعيشه”.

وأضاف: “ما نطالب به نحن -أهالي الغوطة الشرقية- هو فتح المعابر أمام تجار الغوطة الشرقية والأهالي؛ ليتم إدخال البضاعة بلا أي إتاوة”.

الناشط الميداني أبو ماجد مرجانة، وهو عضو قيادة التجمع الشعبي في الغوطة الشرقية، قال لـ (جيرون): “يعيش أهالي الغوطة كل يوم على أمل الفرج، لأن سنوات الحصار عصيبة، وقد تدرّج الحصار فيها وتغير شكلًا ومضمونًا، من حصار كامل أكل فيه المحاصَرون علف الحيوانات وحشائش الأرض، إلى حصار مقنن عبر الأنفاق والمعابر، ففي سنين سابقة كان الأهالي يذهبون إلى مخيم الوافدين، ويشترون المواد الغذائية المصادرة من (الشبيحة) ويدخلونها إلى البلد، وكان يسقط يوميًا قتلى وجرحى من المدنيين، برصاص قناصي النظام، وأخيرًا استولى فصيل (جيش الإسلام) على المعبر، وأصبح هو الوحيد المتحكم فيه، ولم تكن الأنفاق الأخرى في يد باقي الفصائل أحسن حالًا، حيث تحولت إلى مصدر تمويل لها، وبهذه الطريقة تُمتصّ مدخرات وأموال المواطنين”. لفت مرجانة إلى أسعار بعض المواد الغذائية الرئيسة بقوله: “اليوم أصبح كيلو القمح 1000 ليرة سورية، والسكر 3200 ليرة سورية، والبرغل 1800 ليرة سورية”.




المصدر
أحمد مظهر سعدو