on
إيران وأميركا ورقصة الثعابين
أهم أمر يخصنا في المنطقة العربية أنّ أي رقصة مميتة، بين الطرفين الأميركي والإيراني، ستكون على أرضنا، وسنكون نحن ضحاياها، أو جزءًا من الضحايا، في أحسن تقدير؛ ذلك أن إيران لا تستطيع أن تقصف واشنطن، ولا أميركا بوارد فتح حرب جديدة في المنطقة، على الأقل، في ظل إدارة ترامب الحالية. وعلى ما يبدو قد انتهى الطرفان من مرحلة جس النبض، بل اجتازا أشواطًا في مراحل التسخين، وأشرف القدر على الغليان.
العميد مسعود جزائري، المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية، يقول إن سلوك واشنطن قد أتعب العالم، وقد حان الوقت لنُلقّن أميركا دروسًا جديدة.
على المقلب الآخر، وزارة الخزانة الأميركة تُعلن عن جائزتين نقديتين لمن يُدلي عن معلومات، تؤدي إلى إلقاء القبض على مجرمين في عصابات (حزب الله)، وترامب يتوعد إيران بحزمة من القرارات الرادعة نهاية الأسبوع، وهذا الوعيد الأميركي يُمكن أن نأخذه على محمل الجد، من خلال مؤشر واحد حتى اللحظة، وهذا المؤشر هو اتصال ترامب برئيسة وزراء بريطانيا للتشاور في المسألة الإيرانية؛ إذ إن بريطانيا كانت على الدوام المؤشر الأكثر دقةً على ما سوف تقوم به أميركا، وقد اعتدنا أن أميركا لا تُعلن حربًا دون تنسيق وثيق مع بريطانيا.
إن إعلان وزارة الخزانة الأميركية عن جوائز جديدة لإلقاء القبض على مجرمين متهمين رسميًا بجرائم تعود إلى عام 1985 وما قبل، ما هو إلا نوع من الضغط على ذنب الأفعى لتُطلّ برأسها، فأميركا تعلم جيدًا أنها لن تصل إلى أي من المجرمين، وبخاصة اليوم، بعد سيطرة إيران على العراق ولبنان، وجزئيًا على سورية، وهذا يعني أن لدى المطلوبين أربعة جوازات سفر، بوجوه جديدة يصعب التعرف عليها بعد عمليات تجميل بسيطة، يُتقنها المبضع الإيراني.
قبل هذين الشخصين، كان هناك (عماد مغنية) الذي كان يجوب العالم من دون أن يُلقي أي جهاز استخبارات في العالم القبضَ عليه، حتى في حال تم التعرف عليه، كما حصل يومًا في مطار شارل ديغول، وبعد أن طلبت الاستخبارات الأميركية من نظيرتها الفرنسية إلقاء القبض عليه، إلا أن فرنسا سمحت حينئذ للطائرة بالإقلاع، وإن حصل الأمر ذاته اليوم؛ فسوف يتكرر السيناريو ذاته، فبالنسبة إلى فرنسا، إيران سوق واعد، وأول تباشير هذا السوق كانت صفقة مع (فارس غاز) قيمتها خمسة مليارات من العملة الخضراء، إضافة إلى مليارات أخرى لطائرات (إيرباص) جديد، وغيرها من المشاريع قيد الدرس.
ميادين المواجهة بين الطرفين الإيراني والروسي تفرض ذاتها على الطرفين، وهي ممتدة من قندهار وكابول إلى دمشق وبيروت، مرورًا بالبصرة وبغداد والموصل، وبشكل عملي بدأت إيران بالاستعداد لهذه الحروب الصغيرة، ولكن -كالعادة- ستكون المواجهة بجنود عرب ومسلمين سُنة، ولهذا الغرض أرسلت إيران، قبل أيام، عميلها حمزة بن لادن إلى سورية عبر العراق، وربما عبر مطار دمشق الدولي الذي ما زالت مدرجاته مفتوحة لست شركات طيران إيرانية وعراقية، تنقل المرتزقة والذخائر من إيران إلى دمشق، والجثث بالاتجاه المعاكس.
في الميدان العراقي، ستواجه القوات الأميركية المنتشرة في أكثر من رقعة جغرافية ضربات من عملاء طهران، سواء في وجههم الشيعي المباشر من خلال (الحشد الشعبي) أو بالوكالة من خلال عملائها السُنة المرتزقة تحت لواء (القاعدة) و(داعش) وغيرها من الأسماء، أما المواجهة المؤلمة للقوات الأميركية، فأغلب الظن أنها ستكون في أفغانستان، ولذلك شاهدنا زيادة في عدد وعتاد القوات الأميركية في ذلك البلد.
وكذلك الأمر لن تكون أذرع إيران في اليمن في منأى عن الضربات الأميركية، كون تلك الأذرع تمتلك صواريخ تُطلقها على بلدان حليفة لأميركا في المنطقة من جانب، وتهدد الملاحة الدولية من جانب آخر، هذه التصريحات الأميركية المتصاعدة والمتزايدة هدفها الأساس إعادة ضبط إيران داخل الحدود الجغرافية لإيران، وعلى إيران الاستجابة مرغمةً لجميع الطلبات الأميركية، أما (حزب الله)، كذراع رئيس للحرس الثوري الإيراني، فإن لم يتم اجتثاثه؛ فستتم إعاقته وإصابته بعجز يفوق بكثير ما نعتقد.
مشعل العدوي
المصدر
جيرون