باص الحرية: من لندن إلى حرية المعتقلين



جمع “باص الحرية” قلوبًا ما تزال متعلقة بكل معتقل، يقبع في سجون نظام الأسد ومعتقلاته، في رحلةٍ اتخذتها أمهات المعتقلين السوريين والمختفين قسريًا، وزوجاتهم، وأخواتهم، سبيلًا لتذكير العالم الغافل بقضية تؤرق مجمل الشعب السوري، عسى أن تُحرج هذه الخطوة الكثيرَ من أهل السياسة والمعارضة العاجزين عن حل تلك القضية. مع انطلاق الباص من لندن، سألت (جيرون) بعض الشخصيات الوطنية السورية عن رؤيتها لدور هذه الرحلة في حلّ قضية المعتقلين؟

الروائية السورية ابتسام تريسي أكدت أن “الأحلام لا تغيّر الواقع، ومع هذا ما زلت أملك من الأمل واليقين بأحقية الحياة ما يجعلني أتمنّى أن تصل الأمهات السوريات إلى الغاية من رحلتهن إلى أرض الوطن. وهذا الأمل أستمده من تجربتي الشّخصية في اللحاق بأثر ابني المعتقل مدة سنتين كاملتين، وأنا أحمل ذلك اليقين الذي أصبح حقيقة في النّهاية. من الممكن أن تصل أصواتهن إلى الشعوب المغيّبة في الغرب عبر الطريق التي سيسلكنها، ومن الممكن أن تتحرّك تلك الشعوب مطالبة حكوماتها باتّخاذ موقف، وقد يقتصر الأمر على التعاطف فقط. لكن لا أعتقد أنّ ذلك العمل سيحدث فرقًا في قضية المعتقلين والمغيبين. قوائم (سيزر) احتوت على صور لجثث 11 ألف معتقل قضوا تحت التعذيب، ولم تحرّك تلك الصور ضميرَ الحكومات العربية ولا الغربية، لقد مرّت كأيّ خبر عادي آخر عن البراميل التي تنفجر فوق رؤوس المدنيين وتتركهم أشلاء”.

وأضافت: “الصمت العربي والعالمي ليس صمت الجاهل بل العارف والمؤيد، وفي أضعف الإيمان صمت الخائف، أنا مع المحاولة، على الرغم من وجود ديكتاتور استمرأ قتل الأطفال باستخدام الكيماوي، ويسعده رؤية الدمار وأشلاء البشر والمنكوبين والمهجرين. ما يقلقني أمر أفكّر فيه بشكل جدي وهو: هل ستنجح الأمّهات وزوجات المعتقلين والمختفين قسريًا في العودة من دمشق إلى لندن؟ أتمنّى أن يمتلكن اليقين بذلك، كامتلاكهن يقين المطالبة بحرية أبنائهن”.

أحمد صوان المحامي من إدارة تجمع المحامين السوريين الأحرار تحدث لـ (جيرون) قائلًا: “مع سياسة صم الآذان والتجاهل التي يتبعها النظام، تجاه منظمات المجتمع الدولي، وتجاه الإعلام العالمي، ومع تجاهله لمواثيق حقوق الإنسان؛ فإنني لا أتوقع أي ثمرة عملية لهذه المبادرة”.

الطبيب والناشط السوري عدنان بكيرة قال لـ (جيرون): “تبقى قضية المعتقلين هي القضية الأكثر وجعًا للشعب السوري، إذ لا تكاد تخلو عائلة سورية من فقدان بعض أفرادها في سجون نظام الأسد، وقد ينجح البعض في الحصول على هوية المعتقل وشهادة وفاته، من دون جثة ولا أدلة على فقدانه، وقد استخدم النظام قضية المعتقلين لترويع المجتمع وإعادته إلى قفص العبودية، في ظروف مثالية للنظام من غياب المساءلة المحلية والدولية”. وأكد أن “التحركات السورية الشعبية والمبادرات الإعلامية تلعب دورًا في توجيه الأنظار إلى جرائم النظام السوري، وفي إعادة التأكيد على عدمية الحلول الرامية لإعادة تأهيل النظام ومشاركة الآخرين له في عمليات سياسية”.

ولفت الى أن السوريين ابتدعوا مبادرات عديدة في السابق، لإعادة الاعتبار للثورة السورية ورفع مطالبها المحقة، منها اليوم العالمي للتضامن مع الشعب السوري، يوم الغضب السوري، وغيرها، والآن تبادر زوجات المعتقلين وأهاليهم في حافلة تجوب أوروبا، وتحمل رسالة إنسانية لكل الشعوب والسياسيين، بتحرك من شأنه الضغط على نظام الأسد، من أجل إطلاق سراح المعتقلين. هذه المبادرات مهمة، وينبغي أن لا ييئس السوريون من الحركة المنظمة والهادفة، فكل كلمة تُكتب في جريدة أو تُصوّر في وسيلة إعلامية لها أثر فعال”. وتمنى بكيرة من “كل النساء الأخريات الالتحاق بتلك الحافلة، حتى يكبر الفعل؛ وبالتالي فاعلية النشاط وتأثيره”.


أحمد مظهر سعدو


المصدر
جيرون