ألغام (داعش) تعطّل الزراعة في ريف حلب الشمالي

24 أكتوبر، 2017

مضى نحو ثمانية أشهر على خروج تنظيم (داعش) من ريف حلب الشمالي، ولكن معاناة المدنيين والمزارعين على وجه الخصوص، بسبب ما تركه التنظيم من ألغام ومواد قابلة للانفجار، لم تنتهِ بعد، ولا سيّما أن الحلول الجذرية الآنية لهذه المشكلة، على المستوى الدولي، لم تنضج بعد.

أكد (أبو خالد)، أحد المزارعين في ريف مدينة الباب لـ ( جيرون)، أنه “لم يتمكن من الذهاب إلى أرضه منذ نحو عام، بسبب زرع تنظيم (داعش) أعدادًا كبيرة من الألغام فيها، كونها كانت على خطّ جبهةٍ أمامي”، مضيفًا: “تكرّرت حوادث انفجار الألغام في الأراضي المجاورة لأرضي وقد أودت بحياة طفلين. خسرتُ موسم الزيتون العام الماضي، وهذه السنة كذلك، وماتت بعض أشجار الزيتون، نتيجة انفجار ألغام أو قذائف بقربها”.

يعاني المدنيون من انتشار الألغام بشكل كبير في أراضيهم الزراعية، ومعظمُ المزارعين، في منطقة محيط مارع والباب، لم يتمكنوا من العودة إلى أراضيهم. في هذا الموضوع، قال الناشط عبد القادر محمد، من بلدة صوران لـ (جيرون): “تسبّب انتشار الألغام بمعاناة وفقرٍ كبيرين للأهالي، وسط غيابٍ شبه تام للمنظمات الدولية والمجتمع المدني التي يُفترض أن تُعنى بإزالتها، وأكثر ما تنتشر على أطراف الطرقات بين قرى وبلدات الريف الشمالي، وبخاصة في (محيط مدينة الباب وبزاعة وقباسين)، وقد قُتلت طفلة في قرية (دوديان)، الأسبوع الماضي، بعد انفجار لغم بقربها، وهي تلعب”.

أضاف محمد: “هناك بعض المجموعات تنشط في مجال نزع الألغام، إلا أنها تعمل بطريقة عشوائية غير منظمة، ويطلب بعضُها مبالغ مالية طائلة من المدنيين، مقابل تنظيف أراضيهم، وقد قام البعض بتجهيز جرّار مصفّح  يقوم بفلاحة الأراضي مقابل مبالغ طائلة، وصلت إلى أكثر من 200 دولار للدونم الواحد، وهو مبلغ ضخم لا يستطيع أيّ فلاح دفعه”.

يحاول فريق من الشباب المتطوعين مساعدةَ المدنيين، في تنظيف منازلهم وأراضيهم الزراعية، من المخلفات المتفجرة في ريف حلب الشمالي، لكن قلة الإمكانات عقدّت مهمتهم، وفقد عدد منهم أطرافه، بسبب انفجار هذه الألغام.

يضم (فريق الهندسة والألغام التطوعي) 35 شابًا من أبناء المنطقة، لم يخضعوا لتدريب أكاديمي، ولكن بعضهم أفاد من خبرته، في أثناء خدمته في جيش النظام سابقًا ضمن فرق الهندسة، إلا أن الفريق أصبح يمتلك خبرة جيدة، في مجال التعرّف على الألغام وطرق إزالتها، وقد تعرّض 10 من أعضاء الفريق لإصابات، أدّت في بعض الأحيان إلى إعاقات دائمة (بتر أحد الأطراف، أو إصابة الأعين).

أوضح قائد (فريق الهندسة والألغام التطوعي)، ميسرة أبو عبد الله لـ (جيرون) أن “الفريق تمكّن، بإمكانات بسيطة، من نزع ما يقارب 40 ألف لغم في المنطقة، منذ تحرير الريف الشمالي من تنظيم (داعش) حتى الآن”، مؤكدًا أن “الفريق لم يتلقَ أي دعم من المنظمات الدولية”.

وأضاف: “يستخدم العاملون في الفريق معداتٍ بسيطة لكشف المعادن، وهي غير مجدية في كثير من الأحيان، بسبب استخدام تنظيم (داعش) لألغامٍ بلاستيكية، فضلًا عن أن التنظيم أوجد أنواعًا كثيرة من الألغام وبأحجام مختلفة، لا يتمكن المتطوعون من اكتشافها بسهولة”.

قال عدنان صطوف، مدير الفريق (وقد فقد عينه خلال نزعه لأحد الألغام) لـ (جيرون): “امتنعت المنظمات الدولية عن مساعدة الفريق التطوعي، بذريعة أن نزع الألغام ليس من ضمن مسؤولياتها، وحددت مهمته بتحديد مكان وجودها، إلا أن ذلك غير فعّال، لأن الأهالي يريدون التخلص منها في أسرع وقت ممكن؛ كونها تهدد حياتهم وحياة أطفالهم”.

تعدّ عمليات نزع الألغام ومخلفات الحرب ذات أهمية كبيرة، وتقوم بها في العادة فرقٌ مختصة تابعة للأمم المتحدة، أو وحدات مدربة من جيوش نظامية، كما تعدّ هذه العملية مُكلفة للغاية، وقد أعلنت الأمم المتحدة، بعد تحرير مدينة الموصل قبل عدة أشهر، أن “عملية إزالة الألغام ومخلفات الحرب من المدينة ستكلّف 50 مليون دولار”، ويبدو أن مسألة إزالة الألغام على مستوى دولي في سورية ستبقى معلقة، ريثما يتم التوافق على تسوية سياسية، تستطيع الفرق الدولية بعدها دخولَ المناطق الملغمة وتمشيطها.

سامر الأحمد
[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]

جيرون