أربع “بوابات” لسورية
1 تشرين الثاني (نوفمبر - نونبر)، 2017
[ad_1]
من أستانا إلى حميميم، ومن (الرياض 2) إلى ما تبقّى من جنيف، الدعوات كثيرة، والأنشطة تتزاحم، باسم إيجاد تسوية سياسية للمسألة السورية، والروس يتسوّدون المشهد، يُسابقون الوقت لملء فراغ غياب الولايات المتحدة الأميركية، وتوظيف وجودهم الاحتلالي على الأرض وما حققوه؛ ليطرحوا أنفسهم كمتعهد عام للوضع السوري، يُبادرون ويتحركون ويحاولون فرض مشروعهم، بينما ترتبك المواقف الأميركية، بين أحاديث تخرج من تحت الرمال، وتسريبات عن نيّات لن تسمح بتفرّد روسيا بالملف، وأن أميركا عازمة على فعل شيءٍ ما.
أستانا: الممر الإجباري الذي فرضته روسيا على الفصائل العسكرية المهزومة في حلب، حاولت فيه، وما تزال، أن يكون مسارًا شاملًا وبديلًا لجنيف، والتبرير أن جنيف لم يحقق شيئًا، وأنه تعثر في مسلسل جولاته، ولم يتقدّم خطوة ملموسة في طريق المفاوضات، وتطبيق قرارات الشرعية الدولية، وروسيا لا تريد أن تعترف بأن تعنّت النظام ورفضه لأي حل سياسي، ولو كخطوة تمهيدية، كان السبب الرئيس، وأنها هي جدار استناد في ذلك التعنّت، وبالنتيجة هي التي عملت على تجويف جولات جنيف، وتفريغ القرارات الدولية من أي قابلية للتطبيق، حين كانت تتقدّم بمشاريع متلاحقة، وتستخدم حق النقض (الفيتو)، وتُراوغ وتناور بالتناغم مع تكتيكات النظام، وهي التي تقدّمت -على مدار جولات أستانا- بمشاريع سياسية، لا علاقة لها بالعناوين المعلنة؛ فكان مشروع الدستور المحضّر روسيًّا، ومحاولات تشكيل لجنة مشتركة بين النظام والمعارضة، للتفاوض والمصالحة، واستثمار تبعات وموضعات مناطق خفض التصعيد لفرض مصالحات مع النظام، ووقائع مريبة على الأرض، وتقوية اتجاهات تصالحية ومحاولات تحويلها إلى بدائل للهيئات السياسية التي تمثل الثورة.
تركيا، ونتيجة مفاعلات الأزمة السورية فيها وعليها، وأوضاعها الداخلية التي تلت محاولة الانقلاب الفاشل، وتداعياته على صعيد العلاقة مع أميركا والاتحاد الأوروبي، وتخوفها الكبير من تغول قوة (حزب العمال الكردستاني) المدعومة علنًا من أميركا وغيرها، وتنظيم (حزب الاتحاد الديمقراطي) الكردي التابع له، و(قوات سورية الديمقراطية) المأمورة بأوامره، اضطرّت إلى القيام بمجموعة من المواقف والتكتيكات الجديدة باتجاه من نوع من التحالف مع روسيا؛ ثم مهادنة إيران، واعتبارها طرفًا ضامنًا لوقف إطلاق النار وخفض التصعيد، ضمن الثلاثي الضامن، ثم التوصل إلى نوع من التفاهمات حول إدلب وطرق التعامل مع (هيئة تحرير الشام)، في حين تكررُ باستمرار ثبات موقفها من الثورة السورية، ودعمها للمؤسسات القائمة (الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، والهيئة العليا للمفاوضات)، وهذا ما أعاد تأكيده نائب مستشار وزير الخارجية، في لقاء مطول مع الهيئة السياسية للائتلاف، وما جرى ترسيمه حول المعابر وبناء الجيش الوطني الحر. وتؤكد تركيًا، من جديد، أن الجولة القادمة التي ستعقد نهاية الشهر في أستانا، ستقتصر في مناقشاتها على ملف المعتقلين، وتثبيت خفض التصعيد في المناطق المتفق عليها، ومحاولة إدراج دير الزور -مدينة وأقضية- ضمن تلك المناطق، بناء على طلب تقدّم به الائتلاف وألح عليه.
في الوقت نفسه، تُحضِّر روسيا لما يُعرف بـ (مؤتمر) أو لقاء حميميم، ضمن ضخّ إعلامي كثيف ومُركّز، وصيغٍ يتم تداولها إعلاميًا، بمشاركة طيف واسع من السوريين الذين يمثلون (شعوب سورية) وأديانهم ومذاهبهم وفعالياتهم السياسية المحسوبة على النظام والمعارضة، أو أشباهها، كمحاولة لفرض أمرٍ واقع تتجاوز قصة المنصّات إلى تشكيل جسمٍ ما قد تعهد إليه روسيا بمهام التفاوض، أو التصالح وفقًا لجوهر المشروع الروسي التسووي الذي تناقض وأسس قرارات الشرعية الدولية، بخاصة بيان (جنيف 1) وما نصّ عليه من بنود، عمادها تشكيل هيئة حاكمة انتقالية كاملة الصلاحيات التنفيذية مشاركةً بين المعارضة والنظام، وفق مرحلة انتقالية، طالما جرى تحديدها بـ 18 شهرًا.
في هذا الحراك، يعود مؤتمر (الرياض 2) إلى الواجهة، بعد أن كانت المعلومات تشير قبل أيام إلى تأجيله، أو إلغائه، وبما يطرح أسئلة حول هذا التطور المفاجئ، وهل كانت نتيجة تفاهمات سعودية روسية، بعد زيارة الملك سلمان لروسيا، أم أنه ردّ على مؤتمر حميميم الذي تُصرّ روسيا على عقده؟ أم أنه جاء بناء على تفاهم مع الإدارة الأميركية، بعد زيارة وزير الخارجية الأميركي للسعودية؟
في جميع الحالات، ووفقًا للتسريبات والمعلومات المتوفرة، فقد أريد عقد مؤتمر (الرياض 2) تحت شعار “توسيع التمثيل، وأخذ التطورات السياسية بالاعتبار”، والذي يعني إشراك منصتي موسكو والقاهرة وشخصيات مستقلة أخرى محسوبة على أنها معتدلة، وتعديل بيان (الرياض 1)، ولا سيّما فقرته التي رفضت أن يكون للأسد وكبار رموز النظام أي دور في الحل السياسي والمرحلة الانتقالية؛ ما سيضع المعارضة الوطنية أمام خيار وحيد، يتلخص في رفض أي تنازل عن هذا الثابت الذي يعدّ ملكًا للثورة، لا يحق لأي طرف داخلي أو خارجي تجاوزه، بكل ما يعنيه الرفض من تداعيات يجب الاستعداد لها في أصعدة مختلفة.
كما يفعل دي ميستورا كل مرة، دعا وفودَ التفاوض إلى لقاء جنيف، في 18 الشهر القادم، موعدًا لجولة جديدة، وحدد جدول الأعمال بنقطتين: بحث موضوع الدستور، وإقرار قانون للانتخابات. بينما لم يُشِر سوى إشارةٍ عابرة إلى بقية السلال الخاصة بمفاوضات الحل النهائي، وبما يعرف بمكافحة الإرهاب؛ ما يعني تناغمًا واضحًا مع المشروع الروسي الذي يعمل بكل قوة لتجاوز المرحلة الانتقالية، بكل بنودها وقرارات الشرعية الدولية التي تناولتها، والاقتصار على هاتين النقطتين اللتين ترسخان بقاء الأسد ونظامه، لمدّة قد تمتدّ حتى قيام انتخابات تشريعية ورئاسية.
المعارضة التي تقف اليوم أمام امتحانات صلبة وخطيرة، مطالبةٌ بأن تعرف كيف تستخدم التكتيك المناسب، وكيف تتعامل مع هذه المتغيرات، وقبل ذلك وبعده، بأن تعرف كيف يمكن لمواقفها الرافضة أن تكون فاعلة ومؤثرة، بحيث لا يمكن لأي جهة دولية أو محلية تجاوزها.
عقاب يحيى
[ad_1]
[ad_2]
[sociallocker]
جيرون