رغم انشغالهم واشتعال بلادهم.. مئوية وعد بلفور تذكر العرب والمسلمين بأن قضية فلسطين حية لن تموت
2 تشرين الثاني (نوفمبر - نونبر)، 2017
رغداء زيدان ـ خاص السورية نت
تستعد رئيسة الوزراء “تيريزا ماي” ورئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” لحضور مأدبة العشاء الليلة احتفالاً بمرور مائة عام على وعد بلفور، وفي الوقت نفسه سيتجمع محتجون مناصرون للقضية الفلسطينية لمطالبة بريطانيا بالاعتراف بالمعاناة التي سببها وعد بلفور للشعب الفلسطيني والاعتراف بحقهم في إقامة دولة لهم.
وفي حين تحتفي دولة الاحتلال الإسرائيلي بصاحب الوعد “آرثر جيمس بلفور”، إذ أطلقت اسمه على شوارع ومدرسة في تل أبيب، يندد الفلسطينيون ببلفور ووعده باعتباره “وعد من لا يملك لمن لا يستحق”.
ورغم مرور مائة عام على الوعد الذي منحه وزير الخارجية البريطاني، “جيمس بلفور”، سنة 1917 لليهود بإنشاء وطن قومي لهم في فلسطين، إلا أن مقاومة الفلسطينيين له لم تنطوِ حتى اليوم، رغم ما تمر به القضية الفلسطينية من ظروف صعبة.
ومنذ أن أُعطي “وعد بلفور” والأزمات في منطقة الشرق الأوسط تكاد لا تنقطع، خاصة بعد أن احتل الإسرائيليون الأراضي الفلسطينية سنة 1948، بل إن أطماعهم طالت الدول المجاورة كلبنان، وسوريا، ومصر.
الوضع الفلسطيني اليوم
ووفق محمد خير موسى المدير التنفيذي لهيئة علماء فلسطين في الخارج، فإن الوضع الفلسطيني يمر بمرحلة من أصعب المراحل التي مرت بها القضية الفلسطينية، وذلك لأسباب عديدة.
وفي حديثه مع “السورية نت” بيّن موسى هذه الأسباب بقوله: “إن نجاح الثورات المضادة حتى الآن، وتراجع مد الربيع العربي، وتآمر الأنظمة التي تريد معارضته، وانشغال عامة الشعوب العربية، أو بالأحرى إشغال الأنظمة المستبدة للشعوب بمقارعتها، أدى إلى تراجع مستوى الاهتمام بالقضية الفلسطينية”.
وتابع: “إن الأنظمة المستبدة أفلحت في تجميل صورة الكيان الصهيوني في العقل الجمعي العربي والإسلامي من خلال ممارسة طرائق من الاستبداد أشنع بكثير مما يمارسه الكيان الصهيوني”.
إضافة إلى أن الواقع الفلسطيني اليوم يعيش حالة من “القهر الجغرافي متمثلة بالجوار المصري، جوار السيسي الذي لا يمكن إلا أن يكون مسانداً لحليفه الكيان الصهيوني حتى النخاع”.
مشيراً إلى “أننا أمام موجة هائلة من التطبيع مع الكيان الصهيوني تقودها دول عربية كبيرة مما يسمى صفقة القرن”.
من جهته يوافق المفكر محمد شاويش في حديثه مع “السورية نت”، على أن القضية الفلسطينية الآن تمر في أسوأ أيامها، بعد انهيار دول المحيط العربي، أو دخول تلك الدول في مشاكل داخلية عويصة جراء الأحداث التي تعيشها.
ويرى شاويش الكاتب الفلسطيني المقيم في ألمانيا، أن هذا الوضع السيء ربما لن يطول، وسنرى تغييراً في الاتجاه المعاكس لأن القضية الفلسطينية لن تموت.
قضية حية
ووفق شاويش فـ”إن القضية الفلسطينية ستبقى حية، لأسباب ثلاثة أساسية: أولاً لأنها قضية محقة، والحق لا يموت. ثانياً لأن الكيان الصهيوني حتى لو كان العرب متنازلين له فلن يعطيهم أي شيء يحفظون به ماء وجوههم، وكما نرى فهو لم يوقف الاستيطان ومازال مستمراً في قضم الأرض وقضم القدس والمحاولات الدائبة لاحتلال أهم مقدسات العرب والمسلمين وهو المسجد الأقصى”.
أما العامل الثالث بحسب شاويش، والذي سيبقي القضية الفلسطينية حية وهو العامل الحقيقي وفق رأيه فهو “أن خلف هذا الظاهر العربي، هناك ذات عربية حقيقية لا تقبل الكيان الصهيوني. حتى لو وجد هناك من يقول إنه ملَّ القضية الفلسطينية ويتكلم كلاماً غير مسؤول، لكن في داخله عنده إشكالية عميقة، فهو لا يقبل واقعة اغتصاب فلسطين”.
الدكتورة براءة زيدان المختصة بالتاريخ الحديث وقضية فلسطين، ترى أن وعد بلفور دعمته بريطانية وهي التي أسست لقيام وطن قومي لليهود الصهاينة في فلسطين، للحفاظ على مصالح اقتصادية واستراتيجية مستقبلية.
وبحسب زيدان في حديثها لـ”السورية نت” فإنه بالرغم من أن التوجهات العربية تسعى نحو إطفاء الثورات العربية التي كان لها أثر في تنحية القضية الفلسطينية والتغطية عليها، من قبل دول عربية كثيرة، خوفاً على العروش والسلطات إلا أن التوازنات الاقتصادية العالمية هي من يتحكم بمجريات الأمور.
ولفتت زيدان إلى أن “وعد بلفور قام في العقل الإمبريالي العالمي قبل قيامه في العقل البريطاني والصهيوني. واليوم فإن الرؤية العالمية للقضية الفلسطينية بدأت تشهد بعض التحولات في دول أوروبية، حيث بدأ يظهر وعي بخطورة الوضع الفلسطيني، وهناك دعم متزايد للقضية”.
مسؤولية الأمة
ويرى المدير التنفيذي لعلماء فلسطين في الخارج محمد خير موسى أن علينا أن نعي أن الحل القادم للقضية الفلسطينية لن يكون فلسطينياً خالصاً فقط، “فالشعب الفلسطيني هو رأس الحربة في تحرير فلسطين لكنه لن يفعل ذلك وحده، فلسطين هي قضية الأمة كلها، وهي قضية المسلمين كلهم، وبمقدار ما تعود إلى عمقها الإسلامي بمقدار ما نسير نحو الحل الحقيقي”.
ويضيف لـ”السورية نت”: “مهمة الشعب الفلسطيني والفصائل الفلسطينية إشغال العدو الصهيوني وإبقاء جذوة المواجهة مشتعلة، لكن من سيقوم بالتحرير هم عموم الأمة، واليوم الأمة كلها مساهمة بالتحرير من خلال دعم المقاومة، ويجب عليها أن تبقي هذه المقاومة شامخة ومرفوعة الرأس وقادرة على الوقوف”.
وأشار موسى إلى أن المصالحة الفلسطينية “فرضتها التطورات، صحيح أنها مطلب الجميع، لكن بالشكل الذي جرت به، هي مصلحة اضطرار، اضطر لها الطرفان اضطراراً، اضطرت لها حماس اضطراراً وكذلك فتح، لكن هذه المصالحة يتخوف أن تكون هي مجرد محاولة لتهدئة الجبهة الفلسطينية وتبريد المواجهة مع الكيان الصهيوني في الداخل الفلسطيني من أجل إنجاز ما أسميناه قبل قليل صفقة القرن، والعمل على تصفية القضية الفلسطينية من خلال التطبيع العلني للأنظمة مع الكيان الصهيوني وملاحقة كل من يعارض هذا التطبيع”.
وختم موسى حديثه لـ”السورية نت” بقوله: أعتقد بأن ما سيفشل هذا السيناريو هو “جهود المخلصين من أبناء الأمة جميعاً، وتفشله يقظة وحذر المقاومين والمجاهدين، ويفشله الوعي العميق من أبناء الأمة الإسلامية للمخاطر، وكذلك يفشله استمرار الدعم لكافة فصائل المقاومة داخل وخارج فلسطين”.
بينما تؤكد الدكتورة براءة زيدان على دور النخب العربية الموجودة في أوروبا، وتحملها مسؤولية “التشكيك بداية في ديمقراطية الكيان الصهيوني المزعومة. ومن ثم استعراض الممارسات الصهيونية القمعية في فلسطين وضد أبناء البلاد العربية”.
وبحسب زيدان فإننا لا نستطيع الاعتماد على حكومات الدول العربية لحل القضية الفلسطينية، فمواقفها حتى اليوم لا يمكن التعويل عليها، وما يمكن الاعتماد عليه هو مواقف الشعوب العربية والمؤمنين بعدالة القضية الفلسطينية التي لن تموت.
اقرأ أيضا: كندا تستعد لاستقبال نحو مليون مهاجر عام 2020م
[sociallocker] [/sociallocker]