هل تشعل استقالة الحريري فتيل الحرب على حزب الله؟.. مؤشرات عدة تُقلق الميليشيا المدعومة من إيران

7 تشرين الثاني (نوفمبر - نونبر)، 2017
9 minutes
السورية نت – مراد الشامي

كثيرة هي الدلائل والمؤشرات التي توحي باقتراب حرب تخوضها أطراف عدة ضد ميليشيا “حزب الله” اللبناني، حيث تنظر إليه هذه الاطراف باعتباره ذراعاً من أذرع النفوذ الإيراني الذي يُراد تحجيمه، والحد من تهديداته لدول حليفة أو صديقة للولايات المتحدة في منطقة الشرق العربي والخليج، من بينها إسرائيل والمملكة العربية السعودية.

المؤشر الأبرز الذي أتاح مساحة واسعة من التكهنات في استهداف وشيك أو بعيد لـ”حزب الله”، تمثل في “الانقلاب الدراماتيكي” في موقف رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري الذي أعلن قبل يومين، استقالته بخطاب متلفز من العاصمة السعودية الرياض، وأثار جدلاً واسعاً في دلالات الزمان والمكان الذي أعلن منه.

كما أن هذه الاستقالة جاءت بعد يومين من لقاء جمعه في بيروت مع علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، الذي وصف عقب اللقاء ما حققه نظام بشار الأسد بأنه “انتصار ونجاح كبير”.

كما أن الاستقالة جاءت بعد أسابيع من زيارة وزير الدولة السعودي ثامر السبهان للعاصمة اللبنانية في سبتمبر/أيلول الماضي حيث تؤكد المعلومات أنه وضع حكومة الحريري أمام ضرورة تبني خيار القطيعة مع “حزب الله”، بما يُفهم منه “إعلان حرب” سعودية مفتوحة الاحتمالات على “حزب الله” الذي وجّه له التحالف العربي بقيادة السعودية مؤخراً تهمة السعي لتشكيل فرع له في اليمن والوقوف وراء إطلاق صاروخ على مطار الملك خالد في الرياض.

تطورات متسارعة

المضي قدماً باتجاه التصعيد أو شن عمليات عسكرية ضد “حزب الله” بات إذن أمراً مستساغاً نظراً في ضوء الموقف الملفت للحريري، بعد سلسلة من التنازلات التي قدمها للحزب على مدى أكثر من عام، بدءاً من الصمت المطبق على الانتهاكات الموثقة لمقاتلي الحزب ضد المدنيين السوريين داخل الأراضي السورية، وقتاله إلى جانب قوات الأسد، وانتهاء بإطلاق يد الحزب للهيمنة بشكل واسع على المناصب الحساسة التي أتاحت له شن عملية عسكرية بقرار منفرد ضد مقاتلي بعض التنظيمات في سهل البقاع والقلمون في لبنان.

ويضاف إلى ذلك تأييد الحريري للمرشح الرئاسي الجنرال ميشيل عون المقرب من “حزب الله” ونظام الأسد المتهم باغتيال والده رفيق الحريري في فبراير/شباط 2005. وهي مواقف في جلها أعطت انطباعاً بضعف كتلة المستقبل السنية أمام ثقل متزايد لـ”حزب الله” في لبنان، وهو “الضعف” الذي صار اللبنانيون ينظرون إليه كأمر واقع.

لكن اللافت في خطاب الاستقالة لغة “التهديد” التي أعلن عنها الحريري ضد “حزب الله” في ثنايا الخطاب، حيث شدد على أن “حزب الله، يوجه سلاحه إلى صدور اللبنانيين وإخواننا السوريين واليمنيين”، وبات دولة داخل دولة بدعم من إيران ، وفي إشارة إلى الحزب، وقال إن “أيدي إيران في المنطقة ستُقطع”.

وفي ضوء ما سبق، ستدفع حتماً استقالة الحريري لبنان والمنطقة ثانية إلى واجهة التنافس الإقليمي السعودي الإيراني، بما قد يؤدي إلى تفاقم التوترات على عدة أصعدة، منها الطائفي السني الشيعي. وعلى صعيد آخر قد يدفع أيضاً باتجاه إشعال فتيل مواجهة عسكرية ضد “حزب الله” في الجنوب اللبناني، بشراكة إسرائيلية أمريكية وربما مع حلفاء عرب.

وما قد يغذي احتمالات المواجهة العسكرية أيضاً دعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشكل واضح وقوي لتوجهات المملكة العربية السعودية وحلفاء المملكة في مواجهة “التهديدات” الإيرانية؛ لكن في المقابل، ليس ثمة ما يشير إلى أن إيران ستخوض مواجهة عسكرية مباشرة في سياق استراتيجياتها التي اعتمدت دوماً على خوض حروبها خارج حدودها الجغرافية من خلال توظيف قوى محلية تدين لها بالولاء مثل “حزب الله”، وميليشيات “الحشد الشعبي” العراقي وعشرات المجموعات الشيعية المسلحة المنتشرة على الأراضي السورية، إضافة إلى حركة “أنصار الله” (الحوثي) وشبكة واسعة من الخلايا “النائمة” في دول خليجية عدة.

من جهته، وفي خطاب ألقاه الأحد الماضي، اتهم زعيم “حزب الله”، “حسن نصر الله”، السعودية بـ “إجبار” رئيس الحكومة اللبنانية على الاستقالة، داعياً على غير عادته، إلى الهدوء والتشاور مع القادة اللبنانيين حول الخطوة المقبلة، في إشارة واضحة إلى احتمالات عدم استقرار الداخل اللبناني وحالة القلق التي دفعت دولاً كالبحرين إلى أن تطلب من رعاياها “مغادرة لبنان فورا”.

أما إسرائيل فقد أظهرت في مناسبات عدة موقفها الأكثر تشجيعاً على شن حرب واسعة النطاق على “حزب الله”؛ وكان منطقياً أن تستغل إسرائيل استقالة الحريري لتوجيه انتقادات “حادة” للنفوذ الإيراني في لبنان، داعية على لسان رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو إلى “إيقاظ المجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات” لم يحددها ضد ما وصفه بـ “العدوان الإيراني”.

ما هو موقف أمريكا؟

الولايات المتحدة تبدو هي الأخرى في اتجاه مؤيد لإضعاف قدرات “حزب الله” العسكرية، فهي لئن وضعت هزيمة تنظيم “الدولة الإسلامية” على رأس أولويات سياساتها في العراق وسوريا منذ أحداث الموصل 2014، إلا أن التدخل العسكري الروسي المباشر في سوريا في العام 2015 إلى جانب قوات الأسد المتحالفة مع إيران و”حزب” الله اللبناني ومجموعات شيعية مسلحة ترعاها إيران، دفع الولايات المتحدة إلى تبني استراتيجية “ثنائية الاتجاه” تتمثل في هزيمة “تنظيم الدولة”، والحد من اتساع النفوذ الإيراني وتحجيمه على الأراضي السورية.

ومع نهاية سيطرة “تنظيم الدولة” عملياً على آخر المراكز الحضرية في سوريا وطرده من مدينة “دير الزور” على يد قوات النظام، بات التفرغ لمواجهة التهديدات الإيرانية أولوية أمريكية بالشراكة مع الحلفاء العرب وإسرائيل، وفي هذا الإطار يبرز استهداف “حزب الله” اللبناني في مقدمة الأولويات الأمريكية الراهنة كأحد أهم الأذرع الإيرانية المعززة للنفوذ الإيراني في سوريا ولبنان.

وبالتوازي مع الساحتين السورية واللبنانية، وفي مواجهة إيران والقوى المحلية الحليفة لها، تدفع الولايات المتحدة بحلفاء تقليديين مثل دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية لتوحيد الجهود مع العراق في قضية مشتركة تهدف إلى مواجهة تصاعد التهديدات الإيرانية في المنطقة، ضمن حزمة من الحوافز المقدمة للعراق في إطار مجلس تنسيق عراقي سعودي مشترك لجذب العراق بعيدا عن السياسات الإيرانية، في مقابل المساهمة في إعادة إعمار المدن التي خربتها الحرب ضد “تنظيم الدولة” منذ عام 2014 بقيادة التحالف الدولي.

ويمكن أيضا إدراج المصالحة التي عقدتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) مع السلطة الفلسطينية برعاية مصرية ودعم أمريكي وخليجي في سياق مساعي إبعادها عن التأثير الإيراني و”ضمان” وقوف الحركة على الحياد في حال وقوع مواجهة متعددة الأطراف ضد “حزب الله” اللبناني.

المواجهات المحتملة أو الحرب المفتوحة ضد “حزب الله” اللبناني قد تعني في وجهها الآخر سعي الولايات المتحدة لمواصلة الصراع مع إيران من خلال إسرائيل وشركاء آخرين؛ لكن ستظل مثل هذه المواجهة المحتملة رهناً بخلق الذريعة لإشعال فتيلها، وليس من المتوقع أن تبادر إيران أو “حزب الله” لإعطاء هذه الذريعة للطرف الآخر الذي سيظل بدوره متردداً في مباشرة الحرب.

ولا توجد في المدى المنظور أي مؤشرات أو دلائل واقعية يمكن التعويل عليها في تعرض إسرائيل لهجوم مباغت من “حزب الله” مع واقع حالة عدم الاستقرار في لبنان محلياً، وتعدد الجهات الفاعلة غير الحكومية، وانفراد الحزب بقرار الحرب والسلم في لبنان.

لكن ثمة مؤشرات أو بوادر في ضوء ما سبق عرضه من مواقف على أن المواجهة المحتملة ستكون من خلال تعرض “حزب الله” لهجوم عسكري وضربات جوية تنفذها إسرائيل وشركاء لها إقليميون ودوليون يتبنون استراتيجية الحد من التهديدات الإيرانية.

اقرأ أيضا: وزير سعودي: سنعامل الحكومة اللبنانية على أنها حكومة إعلان حرب بسبب حزب الله

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]