تخبط روسي يسبق مفاوضات جنيف السورية



تزامن إعلان موسكو عن موعد مبدئي لعقد مؤتمر (سوتشي)، بداية الشهر المقبل، مع الإعلان عن اجتماعات للمعارضة السورية، في العاصمة السعودية الرياض، تبدأ 22 تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي؛ الأمر الذي رأى محللون أنه يعكس إصرار موسكو على عقد المؤتمر في المدينة الروسية، بعد اجتماعات الرياض، وليس قبلها، في حين اعتبر آخرون أن تأجيل موعده أول مرة، وعدم الجزم في تاريخ الموعد الجديد يعكس التخبط الروسي، حيال استقطاب التوافقات اللازمة لعقده.

قال يحيى العريضي، الناطق باسم الهيئة العليا للمفاوضات، لـ (جيرون): إن “إصرار موسكو على عقد المؤتمر يعكس مدى التخبط في سياسات روسيا، ويشير إلى أنهم يواجهون أزمة حقيقة، ليس فقط مع الأطراف الدولية، بل مع حلفائهم أيضًا خصوصًا الإيرانيون. بالنهاية؛ النظام لم يعد يمتلك القدرة على اتخاذ أي قرار، وطهران هي من تدفع باتجاه الرفض؛ لأن (سوتشي) يتعارض مع مشروعها في سورية الذي لم يكتمل بعد”.

أضاف العريضي: “الرئيس بوتين يستعجل تحقيق إنجازٍ ما؛ لأسباب كثيرة، منها ما يتعلق بالانتخابات القادمة في روسيا، إلى جانب أن ذريعة محاربة الإرهاب التي اتخذتها موسكو ذريعةً لتدخلها في سورية انتهت، أو شارفت على الانتهاء، وبالتالي؛ هم بحاجة إلى تسوية سياسية، أمام المجتمع الدولي، تبرر استدامة وجودهم في البلاد”.

موسكو ليست مصرّة على عقد المؤتمر فحسب، بل قامت بإعداد خطة متكاملة للنقاط التي يفترض مناقشتها خلاله، أبرزها إنتاج دستور جديد للبلاد، وتنظيم انتخابات بإشراف أممي، وفق قرار مجلس الأمن 2254، إلى جانب مناقشة الإصلاحات السياسية في البلاد، ووجهت دعوة إلى ما يقارب 140 مكون وشخصية، تشمل الجماعات العرقية والإثنية الطائفية في سورية. حسب (الشرق الأوسط).

في هذا الصدد، يرى العريضي: “هذا يعكس بوضوح أن روسيا تتصرف بمنطق دول الاحتلال، وتذهب باتجاه مصالحات شكلية، كما فعل النظام، بمعنى تأتي بمكونات من مختلف المذاهب والطوائف والقوميات، وتأمرهم بالمصالحة رغم كل الجرائم المرتكبة بحق الشعب السوري، والتي شاركت فيها موسكو بشكل مباشر، أي إخضاع الجميع لإدارة دولة الاحتلال، بما يؤمن استمرار هذا الاحتلال وشرعنته، وجعل سورية مستعمرة حصريًا للروس”.

تبقى الاحتمالات الأكثر غموضًا، بخصوص المعطيات المرتبطة بدفع العملية السياسية في سورية، هي تلك المتعلقة بحقيقة التفاهمات بين موسكو وواشنطن، ومدى تماهي الأخيرة مع طموحات روسيا، بسحب القضية السورية من أروقة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وخلق مسارٍ موازٍ تمامًا، يعيد إنتاج وتأهيل النظام السوري.

أشار العريضي إلى أن ما يحكم العلاقة، بين واشنطن وموسكو، هو “مصالح كل طرف، وواشنطن لا تأبه لمعاناة الشعب السوري، فالدول ليست جمعيات خيرية، بالتالي؛ فإن ما يحكم سلوك هذه الدول هو مدى ضمان مصالحها في هذه المنطقة أو تلك، وعليه؛ فإن واشنطن تتصرف مع روسيا في سورية على هذا الأساس: تمنح الروس مكسبًا ما، مقابل حصول أميركا على مكسب آخر في قضية أخرى”.

فيما يخص اجتماعات الرياض وما رافقها من تسريبات إعلامية، حول الخروج بوفد موحد للمعارضة السورية قبل مفاوضات جنيف القادمة، يقبل بوجود رأس النظام السوري في المرحلة الانتقالية، قال العريضي: “الأفضل ألا نستبق الأمور، ونفتح المجال لكل تلك التسريبات بأن تشيع الإحباط لدى الجمهور السوري”. وأضاف: “بالتأكيد هناك ضغوطات، ولكن لا أحد بإمكانه أن يفرض على المعارضة ما لا تريده، خاصةً قضية بقاء رئيس النظام في الحكم، وهو المسؤول عن كافة الجرائم. أعتقد أن هدف اجتماع الرياض هو الخروج بوفد موحد للمعارضة السورية، ينهي حالة الشتات، ويسحب الذريعة من موسكو بأنه لا توجد معارضة موحدة في سورية”. (م.ش).


جيرون


المصدر
جيرون