حافلات حلب تجوب مدناً أوروبية لتقول "لكل حرب نهاية"



السورية نت - رغداء زيدان

قد يتفاجأ المرء عند مروره أمام بوابة براندنبورغ التاريخية وسط العاصمة الألمانية برلين برؤية ثلاث حافلات موضوعة عامودياً وبشكل متتالٍ، لتعيد إلى الذاكرة صورة الحافلات الثلاث التي وضعها المدنيون في أحد أحياء مدنية حلب السورية في أحد الشوارع كدرع لحماية أنفسهم.

تلك الصورة التي تم التقاطها في آذار عام 2015 ألهمت فناناً سورياً ألمانياً لعرض "نصب تذكاري" لتلك الحافلات في مدن ألمانية للفت انتباه الناس لـ"حب الحياة واستمرارها رغم الحرب"، على حد تعبير الفنان مناف حلبوني.

يقول حلبوني إنه عندما شاهد الصورة، تأثر بها ورأى فيها كيف أن الناس في تلك المنطقة المحاصرة يحاولون حماية أنفسهم بطرق مبتكرة، ما يعكس حب الإنسان للحياة، ويتابع: "الشيء الرئيسي الذي لفت انتباهي هو أن الناس هناك كانت تحاول من وراء الباصات أن تكمل حياتها اليومية بشكل طبيعي، فرغم الحصار والقصف كانت الدكاكين مفتوحة (..) رأيت في الصورة أن الحياة أقوى من أي شيء".

ويضيف: "لذلك عرضت باصات كاملة في برلين وليس هياكل متحطمة، فأنا أريد أن أنقل صور حب الحياة رغم الدمار، وليس صور الموت والدمار".

الفنان الذي ولد لأب سوري وأم ألمانية كان قد عرض الحافلات في ساحة وسط مدينة دريسدن الألمانية،  لمدة شهرين ابتداء من شهر فبراير/شباط، وتعرض حينها لانتقادات لاذعة من قبل اليمين المتطرف في ألمانيا، حيث تزامن افتتاح "النصب التذكاري" مع إحياء ذكرى مرور 72 عاماً على تدمير المدينة من قبل الحلفاء في الحرب العالمية الثانية.

يقول الفنان الذي يبلغ الثالثة والثلاثين من العمر إنه تعرض لإزعاجات وتهديديات من قبل أنصار اليمين المتطرف في دريسدن، وحول سببها يقول: "يعتبرون أنني حاولت سرقة ذكرى ضحاياهم من خلال التركيز على ضحايا من بلدان أخرى". لكن ذلك لم يتكرر عند عرض "النصب التذكاري" في برلين، بالرغم من بعض النقاشات على التويتر.

ويقول حلبوني إن التحضير لمشروع "النصب التذكاري" استغرق منه حوالي العامين من تحضير ودراسة كيفية تثبيت الحافلات بهذا الطريقة بالإضافة إلى الحصول على الموافقات.

ويستخدم الفنان الشاب في أعماله مادة الخرسانة (الباطون) بشكل أساسي لأنها "تشع بالقوة، بالإضافة إلى مقاومة كل شيء (..) وبرودها العاطفي يعكس حزن العالم المدني"، بحسب قوله.

وها هي الحافلات الثلاث التي يبلغ وزن كل منها مع قاعدتها 14 طن تصطف أمام البوابة التاريخية في وسط برلين، حيث بدأ عرضها في العاشر من نوفمبر/تشرين الثاني، ويستمر حتى التاسع والعشرين من الشهر نفسه.

يعتبر الفنان إن عرض النصب التذكاري أمام البوابة يرمز لـ"الوحدة وإعادة الإعمار" في إشارة إلى إعادة إعمار البوابة التي تحطم جزء منها خلال الحرب العالمية الثانية لتصبح رمز الوحدة الألمانية بعد سقوط جدار برلين.

ويرغب الفنان الشاب الذي درس الفنون الجميلة في كل من دمشق ودريسدن أن يقوم بجولة للحافلات في بعض المدن الألمانية الأخرى التي تدمرت خلال الحرب وأعيد إعمارها بعد ذلك، ويقول: "أرغب في عرضها في كولونيا  الألمانية  وروتردام الهولندية وكوفانتري البريطانية".

وهذه المدن الثلاث كانت قد تدمرت أجزاء كبيرة منها خلال الحرب ليُعاد إعمارها فيما بعد وتصبح وجهة للسياح.

وبالإضافة لهذا المشروع الذي يحمل اسم "النصب التذكاري"، يؤكد حلبوني إنه يهتم بتأثير الأحداث التي تجري حوله على المجتمع المحيط، كتأثير موجة اللجوء على المجتمع الألماني، ويقول إنه يحاول كفنان أن يعبر عن "الشق" الذي حدث في المجتمع الألماني نتيجة قدوم موجة اللاجئين.

ويتابع :"نريد التركيز على أنه كان من الممكن التعامل بشكل أفضل على إدماج اللاجئين دون إثارة المخاوف".

ويقول حلبوني إن رسالته الرئيسية هي إعطاء الناس الأمل، ويضيف:" أريد أن أذكر الناس بأن لكل حرب نهاية، وبأن بلدانهم سيعاد إعمارها مهما كانت درجة الدمار".

اقرأ أيضا: ما عدا الحالات الإنسانية.. كيف يتم دخول السوريين إلى مصر؟




المصدر