المهرولون إلى ومن الرياض وطبيعة انقساماتهم



خلال يومين فقط تسارعت الأحداث، الأسد في حضن بوتين بقمة “العار”، استقالات تتالت وتسارعت من أعضاء في الهيئة العليا للتفاوض، وردود أفعال مدافعة عن الذاهبين إلى مؤتمر الرياض.

معلومات خاصة تؤكد أن الانقسامات في اجتماعات الرياض 2 كانت سيد الموقف، وانقسم الحاضرون إلى 3 وجهات نظر، الأولى ويمثلها الائتلاف والعسكر يصرون على بند إسقاط الأسد قبل البدء بالمفاوضات، والمعسكر الثاني ويتمثل بهيئة التنسيق والتي اتخذت موقفًا متوسطًا، حيث إنها لم تمانع بورود اسم الأسد ضمن الحل السياسي بشرط أن لا يكون له دور في مستقبل سورية، وأما الاتجاه الثالث ويتمثل بمنصة موسكو “المعتذرة نظريًا والمتواجدة عمليًا” فاشترطت عدم ذكر إسقاط الأسد في البيان الختامي.

وأما عن منصة موسكو فأكدت المعلومات أنه وبرغم الاعتذار عن الحضور إعلاميًا، إلا إن نمرود سليمان الممثل للمنصة اعترض على فكرة انسحابها وطلب إلقاء كلمة باسمها.

ما من جدوى من التساؤل عن السبب الحقيقي للاستقالات، فالمستقيلين سجّلوا أمام الشارع السوري موقفًا، وأرجعوا استقالاتهم لإصرارهم على عدم التنازل عن ثوابت الثورة، لكن في الحقيقة ما من جسم سياسي يستقيل هؤلاء منه، فالهيئة العليا للمفاوضات تم إنشاءها في مؤتمر الرياض 1 لغرض تمثيل السوريين في مفاوضات جنيف، ولكن الهيئة ليست كيانًا سياسيًا لتتم الاستقالة منها، وفي ذات الوقت سارع المدعوون إلى الرياض إلى محاولة التوضيح للشارع السوري المعارض موقفهم أيضًا وتبرير ذهابهم إلى الرياض 2، فصرح رئيس دائرة الإعلام في الائتلاف أحمد رمضان أن مؤتمر الرياض سيبحث الوثيقة السياسية التي يشكل رحيل رئيس النظام السوري بشار الأسد عن السلطة جزءًا منها، وغني عن القول أن التصريح لا يعدو عن كونه إعلاميًا.

لا نريد الدخول بتصريحات أحد حول ضرورة حجز أماكن في مؤتمر الرياض، فإن دخلنا في هذا الجدل ما بين مستقيل ومُشارك، لفتحنا ملفات المؤتمرات التي عُقدت وتُعقد وستُعقد على مدى سنوات، والتي أثبتت جميعها وبدون استثناء إنها ليست أكثر من تسلية للدول الغربية، ومصدر سياحة للمعارضين، والغائب عنها الوحيد هو السوري العادي.

يتندر السوريون اليوم، ويُشخصون إلى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان منتظرين “وربما حالمين” منه اعتقال 143 سوري يتحدثون باسمهم، ولكن هذا ما لن يحدث، فالمجتمعون في الرياض يُدركون أن الاتفاق الذي سيخرجون به لا يتضمن حديثًا عن الأسد، ويُدركون أن البيان الختامي الذي تسربت مسودته تترك الأمور غائمة، إضافة إلى ضعف المجتمعون واستعدادهم للقبول بما تمليه عليهم الدول الممولة لحياتهم وسفراتهم ولأحلامهم السياسية، ليبقى هدف الرياض الوحيد من المؤتمر إعادة السعودية إلى الخريطة السياسية للمنطقة، وإخراج قطر منها.

يبدو أن السعودية مع موسكو قررت الإمساك بما يسمى المعارضة السياسية السورية، مع محاولة إعادة صياغة المنطقة وفق رؤية ولي العهد الشاب، الذي خطط ونفذ زلزالًا مدويًا في بلاده، وإن كانت النظرة الأولى للمشهد توحي بازدحام غير مفهوم لمجموعة متناقضات، إلا إن الصورة بدأت تتوضح، حيث أشارت معلومات خاصة لنا من مؤتمر الرياض 2 أن السعودية لم تضع الأسماء التي تريد دعوتها بمفردها، ولكنها طلبت من عدة أطراف اقتراح أسماء مستقلين لدعوتهم، ما يبرر وجود مستشاري دي ميستورا جميعهم في الرياض 2.

تصريحات وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في افتتاح مؤتمر الرياض 2 حول وقوف السعودية  إلى جانب الشعب السوري مع تصريحات دي مستورا الذي انسحب من الجلسة الأولى من منتصفها، لا تتجاوز الكلمات البروتوكولية التي أصابت كاتبها قبل المستمع إليها بالملل والإحساس بالخداع.


هنادي الخطيب


المصدر
جيرون