وصول أول طفل إلى المملكة المتحدة من خلال برنامج “دَبس/ Dubs”
23 كانون الأول (ديسمبر - دجنبر)، 2017
وصل أول طفل غير مصحوب بذويه، بمفرده من اليونان إلى المملكة المتحدة، من خلال “برنامج دَبس/ Dubs”*، بعد سنةٍ من تعهد حكومة المملكة المتحدة بتوفير ملاذٍ آمنٍ لـ 480 طفلًا، ممن تقطعت بهم السبل في المخيمات اليونانية. وأعلن قبل 16 شهرًا أنّ الصبي، الذي فقد الاتصال مع عائلته في سورية، بحالةٍ يُرثى له، تؤهله للانتقال إلى المملكة المتحدة.
جرى إقرار “برنامج دَبس/ Dubs”، كجزءٍ من قانون الهجرة لعام 2016، في أعقاب حملةٍ عامة نادت في السماح بنقل 3000 طفلٍ من اللاجئين الضعفاء، والوحيدين العالقين في المخيمات في جميع أنحاء أوروبا. يشمل برنامج إعادة التوطين، بموجب (برنامج دَبس)، الأطفال الذين وصلوا إلى أوروبا، قبل تاريخ 20 آذار/ مارس 2016. إذ يُشكّل الأطفال غير المصحوبين بذويهم نحو 15 في المئة، من إجمالي عدد الأطفال الواصلين إلى أوروبا عبر اليونان، وتشير بيانات المكتب الإحصائي الأوروبي إلى أنَّ نحو 90000 طفل وحيد من دون أي مرافق، تقدّموا بطلب اللجوء في دول الاتحاد الأوروبي، خلال العام الماضي. ووفقًا لإحصائية “المفوضية العليا لشؤون اللاجئين- UNHCR”، يوجد أكثر من 3500 طفل وحيد في اليونان، و11186 طفلًا في فرنسا، و13867 طفلًا في إيطاليا، ومن بين كلّ هؤلاء الأطفال والقاصرين، وافقت وزارة الداخلية البريطانية على إعادة توطين 480 طفلًا فقط.
ووفقًا لمنظمة (هيومن رايتس ووتش)، فإنَّ ظروف الأطفال غير المصحوبين بذويهم في اليونان، وفي عموم أوروبا تُنذر بكارثةٍ. إذْ تفيد التقارير بوجود مخيماتٍ مليئة بالحشرات، وإمكانية تعرض الأطفال للمتاجرين بالبشر، مع عدم وجود أنظمةٍ قانونية لمنحهم اللجوء الرسمي. وتستنتج التقارير أنّ ثلثَ الأطفال الموجودين في اليونان، غير المصحوبين بذويهم، يبلغ عددهم أكثر من 3300 طفلٍ، لا يتلقون المأوى والرعاية الطبية المناسبة، في نظام المخيمات الأكثر سوءًا وازدحامًا وسط البلد. وبحسب (يونيسف)، إنَّ مرافق الاستقبال تستضيف ضعف قدراتها في الاستيعاب، حيث يعيش العديد من الأطفال في العراء، أو في مراكز احتجازٍ فعلية في جزر اليونان. ورد في تقريرٍ لـ (هيومن رايتس ووتش)، بعنوان “لماذا تحتجزوني هنا!”، إنّ الأطفال يُحتجزون عدّة أشهر، ويعيشون في زنزاناتٍ قذرة تغزوها الحشرات، ومن دون صرفٍ صحي، مع عدم إمكانية حصولهم على المساعدة القانونية، أو حتى حق اللجوء. كما يُحتجز الأطفال لفتراتٍ مطولّة في سجون الشرطة اليونانية من دون تهمة، بحجة حمايتهم من سوء المعاملة في الخارج، ولكنَّ الظروف في مثل هذه المرافق أُدينت على نطاقٍ واسع، من قبل المنظمات الدولية، والمنظمات غير الحكومية.
إنَّ الظروف المماثلة لهذه الحالات تُعدّ المسؤولةُ جزئيًا عن فقدان نحو 10000 طفلٍ من اللاجئين في أوروبا في عام 2016 وحده. وصرّحت وكالة الأمن الأوروبي- (اليوروبول) بأن ليس لديها أيَّ فكرةٍ عن عدد المفقودين من جراء سياسة الهجرة الفوضوية في أوروبا، ويبدو أنَّ الحكومات الأوروبية غيرُ راغبةٍ، أو غير مستعدةٍ على تأمين وثائق تسجيلٍ أو حمايةٍ كافيتين للاجئين.
لا يزال هؤلاء الأطفال عرضةً لخطر استغلال المتاجرين بالبشر، حيث أفادت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، أنَّ 75 في المئة من الأطفال، الذين وصلوا إلى إيطاليا خلال عام 2016، يشيرون إلى أنّهم احتُجزوا رغمًا عن إرادتهم، أو أُجبروا على العمل. ووفقًا لـ جوستين فورسيث، نائب المدير التنفيذي لـ (يونيسف)، فإن “تحرّكَ طفل واحد بمفرده هو مشكلةٌ كبيرة جدًا، ومع ذلك، هناك أعدادٌ مذهلة من الأطفال يفعلون ذلك، لأنّنا نحن الكبار نفشل في حمايتهم، نعرّضهم لاحتمالات الرق والبغاء القسريين”. إنَّ إغلاق الحدود، والتدابير العدوانية الصارمة، والمآوي المكتظة، والمخيمات المؤقتة، والسلطات القمعية القاسية لم تؤدِ سوى إلى تفاقم خطر الاستغلال، مُجبِرةً الأطفال الوحيدين على سلوك طرقٍ خطرة، وغير قانونية، في محاولةٍ يائسة منهم للوصول إلى برّ الأمانٍ في أوروبا. وعلى الرغم من الحملات العامة، التي تُعلن بـ “ترحيب اللاجئين” في أوروبا، فإنّ الواقع يعكس عكس ذلك من خلال تجاهل الطرق القانونية لطلبات اللجوء في البلاد.
وصل الطفل الذي لم يُكشف عن اسمه، إلى المملكة المتحدة بعد 16 شهرًا من السجال الحكومي، حول عدد الأطفال الذين يجب أنْ تساعدهم المملكة المتحدة بهذه الطريقة. وقد ظلّتْ الحكومة المحافظة في المملكة المتحدة تتهرب باستمرارٍ من التزامها تجاه هؤلاء الأطفال. وعلى الرغم من وصول 200 طفلٍ من المعسكرات الفرنسية -وهو الأمر الذي قوبل بغضب الناخبين المحافظين، وادعاءاتٍ غير محقة، بوجود أحد البالغين بينهم، (تبين فيما بعد أنَّه مترجم)- فإنّ الحكومة تراجعت باستمرار عن التزاماتها. وعلى الرغم من مماطلة المجالس الحكومية، جرى على الفور استضافة أكثر من 280 طفلًا، مع خطط على المستوى المحلي تسعى إلى استضافة أكثر من ذلك، ومع ذلك بقي نحو 3000 طفلٍ من هؤلاء عالقين بين البحر المتوسط، والحكومة البريطانية المتردّدة في مساعدتهم. ووفقًا لجمعية (الممر الآمن الخيرية)، فإنَّ (برنامج دَبس) أعطى أملًا في نجاة مئات الأطفال وتوصيلهم إلى برِّ الأمان، ومع ذلك ظلّوا مجبرين على الانتظار أشهرًا، نتيجة الإجراءات البيروقراطية.
غير أنَّ مجلس “هامر سميث وفولهام“ في غرب لندن تحمّل المسؤولية، وعرض إعادة توطين الصبي، بعد زيارة أحد الاختصاصيين الاجتماعيين فيه، ومقابلة القاصر في اليونان لتقييم حالته (الصبي)، والذي قيل إنّه أُصيب بصدمة نفسية، بسبب ما شهده في سورية، وفي أثناء رحلته طلبًا للهجرة، حيث اعتقلته الشرطة اليونانية، واحتُجز في زنزانةٍ من دون إمكانية حصوله على رعاية صحية، وأُجبر على النوم على مرتبةٍ رقيقة، تلامس الأرض، في الزنزانة. وأشارت الشرطة اليونانية إلى أنّه اُحتجز بسبب الخطر الذي سببه لنفسه، بعد قضاء 380 يومًا في عيادات الأمراض النفسية، و124 يومًا في مأوى للشباب غير المصحوبين بذويهم، قبل ستة أسابيعٍ من احتجازه لدى الشرطة. يوجد الصبي الآن في مقر المجلس، حيث تُوفَّر له رعاية نفسية على مدار الساعة، مع تقييم احتياجاته على المدى الطويل.
من الأهمية بمكان أنْ تقوم حكومات الاتحاد الأوروبي، بما فيها البريطانية، بالمزيد من الجهد لحماية الحقوق القانونية لهؤلاء الأطفال. وفي حين مناقشة الأعداد، أو الطرق التي يمكن من خلالها حمايتهم، نحن نضيّع وقتًا ثمينًا، وهؤلاء الأطفال يضيّعون أرواحهم الغالية في مخيماتٍ لا إنسانية، أو الأسوأ من ذلك؛ في أيدي المتاجرين بالبشر.
*- اللورد ألف دَبس، Alf Dubs: تشيكوسلوفاكي الأصل، يهودي، هاجر وهو طفل بعد احتلال ألمانيا النازية لبلده إلى المملكة المتحدة، وأعطته حكومتها في ذلك الحين حق الحماية والأمان، وهو اللورد الذي قاد حملةً لتعديل (اتفاقية دبلن)، التي تقضي بلمِّ شمل العائلات، وحقهم في العيش معًا، بحيث تشمل الأطفال المتروكين وحدهم/ من دون ذويهم.
اسم المقالة الأصلي
First Child Arrives in UK Through the Dubs Scheme, while The Problem of Unaccompanied Children in Europe is Getting Worse
الكاتب
Alexander Aston-Ward/ أليكساندر آستون وارد
البرنامج
برنامج الباحثين الزائرين في مركز حرمونIVRPH
ترجمة
وحدة الترجمة والتعريب
ألكساندر أستون-وارد
[sociallocker]
جيرون