نازحو دير الزور.. أطماع (قسد) تمنع حق العودة



تشهد مناطق ريف دير الزور الخاضعة لسيطرة ميليشيات (قسد) محاولات حثيثة من المدنيين للعودة إلى منازلهم، وبخاصة بعد انتهاء المعارك مع تنظيم (داعش)، غير أن (قسد) تمنع عودتهم، وتؤكد بعض الفاعليات المدنية في المحافظة أن الميليشيات تنفذ مشروع تغيير ديموغرافي، بدأت ملامحه تتضّح في أكثر من بقعة جغرافية سورية.

يحاول المدنيون، بشتى الوسائل، العودة إلى قراهم ومناطقهم، والخروج من (مخيمات الموت) التي تشرف عليها (قسد) في محافظة الحسكة. كما أن الوصول إلى مناطق (درع الفرات) التي تسيطر عليها فصائل الجيش الحر ليس سهلًا؛ ما دفع الأهالي في المخيمات إلى تنظيم عددٍ من التظاهرات، خلال الأسابيع الماضية، طالبوا خلالها بالسماح لهم بالعودة إلى مناطقهم.

وأفاد مازن أبو تمام مدير (وكالة الشرق السوري)، في حديث لـ (جيرون) أن “ميليشيا (قسد) سمحت قبل 10 أيام لـ 1200 مدني من سكان (مخيم السد) بالعودة، ولكن إلى المناطق القريبة من محافظة الحسكة، ولم يُسجّل خروج دفعة جديدة، وهذا العدد صغير جدًا، بالقياس إلى عدد السكان النازحين من أهالي دير الزور الذين يتجاوز عددهم المليون نسمة”.

يخشى سكان دير الزور أن تكرّر ميليشيات (قسد) سياساتها التي اتّبعها، في منبج وريفي الرقة والحسكة، من تهجيرٍ قسري للسكان ومحاولة إحداث تغيير ديموغرافي، حيث أكد رئيس مجلس محافظة دير الزور أنس فتيح لـ (جيرون) أن “(قسد) لديها مشروع تغيير ديموغرافي واضح، يظهر ذلك من خلال تصريحاتها الأخيرة المتعلقة بادعائها أن الكثافة السكانية تقع جنوب النهر، وأن المناطق التي تسيطر عليها قليلة السكان، إضافة إلى ادعاءاتها حول وجود عشائر كردية في المنطقة، وهذا ما تنفيه الجغرافيا والتاريخ”.

اتهم فتيح (قسد) بـ “محاولة إضعاف المكون العربي الذي شاركها في تحرير دير الزور”، كما توقّع عدم استقرار مناطق سيطرة ميليشيات (قسد) في دير الزور، إلا بعد “تسليم المنطقة لأبنائها لإدارتها، وذلك بسبب الخلافات العشائرية الواسعة التي بدأت تظهر، حيث لا يمكن لأي غريب أن يتحكم بالوضع هناك، ويجب أن يكون أبناء المنطقة هم من يديرون أمورهم، لمعرفتهم بطبيعة السكان في دير الزور”.

يُفضّل مدنيو دير الزور العودة إلى مناطق (قسد)، على العودة إلى المناطق الخاضعة لسيطرة النظام وميليشياته، ويعتبرون أن (قسد) “أهون الشريّن”، في هذا المعنى قال جلال الحمد، مدير (منظمة العدالة من أجل الحياة)، لـ (جيرون): “لا يمكن لأهالي دير الزور أن يثقوا بالنظام الذي ارتكب انتهاكات جسيمة بحقهم. شكّل أهالي دير الزور طيلة سنيّ الثورة حاضنة لها، وقد سجلت منظمات حقوقية إعدامات ميدانية، وعمليات (تعفيش)، وحملات اعتقالات للمدنيين من قِبل النظام وميليشياته، في مختلف مناطق المحافظة”.

في الموضوع ذاته، أكد أبو تمام أن “ميليشيات (قسد) ارتكبت انتهاكات واسعة بحق المدنيين، في المناطق التي سيطرت عليها في ريف دير الزور، تمثّلت بسرقة و(تعفيش) أملاك المدنيين، فضلًا عن احتجازها المدنيين في مخيمات تفتقر إلى أبسط الحقوق الأساسية، لكن على الرغم من ذلك، يُفضّل المدنيون العودة إلى مناطق سيطرة (قسد)، لأنها أفضل المتاح”.

تخشى ميليشيات (قسد) “العودة السريعة للمدنيين؛ لأنها لم تصل بعد إلى مرحلة الاستقرار والطمأنينة، ولا تمتلك رؤية واضحة لإدارة مناطق دير الزور، والوضع مشابه في الرقة، حيث تتذرع بوجود الألغام لمنع عودة المدنيين”. وفقَ أبو تمام.

يؤكد ناشطون من دير الزور إصرار الأهالي على العودة إلى قراهم ومنازلهم، ويتوقعون حدوث صدامات مستقبلية مع ميليشيات (قسد)؛ إذا حاولت فرض أي رؤية مخالفة لطبيعة المنطقة التي احتضنت الثورة السورية منذ انطلاقتها، وواجه الأهالي فيها النظامَ وتنظيم (داعش)، بكل ما أوتوا من قوة، رافضين أي وصاية عليهم من أيِّ طرف كان.


سامر الأحمد


المصدر
جيرون