ناشطو مضايا.. ملاحقة وتهجير فاعتقال في إدلب



تواصِل (هيئة تحرير الشام) في محافظة إدلب اعتقال كلٍّ من حسام محمود، وحسن وبكر يونس، وأمجد المالح، الناشطين المُهجّرين من مدينة مضايا بريف دمشق، للأسبوع الثالث على التوالي، من دون توجيه اتهامات واضحة أو الإفصاح عن مكان اعتقالهم؛ ما أثار مخاوف العديد من الجهات المدنية على حياتهم.

أدى الناشطون الأربعة أدوارًا بارزة في المجال الإغاثي والطبي والإنساني، قبل تهجيرهم من مدينتهم، إلى جانب نشاطهم الكبير في فضح ممارسات النظام السوري وميليشيا (حزب الله) اللبناني بحق المدنيين، وواصلو نشاطهم في إدلب، بزخم أقل، بفعل اختلاف الظروف والقيود الكبيرة التي تفرضها (هيئة تحرير الشام) على أي عمل إنساني أو إعلامي.

قال مصدر خاص، فضل عدم الكشف عن اسمه، لـ (جيرون): “اعتقلت الهيئة كلًا من حسام وحسن، في 10 كانون الأول/ ديسمبر الحالي، بحي القصور في مدينة إدلب، قبل أن تعتقل بعد ذلك بيومين (بكر) شقيق حسن، وتعقبه باعتقال أمجد، بعد ذلك بيوم واحد أي في 13 من الشهر ذاته، وحتى اللحظة، لا توجد اتهامات واضحة، بل إن الهيئة تأخرت أكثر من عشرة أيام، قبل أن تعترف باعتقالهم”.

أضاف: “بعيدًا عن الذريعة الجاهزة (التصوير دون تصريح)، أعتقد أن الاعتقال هو جزء من سياسية (هيئة تحرير الشام)، بإسكات أي صوت يعارضها، ولنكن صريحين؛ معظم ناشطي الريف الدمشقي المهجرين أصحاب تجربة كبيرة، ولديهم علاقات واسعة مع المنظمات المدنية والإنسانية على مستوى العالم، وهذا يخيف الهيئة، لأنه قد يفضح مشاريعها، بخصوص مستقبل إدلب مع العديد من الأطراف على رأسهم النظام وحلفائه، ولا يهادنون الهيئة على عكس الكثير من الناشطين والمؤسسات العاملة في المنطقة”.

حادثة اعتقال الناشطين الأربعة ليست الأولى، إذ سبقها العديد من الحالات المشابهة، خلال الشهور الماضية، استهدفت أهالي ريف دمشق المهجرين، إضافةً إلى حالة التضييق عليهم، وسوء معاملتهم، ولا سيما فيما يتعلق بمسائل رفع إيجارات المنازل والأسعار على مواد عديدة؛ ما دفع عددًا من الناشطين إلى إطلاق حملة على مواقع التواصل الاجتماعي، قبل أشهر، بعنوان (أعيدونا إلى الحصار).

مصدر (جيرون) أكدّ هذه المعطيات، وأوضح ذلك بالقول: “سوء المعاملة الذي لاقيناه هنا يشابه إلى حد بعيد ممارسات النظام، مسألة رفع الأسعار قضية ثانوية أو هي مكمّل لسياسة ممنهجة تتبعها (هيئة تحرير الشام)، وهدفها دفع أكبر عدد من مُهجرّي ريف دمشق إلى مغادرة البلاد بشكل نهائي، وخصوصًا الناشطون، طريقة الاعتقال التعسفي تشابه تمامًا أسلوب أجهزة النظام الأمنية، التعذيب داخل السجون، التغييب والإخفاء”.

أضاف: “بكل وضوح، (تحرير الشام) هي الوجه الآخر للنظام السوري، ومشروعها القريب والبعيد هو إنهاء الثورة السورية وإعادة الشعب السوري إلى حكم آل الأسد، والدلائل على ذلك كثيرة. يوميًا هناك بضائع بملايين الدولارات تدخل عن طريق تركيا، مرورًا بمناطق الهيئة إلى مناطق النظام، ولا تجرؤ حواجز الثانية على تفتيشها، بضائع إيرانية، روسية، صينية”.

هذا الواقع راكم حالة الخذلان، لدى أهالي وناشطي ريف دمشق المُهجّرين إلى إدلب، وبات الكثير منهم يفكر بطريقة لجمع مبلغ من المال يعينه على السفر باتجاه أوروبا أو تركيا، بل إن بعضهم بات يفضل تسوية وضعه، والعودة إلى مناطق النظام، في مشهد مركّب ومعقّد، لمدى التهتك الذي أصاب الثورة السورية، وبات يعيد -بطريقة أو بأخرى- إنتاج المنظومة القيمية الأخلاقية للنظام بعناوين وهياكل مختلفة.

في هذا الشأن، قال مصدر (جيرون): “الخذلان كبير جدًا، الآن هناك سؤال لا نستطيع أن ننجو منه، وهو: عن أي ثورة نتحدث؟! في إدلب عايشنا ما معنى أن تتحوّل معاناة ومأساة شعب إلى مجرد سوق للسمسرة والمتاجرة، خدمةً لمصالح شخصية. نحن نتحدث عن مبلغ يومي لا يقل عن 20 مليون دولار نتيجة حركة المعابر، يتم تقاسمها بين الهيئة والنظام السوري، نتحدث عن شاحنات أسلحة ومخدرات وغيرها، بين مناطق الهيئة والنظام و(قسد)، هذا ما تبقى من الثورة هنا”.

وتابع: “باختصار، الهدف الأبرز لمشروع تهجير محيط دمشق هو إنهاء قيم الثورة السورية عن طريق سحقها بمساعدة تشكيلات، تسلّقت وتصدّرت الواجهة الإعلامية على حساب عذابات المقهورين، ومَن خسروا كل شيء من أجل تحقيق حلم التغيير، خدمةً لمشروع يُراد منه دفع الحواضن الاجتماعية إلى الكفر بمبدأ الثورة، والترحّم على أيام النظام، نحن نتعرض لشيء يشبه التمييز العنصري خدمةً لمشروع سياسي تنفذه (هيئة تحرير الشام)، بالتفاهم مع تركيا وإيران والنظام، قد يصل إلى حد التحالف مع الأخير في وجه مشروع (قسد) تماشيًا مع مصالح الدول الإقليمية، هذه أبجديات الثورة في أعراف (تحرير الشام)”.

تجدر الإشارة إلى أن مجموعة من الناشطين أطلقوا حملةً إعلامية بعنوان (الحرية لناشطي مضايا) هدفها حشد الرأي العام للضغط على (هيئة تحرير الشام)، لإطلاق سراح المعتقلين الأربعة، وقد علمت (جيرون) أن عددًا من المنظمات الحقوقية والمدنية أصدرت بيانًا للغرض ذاته.


جيرون


المصدر
جيرون