حي الشيخ مقصود.. ما بين الانسلاخ عن حلب وغياب الخدمات



يعدُّ حي “الشيخ مقصود” في مدينة حلب، والخاضع لسيطرة ميليشيات “وحدات الحماية الشعبية” الكردية، منطقةَ تجمّع عشوائي واكتظاظٍ سكاني، ويعتبر سكان هذا الحي الذي يبلغ عددهم نحو 65 ألف نسمة، من المجتمعات الفقيرة جدًا، وأفضت الحرب الدائرة منذ 7 سنوات إلى زيادة فقرهم وتعقيد أحوالهم.

في خطوة تعدّ الأولى من نوعها، قام (صندوق الأمم المتحدة للسكان) بإرسال فرق وعربات طبية متنقلة إلى الحي، بداية العام الحالي، لتقديم الخدمات الطبية الأساسية في مجال الصحة الإنجابية، ونشر الوعي بخدمات تنظيم الأسرة. ويسعى الصندوق الأممي إلى إنشاء مركزين صحيين في المنطقة، من أجل تغطية الخدمات الصحية في مجال تنظيم الأسرة. وفقَ الصندوق.

وبحسب تقييم منظمة الأمم المتحدة، في بيان نشرته على موقعها أخيرًا، فإن “أهالي حي الشيخ مقصود يفتقدون الخدمات الصحية عامة، والمتعلقة بالصحة الإنجابية على وجه الخصوص، ويوجد في الحي مرفق صحي واحد، يُخدّم نحو 50 مريضًا يوميًا، وهو غير كاف لتلبية الاحتياجات المحلية، حيث يُقدر عدد النساء الحوامل بنحو 3000 امرأة، وهذا المرفق غير مُجهّز تجهيًزا جيدًا، ولا تتوفّر فيه القدرة على القيام بعمليات قيصرية أو جراحية أخرى، كما لا تتوفّر سيارة إسعاف لنقل الحالات الحرجة إلى المستشفيات خارج الحي”.

على الرغم من الهدوء الذي ينعم به أهالي الحي حاليًا، مقارنةً بالأعوام السابقة، ولا سيما بعد سيطرة قوات النظام على الأحياء الشرقية لحلب، فإن حي “الشيخ مقصود” ما زال غارقًا بكمٍّ كبير من الأزمات المتعلقة بتصدّع البنى التحتية ونقص الخدمات الأساسية، فمعظم الطرق تحتاج إلى إعادة تأهيل وهي تمتلئ شتاءً بالطين، ممّا يحدّ من إمكانية استخدامها، كما أن الحي يفتقر إلى الكهرباء، ما يجبر الأهالي على الاعتماد على المولدات الكهربائية والوقود الباهظ الثمن، في حال توفره.

يشدّد أغلب سكان الشيخ مقصود على أن الحي جزء من مدينة حلب، ولكن الواقع يبيّن أن الصبغة الكردية لكل مكونات وملامح هذا الحي هي الطاغية، فالأعلام الملونة والصور الضخمة لقادة أكراد، على رأسهم عبد الله أوجلان، تنتشر انتشارًا كبيرًا. وتشرف قوات من “الوحدات” على عملية الدخول والخروج من الحي، وعلى كل ما يتعلق بالوضع الأمني؛ ما خلق مشكلة يتحمّل الأهالي وحدهم تبعاتها، وخصوصًا في القطاع الصحي.

في هذا الشأن، أكد الطبيب رامي عثمان (اسم وهمي)، من مشفى حلب الجامعي، أن المشكلة لا تتعلّق بنقص الأطباء في حلب، وبخاصة المختصون بالأمراض النسائية، وأضاف لـ (جيرون) موضحًا: “شكّلت عملية الدخول والخروج من الحي عائقًا أمام الكثير من الأطباء الذين لا يرغبون في افتتاح عيادات في المنطقة، نتيجة هذا الظرف. فإذا أراد الشخص الخروج من الحي؛ فعليه أن يتخطّى عدة حواجز، بعضها تابع للقوات الكردية، وأخرى لعناصر النظام، الأمر الذي يعوق حركة تنقّل الطبيب ذهابًا وإيابا نحو عيادته ويجعله أمرًا مرهقًا”.

يعتقد عثمان أن طرد القوات الكردية للعديد من العائلات العربية المتواجدة في الحي، ساهم في عزوف الأطباء، من غير السكان الأصليين للحي، عن التواجد في المنطقة، ففي آذار/ مارس 2017، ذكر تلفزيون (الإخبارية) الموالي للنظام أنّ القوات الكردية الموجودة في الحي والمسيطرة عليه بشكل كامل، تعمّدت منع عودة الأهالي إلى منازلهم، ما لم يكونوا من فئة معينة، وبهذه الممارسات؛ خلقت وضعًا متوترًا وتقسيمًا واضحًا، لعزل حي الشيخ مقصود عن كامل أحياء مدينة حلب.

ونقلت العديد من الصحف الموالية للنظام شكاوى مواطنين، مُنعوا من دخول الحي، سواء أكان الدخول بقصد الزيارة أم العودة إلى منازلهم، ما لم يكونوا من الأكراد. مطالبين النظام التدخل ووضع حد لممارسات تلك القوات.

أكدت الأمم المتحدة، في ختام بيانها، أن “فريقها الطبي استطاع تقديم خدمات لأكثر من 80 امرأة، كما وصل الفريق إلى المحتاجين إلى الرعاية السابقة للولادة، وخدمات تنظيم الأسرة، والرعاية بعد الولادة، وغير ذلك من المساعدات الصحية الأساسية، كما وزع الفريق نحو 1200 مجموعة من لوازم العناية الشخصية، وهي تحتوي على منتجات تتعلق بالنظافة الصحية، مثل الصابون والمناديل الصحية والملابس الداخلية”.


نسرين أنابلي


المصدر
جيرون