on
واشنطن بوست: لا يمكن للنظام الإيراني أن يبقى رابحًا إلى الأبد
مسيرة مؤيدة للحكومة الإيرانية. (نعمة نجف زاده/ وكالة الصحافة الفرنسية عبر صور جيتي)
بعد زيارتي لطهران في عام 2013، كتبتُ أنّ العاصمة الإيرانية تبدو معلقةً في مكانٍ ما، بين بيونغ يانغ ولوس أنجلوس. لقد رأينا في الأسبوع الماضي كيف عبرَّ الإيرانيون بحماس بأنهم يريدون هذه الأخيرة، وليس الأولى (بيونغ يانغ)، حيث نددوا بدولتهم الفقيرة التي تشبه الثكنة العسكرية، وطالبوا بمستقبلٍ عصري مزدهر.
إنَّ السؤال عن التظاهرات الإيرانية، إن كانت تخلق حالةً “ما قبل ثورية”، قد يضيّع النقطة الأهم. لقد بدأتْ بالفعل عملية التغيير، وسيستخدم النظام أدواته في القمع، وقد تخمد الاضطرابات، لكنَّ الاحتجاجات واسعة الانتشار، وتحدث في أكثر من ثمانين مدينة -كما يقول ضابطٌ سابق في الاستخبارات الأميركية- وسيكون من المستحيل إعادة البلاد بأكملها إلى القفص.
لقد أثارت الاحتجاجات الإيرانية التناقضات التي كانت تتعمق منذ ثورة 1979، بين بلدٍ مضطربٍ يحكمه رجالُ دين مسنون قليلو التجربة، وبين قدرات إيران الاقتصادية الهائلة وأدائها الضعيف، وبين مغامراتها الأجنبية واحتياجاتها المحلية. وانقسمت الحكومة حينما عبّر الرئيس حسن روحاني عن تعاطفه مع المتظاهرين، بينما المرشد الأعلى: “آية الله علي خامنئي” يأمل بسحقها.
في عالم اليوم، من الصعب القول إنّ القمع لنْ ينفعَ على المدى القصير، ولكن ما يحدث هو لعبة على المدى الطويل، ففي حين أنَّ الملالي يملكون السلاح، يبدو أنَّهم خسروا ثقة الجمهور. بينما يضعف النظام؛ ثمة فسحةٌ لزعيمٍ شعبي يتحدث عن بلدٍ غير سعيد. قبل أسبوع، كان يمكن أن يكون ذلك الزعيم هو روحاني، لكنْ يبدو أنَّه فقد فرصته.
الحكومات الغربية منقسمةٌ حول كيفية دعم المتظاهرين الإيرانيين، فتغريدات الرئيس ترامب الصاخبة أزعجت الحكومات الأوروبية، التي تقول إنَّ تلك التغريدات ستجعل من السهل على النظام أنْ يحمّل المسؤولية لـ “الشيطان الأكبر”، وغيره من المتدخلين الخارجيين، ففي هذا الأسبوع، رفضت فرنسا، وألمانيا، وبريطانيا طلبًا أميركيًا لإصدار بيانٍ مشترك حول إيران. على الرغم من أنَّ خطاب ترامب غالبًا ما يكون غير مسؤولٍ إلى درجة التهور، لكن فيما يتعلق بهذا الموضوع، فهو على حق.
من المؤكد أنَّ الغرب يجب أنْ يكون حذرًا من البيانات التي تشجع الإيرانيين على توسيع التمرد/ الثورة، فهناك مجازفةٌ أخلاقية في مثل هذا التشجيع، لكنَّ الصمت موقف خاطئ. يجب على الغرب أنْ يحث المتظاهرين الإيرانيين على البقاء سلميين (من المرجح أن ينجحوا بهذه الطريقة)، وأن يحذّر النظامَ أيضًا من أنّه سيتعرض للمساءلة على العنف ضد مواطنيه، إنْ تعاملت الحكومة بقسوة، كما فعلت خلال “الحركة الخضراء” عام 2009، فيجب أنْ تواجه عواقبَ حقيقية.
وينبغي على الغرب أيضا أنْ يساعد على إبقاء الاتصالات مفتوحة مع إيران. ورغم أن النظام يحاول الحد من التواصل عبر الرسائل، لكنّه سيواجه صعوبةً في منعها تمامًا. لدى إيران ما يقدّر بنحو 48 مليون من الهواتف الذكية اليوم، مقارنة مع مليون هاتفٍ في عام 2009، ويمكن للإيرانيين الوصول إلى تطبيقات مشفرة للرسائل، بحيث لا يتمكن النظام من منعها. من بعض النقاط الجنوبية، يمكن للهواتف المحمولة الوصول إلى الشبكات، في الإمارات العربية المتحدة، وأماكن أخرى. ويبدو أنَّ عدد مقاطع الفيديو عبر الهواتف المحمولة من إيران قد انخفض على نحو حاد، خلال هذا الأسبوع، ولكن من المستحيل أنْ يكون هناك تعتيمٌ كامل.
بينما يركز العالم على طبيعة النظام الإيراني القمعية والمزعزعة للاستقرار، فمن الغباء أنْ تحوّل إدارة ترامب الموضوع إلى الاتفاق النووي الإيراني. يجب على ترامب ترك الاتفاق في مكانه، والتركيز على التدخل الإيراني في الخارج. ومع تشتيت طهران في الداخل، فهذا هو الوقت المثاليّ للضغط على خطوط الإمداد اللوجستية إلى قواتها في اليمن، وسورية، ولبنان. في تحديّ وكلاء إيران؛ ستزيد الولايات المتحدة وحلفاؤها من هتافات المتظاهرين: “لا غزة، ولا لبنان، أقدّمُ حياتي من أجل إيران”.
لا شكَّ أنّ قادة إيران سيلومون الولايات المتحدة وحلفاءها، بغض النظر عما يقوله ترامب، والأوروبيون، إذ قال علي شامخاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، في مقابلةٍ تلفزيونية هذا الأسبوع، بكذبٍ واضح: إنَّ 27 إلى 29 في المئة من هاشتاغات الاحتجاجات صدرت من الحكومة السعودية. ومن المؤكّد أن المملكة العربية السعودية مسرورةٌ بهذه الاحتجاجات، ولكنّ الفكرة القائلة بأنّ التظاهرات في جميع أنحاء البلاد هي نتيجةٌ لمؤامرةٍ أجنبية هي خداعٌ للذات، ومستحيلةٌ من الناحية اللوجستية أيضًا.
ما الدرس من أحداث الأسبوع الماضي للشرق الأوسط؟ طرحتُ هذا السؤال على الأمير خالد بن سلمان، ابن الملك السعودي وسفيره في واشنطن، وهنا جوابه: “حاول النظام الإيراني أنْ يعوقَ المستقبل، إنّهم يشنون ثورةً رجعية. نحن نريد أنْ نذهب بالطريق الآخر”. إذا كان السعوديون يراهنون حقًا على الشباب والتحديث؛ فإنّهم يسيرون في الاتجاه الصحيح.
لقد اهتز النظام الإيراني هذا الأسبوع، وسيقاتل بلا رحمة. ولكن من الصعب أنْ نتصوّر أنَّ حكم الملالي سيبقى مهيمنًا إلى أجلٍ غير مسمى، في مجتمعٍ متعطش للتغيير. لا يمكن للغرب أنْ يخوض هذه المعركة، ولكنْ لا ينبغي أنْ يخاف من أنْ يقول مَن هو على حق، ومن هو على باطل.
اسم المقالة الأصلي The Iranian regime can’t keep winning forever الكاتب ديفيد إغناطيوس، David Ignatius مكان النشر وتاريخه واشنطن بوست، The Washington Post، 4/12 رابط المقالة https://www.washingtonpost.com/opinions/global-opinions/the-iranian-regime-cant-keep-winning-forever/2018/01/04/e999a6f4-f197-11e7-97bf-bba379b809ab_story.html?utm_term=.bf502d5f79fa عدد الكلمات 722 ترجمة أحمد عيشةأحمد عيشة
المصدر
جيرون