هل تُغيير عملية غصن الزيتون موازين القوى في سوريا؟

1 شباط (فبراير - فيفري)، 2018

السورية نت – مراد الشامي

دخلت عملية “غصن الزيتون” التي يقودها الجيش التركي وفصائل من المعارضة السورية يومها الحادي عشر، وحققت هذه القوات تقدماً في مدينة عفرين على حساب الميليشيات الكردية التي تسيطر عليها، وانتزعت منها السيطرة على مناطق استراتيجية أبرزها جبل برصايا.

وناقش مقال تحليلي نشرته وكالة الأناضول التركية، اليوم الخميس، تأثير عملية “غصن الزيتون” على موازين القوى في سوريا، وأشار كاتب المقال سرهات إركمين – عضو الهيئة التدريسية في قسم العلاقات العامة بجامعة أهي إفران التركية – إلى أن من أبرز نتائج العملية “عزل الميليشيات الكردية”.

وأشار المقال إلى أن عملية “غصن الزيتون” أصبحت أمراً لا مفر منه بالنسبة لأنقرة، وقال إن “تركيا أعلنت بشكل واضح جداً دوافعها الأمنية لبدء العملية، إذ لا يوجد هناك شكوك حول ضرورتها وشرعيتها، حيث تعتبر التشكيلات المشتقة من بي كا كا (حزب العمال الكردستاني) الإرهابي في سوريا مصدر تهديد إرهابي بالنسبة لتركيا على المدى القريب، وخطر استراتيجي على المدى البعيد يستهدف وحدة الأراضي التركية”.

“ضربة قاسية”

اعتبر سرهات في مقاله التحليلي أن عملية “غصن الزيتون” بدأت في التأثير على موازين القوى في سوريا، حيث أنزلت “ضربة قاسية على محاولات ب ي د (حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي) في كسب اعتراف رسمي دائم من الولايات المتحدة وروسيا على الأراضي السورية”.

وأضاف أن فقدان القوات الكردية للسيطرة على عفرين سيؤثر سلباً على مشروعهم بعيد المدى، بشأن إجراء تغيير ديموغرافي، وتمكين نفوذها في المناطق التي سيطرت عليها بعد المعارك مع تنظيم “الدولة الإسلامية”، إثر تلقيها دعم أمريكي اعتباراً من عام 2014.

والسبب في ذلك – بحسب المقال – أن خسارة الميليشيات الكردية بعدما تركت انطباعاً أنها لا تُقهر نتيجة تلقيها الدعم من دول عظمى، “سيترك أثراً كبيراً على الأهالي شمالي سوريا، حيث لن يكتفي نجاح غصن الزيتون بإزالة التهديد الإرهابي الذي يطال الحدود الجنوبية التركية، إنما سيساهم أيضا في بعث الأمل في نفوس الكثيرين ممن اضطروا للنزوح إثر سيطرة ب ي د على مناطقهم قبل 3 أعوام، بخصوص العودة إلى منازلهم مجدداً”.

“عزل الميليشيات الكردية”

واعتبر المقال أن البعد الثاني من تغير موازين القوى، هو العلاقة بين الميليشيات الكردية ونظام الأسد، إذ بدأت العلاقة بينهما تكتسب بعداً جديداً بعدما أضحت وثيقة، نتيجة انسحاب قوات النظام من مناطق شمالي سوريا، وتسليمها للميليشيات الكردية.

وقال سرهات إنه “على الرغم من اتهام نظام الأسد لقوات وحدات حماية الشعب الكردية عقب تلقيهاً دعماً أمريكياً دائماً، إلا أن العلاقة بين دمشق والميليشيات الإرهابية تحمل طبيعة مختلفة”.

وأضاف: “بينما كانت الميليشيات الكردية تعتقد نفسها أنها أصبحت تتمتع بقوة كبيرة نتيجة الدعم الأمريكي، لدرجة تمكنها من مجابهة النظام السوري حتى قبل أسابيع قليلة، تجد نفسها اليوم بحاجة الأسد لمواصلة وجودها في المنطقة”.

أما البعد التالي لعملية غصن الزيتون، فهو – بحسب كاتب المقال – “نبذ التشكيلات المشتقة من تنظم بي كا كا في سوريا ضمن إطار مساعي الحل السياسي للأزمة السورية، حيث تتمسك تركيا بمبدأين ثابتين للتوصل إلى حل سياسي، أولها اعتبار استمرار الأسد في السلطة من أهم العوائق أمام إحلال الأمن والاستقرار بالبلاد، وثانيها يتمثل في أن التنظيمات الإرهابية تشكل خطراً على وحدة الأراضي السورية”.

ويشير المقال إلى أن تعريف التنظيمات الإرهابية يختلف من دولة إلى أخرى، “ففي الوقت الذي تم فيه التوصل إلى اجماع بشأن تصنيف التنظيمات المنبثقة عن تنظيم القاعدة مثل داعش، نجد أنه ما زال هناك خلاف حول تصنيف ب ي د/ ي ب ك”.

وأضاف: “على الرغم من تجاهل الكثير من الدول وفي مقدمتها الولايات المتحدة للعلاقة بين ب ي د، وي ب ك، وبي كا كا، إلا أنه يجب اعتبار عدم دعوة ب ي د كممثل عن الأكراد إلى مؤتمر سوتشي، تطور مهم للغاية ناجم عن عملية غصن الزيتون، إذ تعد نقطة البداية لعزل الميليشيات في المنطقة، لكن ينبغي عدم الاكتفاء بهذا القدر، إنما نقل مساعي عزل (ب ي د) لمستويات أعلى”.

“المستقبل القريب”

وتوقع كاتب المقال أن تشهد سوريا الكثير من التطورات على هامش عملية “غصن الزيتون”، “فمن الناحية العسكرية قد تفتح الطريق أمام عملية جديدة في منبج، لكن يجب عدم تجاهل التطورات السياسية المحتملة أيضا، حيث ينبغي علينا على وجه الخصوص تذكر احتمال تقدم النظام السوري في مناطق حساسة مثل الرقة ودير الزور نتيجة اتفاقيات مع ب ي د”.

وأشار سرهات إلى أن “أنقرة أطلقت عملية غصن الزيتون ضمن إطار مكافحة الإرهاب بالدرجة الأولى، حيث تهدف لتطهير المنطقة بشكل دائم من تنظيم ب ي د/ بي كا كا، لكنها قد تساهم في تغيير الموازين بسوريا بشكل دائم أيضا، وخلال هذه المرحلة، يعتبر موقف تركيا الحازم ونجاحها في العملية من أهم محددات هذه المرحلة”.

واعتبر أنه “بينما كانت تركيا تستهدف تنظيم داعش في درع الفرات، ساهمت العملية في تغيير الموازين شمالي سوريا، وعليه يمكننا التنبؤ أن غصن الزيتون التي تستهدف ب ي د ستذهب أبعد من ذلك وستؤثر على موازين القوى بين عدد من الأطراف في المنطقة”، حسب قوله.

اقرأ أيضا: أمريكا تمدد بقاء آلاف السوريين على أراضيها 18 شهراً.. ما الذي سيحدث بعد انتهاء المهلة؟

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]