on
قوات النظام تقصف مواقع (داعش) جنوبي دمشق
أكد ناشطون فلسطينيون ميدانيون، من داخل مخيم اليرموك، أن قوات نظام الأسد قصفت، على نحو مكثف، بعد منتصف فجر اليوم الأربعاء، مناطق تنظيم (داعش) الإرهابي في المخيم وحي الحجر الأسود المجاور له.
بالمقابل ذكرت مصادر متقاطعة أن (داعش) قصف بعد منتصف الليل أماكن في دمشق القديمة، وفي حي (الزاهرة القديمة)، الواقعة قرب اليرموك؛ ما أسفر عن مقتل فتى دون سن 18 وسقوط جرحى.
تزامن ذلك مع أنباء عن فشل مفاوضات أجراها النظام مع قيادات من (داعش) للخروج من جنوب دمشق إلى منطقة حوض اليرموك بدرعا. وقال مراسل (مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية) في جنوبي دمشق: “إن وفدًا تابعًا للنظام السوري دخل مساء الإثنين الماضي إلى مناطق سيطرة تنظيم (داعش)، للتفاوض معه حول إمكانية خروج عناصره، من جنوب دمشق إلى منطقة حوض اليرموك بدرعا جنوب سورية؛ تفاديًا لشن أَي عمل عسكري يستهدف المنطقة الجنوبية، إلا أن تنظيم (داعش) رفض ذلك، وأصرّ على البقاء في مناطق سيطرته؛ ما ينذر باحتمال شن قوات النظام عملًا عسكريًا قريبًا، خلال الأيام القليلة المقبلة”.
فصائل المعارضة تغلق حاجز العروبة
إلى ذلك، قال ناشطون فلسطينيون في مجال الإغاثة في بلدة يلدا: إن “فصائل المعارضة المسلحة التي تسيطر على البلدات المجاورة للمخيم أعلنت، أمس الثلاثاء، إغلاقها حاجز العروبة الذي يفصل بين المخيم وبلدة يلدا، والذي يُعدّ المنفذ الوحيد لأهالي المخيم المحاصرين من قبل النظام والمجموعات الفلسطينية الموالية له، منذ 1733 يومًا”.
وأفادت صحيفة (الوطن) المقربة من النظام، أمس الثلاثاء، أن “اشتباكات عنيفة تدور في مخيم اليرموك، بين الجيش السوري من جهة وتنظيم (داعش) من جهة أخرى، بعد أيام طويلة من الهدوء الحذر”، لافتةً إلى أنه “في الوقت الذي جهز فيه الجيش لعملية عسكرية، تهدف إلى تطهير مخيم اليرموك ومنطقة الحجر الأسود والجزء الجنوبي من حي التضامن جنوبًا، من عناصر التنظيم الإرهابي، وكان الجيش قد استقدم أمس (الإثنين) تعزيزات عسكرية، تضمنت المعدات العسكرية والأسلحة الثقيلة والعربات والحافلات معززة بالأفراد والقوات الرديفة؛ لضرب عناصر التنظيم في محيط سيطرته وسيطرة تنظيم “جبهة النصرة” (هيئة تحرير الشام) جنوبي العاصمة دمشق”. وأشارت المصادر إلى أنه “سبق ذلك مفاوضات تجري مع (داعش) عبر الوسيط الروسي، للوصول لتسوية تقضي بخروجهم من المخيم، وفي حال رفضهم فسيتم اللجوء للخيار العسكري”.
وكان النظام قد عزز، في الأيام القليلة الماضية، حشوده العسكرية، واستقدم قوات من “الفرقة الرابعة” إلى بلدة (حجيرة) المجاورة لحي الحجر الأسود، حيث شملت تعزيزات الفرقة الرابعة دبابات وآليات ومجموعات من المُشاة وسيارات تنقل ذخائر ورشاشات ثقيلة، كما حشد النظام قواته في محيط مخيم اليرموك والحجر الأسود، منذ أسبوعين تقريبًا، واستقدم “لواء القدس” الفلسطيني، وقوات مما يعرف بـ “الدفاع الوطني”، ومجموعات من الحرس الجمهوري وأخرى من درع القلمون، إلى محيط جنوب دمشق.
إلى ذلك، ما يزال الغموض يكتنف مصير مئات المدنيين المتبقين في المخيم الذين ينتظرون بقلق بالغ بدء معركة جنوب دمشق، والتي تشكل خطرًا على حياتهم، في حال لم يتم فتح معبر أمن لخروجهم من اليرموك.
وكان سامي مشعشع، الناطق باسم وكالة (أونروا)، قد وصف التطورات الأمنية في محيط وداخل مخيم اليرموك، بالأحداث “المقلقة”، مطالبًا كافة الأطراف بالسماح للمدنيين الراغبين في مغادرة مناطق النزاع، بأن يغادروا بسلام وأمن.
وأضاف: “ينبغي أن يتم السماح أيضًا بإجلاء الحالات الطبية، وتوفير سبل وصول آمن، من أجل توزيع معونات منقذة للحياة، تشمل الغذاء والدواء، على كافة المدنيين المحاصرين داخل اليرموك والمناطق المجاورة في يلدا وببيلا وبيت سحم”.
وقال مدير الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية في سورية، السفير أنور عبد الهادي، في تصريحات صحفية، الإثنين: “إن الأيام القليلة القادمة ستشهد حسمًا نهائيًا لملف مخيم اليرموك”، مضيفًا أنه “سيتم فتح مدخل لإخراج المسلحين ومن يريد تسوية أوضاعه، أما من يريد البقاء ولم يكن متورطًا فلا مشكلة له مع الدولة”.
وأشار عبد الهادي إلى أن “قرار الدولة السورية هو أن لا يمس أي مدني، وهي ستحافظ على المخيم، وعلى المدنيين داخله”، مشددًا على أنه “حان الوقت لإعطاء الإنذار الأخير لمسلحي مخيم اليرموك، إما بتسوية أوضاعهم أو الخروج إلى مناطق تستقبل أمثالهم”، على حد تعبيره.
يُشار إلى أن هنالك ما يصل إلى 12 ألف لاجئ فلسطيني، في مخيم اليرموك والمناطق المحيطة به في يلدا وببيلا وبيت سحم، وفق تقديرات (أونروا) محاصرين منذ عام 2011، عندما انتقلت فصائل المعارضة المسلحة إليها، وتصنف (أونروا) تلك المناطق أنها “مناطق يصعب الوصول إليها”.
(داعش) يُرهب أهالي اليرموك
من ناحية ثانية، قالت مصادر إعلامية وحقوقية فلسطينية: إن تنظيم (داعش) الإرهابي أصدر، قبل يومين، قرارًا يجبر جميع المدنيين المتبقين في مخيم اليرموك على اتباع دورات شرعية، وأشار التنظيم إلى أن كل شخص لا يلتحق بهذه الدورات، سيتعرض للمساءلة والمحاسبة والعقوبة. في المقابل، عدّت فصائل المعارضة السورية المسلحة في يلدا كلَّ مدني يخضع لهذه الدورات في عداد عناصر تنظيم (داعش)، وسيتعرض للاعتقال، وسيمنع من الدخول إلى يلدا، عبر معبر العروبة.
وعلى ذلك؛ وقع الأهالي بين فكي (داعش) الذي يرتكب انتهاكات جسيمة بحقهم، في حال لم ينفذوا أوامره، وبين تشدد قوات المعارضة السورية التي هددت بإغلاق معبر العروبة الواصل بين المخيم ويلدا بشكل نهائي؛ ما ينعكس بشكل سلبي على حياتهم المعيشية.
هذا، وتعدّ الدورات الشرعية السلاحَ الفكري لدى (داعش)، في المناطق التي يسيطر عليها، حيث إنها من أكثر الأنشطة التي يسعى التنظيم لنشرها وبث أفكاره وعقيدته عن طريقها، كما يحاول بشتى الطرق إخضاع أكبر عدد من الناس لها؛ وذلك بغية التأثير فيهم فكريًا، وكسب ولائهم عن طريق دس أفكاره تحت ستار ديني وشرعي.
وتكون مدة الدورة الشرعية، عادة، من أسبوعين إلى 3 أشهر، حسب كل دورة، وتشمل الدورة أساسيات الفقه والعقيدة، إضافة إلى أحكام الجهاد التي لها حصة جيدة من المدة المخصصة للدورة. وما يزال تنظيم (داعش) يسيطر على الجزء الأكبر من مخيم اليرموك، وأجزاء من أحياء الحجر الأسود والتضامن، وحيّ القدم.
يشار إلى أن مسلحي (داعش)، شنّوا في نيسان/ أبريل 2015، هجومًا على اليرموك، وطردوا فصائل المعارضة منه، وأحكموا سيطرتهم على الجزء الأكبر منه، فيما سيطرت هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة وقتها) على أجزاء أخرى.
1674 معتقلًا فلسطينيًا في سجون الأسد
على صعيد آخر، قال ناشطون حقوقيون فلسطينيون، تزامنًا مع يوم الأسير الفلسطيني، الذي يوافق يوم 17 نيسان/ أبريل من كل عام: إن عدد الضحايا الفلسطينيين الذين قضوا تحت التعذيب في سجون النظام السوري، بلغ نحو 477 ضحيّة، في حين لا يزال مصير المئات من الشبّان مجهولًا، دون معرفة أماكن اعتقالهم وأيّ معلومات عنهم.
وأكد فريق الرصد والتوثيق في “مجموعة العمل”، ومقرها لندن، أن “إحصاءات المجموعة تشير، بالتزامن مع يوم الأسير الفلسطيني، إلى وجود 1674 معتقلًا فلسطينيًا في السجون السورية، تمكنت المجموعة من توثيقهم، بينهم 106 نساء”. لافتة إلى أن “من المتوقع أن تكون أعداد المعتقلين وضحايا التعذيب أكبر مما تم الإعلان عنه؛ بسبب غياب أي إحصاءات رسمية صادرة عن النظام السوري، إضافة إلى تخوف بعض أهالي المعتقلين والضحايا، من الإفصاح عن تلك الحالات خوفًا من ردات فعل الأجهزة الأمنية في سورية”.
وجددت “المجموعة” الحقوقية، مطالبتها نظام الأسد بالإفصاح عن وضع المئات من المعتقلين الفلسطينيين الذين يُعدّ مصيرهم مجهولًا، مؤكدة أن ما يجري داخل المعتقلات السورية للفلسطينيين “جريمة حرب بكل المقاييس”.
نعريف: وأشار عبد الهادي إلى أن “قرار الدولة السورية هو أن لا يمس أي مدني، وهي ستحافظ على المخيم، وعلى المدنيين داخله”، مشددًا على أنه “حان الوقت لإعطاء الإنذار الأخير لمسلحي مخيم اليرموك، إما بتسوية أوضاعهم أو الخروج إلى مناطق تستقبل أمثالهم”، على حد تعبيره.
غسان ناصر
المصدر
جيرون