تقدم “واضح” في تطبيق الهدنة في سوريا مع انخفاض حصيلة القتلى اليومية
4 مارس، 2016
يشهد تطبيق اتفاق وقف الأعمال القتالية في سوريا “تقدماً واضحاً”، وفق ما أعلن موفد الأمم المتحدة ستافان دي ميستورا الخميس، تزامناً مع انخفاض ملحوظ في حصيلة القتلى المدنيين منذ تطبيقه قبل ستة ايام.
وقال دي ميستورا للصحافيين في جنيف، في ختام لقاء لمجموعة العمل حول المساعدات الإنسانية المخصصة لسوريا “الوضع الميداني يمكن تلخيصه بأنه هش. إن نجاح (وقف الاعمال العدائية) ليس مضموناً إنما هناك تقدم واضح. اسألوا السوريين”.
وعقدت مجموعة العمل حول وقف الأعمال القتالية في سوريا اجتماعاً بعد ظهر الخميس لتقييم مسار وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ السبت، بموجب اتفاق روسي أميركي تدعمه الأمم المتحدة، من دون أن تصدر أي بيان رسمي.
وأكد دي ميستورا، قبل انعقاد الاجتماع أن “مستوى العنف في البلاد انخفض بشكل كبير. وبشكل عام، فإن وقف (الأعمال القتالية) صامد”. واعترف في الوقت ذاته باستمرار وجود “نقاط عديدة حيث تتواصل المعارك، بما في ذلك في حماه وحمص واللاذقية ودمشق”، لكنه قال ان هذه المعارك تبقى “محصورة”.
ودخل اتفاق وقف الأعمال العدائية حيز التنفيذ في مناطق سورية عدة منتصف ليل الجمعة السبت. ويستثني الاتفاق تنظيم “الدولة الإسلامية” و”جبهة النصرة”، اللذين يسيطران حالياً على اكثر من نصف الأراضي السورية. ولا يزالان يتعرضان لضربات قوات النظام وروسيا أو التحالف الدولي بقيادة واشنطن.
وتقتصر المناطق المعنية بالاتفاق على الجزء الاكبر من ريف دمشق، ومحافظة درعا جنوباً، وريف حمص الشمالي وريف حماة الشمالي ومدينة حلب وبعض مناطق ريفها الغربي (شمال).
اتهامات متبادلة
وتعد هذه الهدنة الأولى من نوعها منذ اندلاع النزاع بين قوات النظام والفصائل المعارضة، اللذين يتبادلان والدول الداعمة لهما، الاتهامات بشأن خرقها.
وسجلت وزارة الدفاع الروسية الخميس 44 انتهاكاً لوقف إطلاق النار خلال الساعات الأربع والعشرين الأخيرة، في حلب ودمشق واللاذقية ودرعا وحماه.
في المقابل، تحدث رياض حجاب المنسق العام ل “الهيئة العليا للمفاوضات” الممثلة لأطياف واسعة في المعارضة السورية، الخميس عن “توثيق أكثر من مئة خرق للهدنة في خمسة أيام”، محذراً من أن “الهدنة على وشك الانهيار، إذا لم تكن هناك تدخلات دولية مسؤولة للحد من العنف الذي لم يتوقف”.
وشكك في “جدية النظام وحلفائه في توفير البيئة الملائمة للمفاوضات واستعدادهم للدخول في عملية انتقال سياسي”، مشيراً إلى ان المساعدات الإنسانية على سبيل المثال “لم تدخل إلا الى مناطق محدودة”.
وأوضح دي ميستورا الخميس أن “المساعدة الإنسانية ووقف الأعمال القتالية كانت مهمة جداً” لكنها “ليست شروطاً مسبقة” في العملية السياسية.
ومن المفترض أن تُستأنف محادثات السلام السورية في جنيف في التاسع من آذار/مارس.
ودعا الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الخميس “روسيا والنظام السوري إلى وضع حد فوراً للهجمات على مجموعات المعارضة المعتدلة”، وفق إعلان صدر إثر قمة فرنسية بريطانية عقدت في اميان في فرنسا.
ويبحث كاميرون وهولاند والمستشارة الألمانية انغيلا ميركل وقف إطلاق النار مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مؤتمر عبر الهاتف غداً الجمعة.
واتهمت منظمة العفو الدولية، في تقرير الخميس، روسيا وقوات النظام بأنها “استهدفت بشكل متعمد ومنهجي مستشفيات ومرافق طبية خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة”، لافتة إلى أنها وثقت “ست هجمات متعمدة على الأقل على مستشفيات وعيادات ومراكز طبية في ريف حلب الشمالي” في تلك الفترة.
وقالت “فيما كان اتفاق وقف إطلاق النار الهش قيد الإعداد، كثفت القوات الحكومية السورية وحلفاؤها هجماتها ضد المرافق الطبية”.
انقطاع الكهرباء
ورغم الخروقات المحدودة، ينعكس وقف إطلاق النار هدوءاً على المناطق السورية المشمولة بالاتفاق وكذلك على حصيلة القتلى اليومية.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مقتل 73 مدنياً في الأيام الخمسة الأخيرة في كافة أنحاء سوريا، 24 منهم في المناطق المشمولة بوقف إطلاق النار. وأشار مدير المرصد رامي عبد الرحمن إلى “انخفاض ملحوظ” في حصيلة القتلى المدنيين مقارنة مع مقتل 63 مدنياً الجمعة الماضي قبل يوم من سريان الهدنة.
وتحدث مراسلو “فرانس برس″ في المدن الرئيسية، عن هدوء استمر لليوم السادس على التوالي، مع تسجيل إقبال على الأسواق وحركة طبيعية في الشوارع، لا سيما في مدينة حلب.
وفي مدينة داريا، التي تسيطر عليها فصائل مقاتلة جنوب غرب دمشق، قال الناشط شادي مطر إن الطلاب نعموا بيوم دراسي عادي، موضحاً أنه “قبل بدء الهدنة كان الطلاب يبدأون يومهم الدراسي عند السادسة صباحاً، قبل بدء سقوط البراميل المتفجرة، ولم يكون يومهم الدراسي يستمر أكثر من ساعتين، أما اليوم فهم يمضون خمس ساعات كاملة في المدرسة”.
وفي مؤشر على تداعي البنى التحتية جراء النزاع المستمر منذ خمس سنوات، شهدت كافة المحافظات السورية الخميس انقطاعاً عاماً للكهرباء، استمر لأكثر من ثلاث ساعات دون تحديد أسبابه، تزامن مع أعطال جزئية طرات على خدمات الانترنت العامة والخاصة.
وأفاد مصدر في وزارة الكهرباء بعد الظهر عن عودة تدريجية للتيار الكهربائي بعد تحديد أسباب العطل المفاجئ على أن تنهي ورش الصيانة عملها في مهلة أقصاها منتصف الليل.
وتشهد سوريا نزاعاً دامياً تسبب منذ منتصف آذار/مارس 2011 بمقتل أكثر من 270 الف شخص، وبدمار هائل في البنى التحتية، ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها. ( أ ف ب )
المركز الصحفي السوري