انتشار الإرهاب الإلكتروني لداعش.. هل هو دليل تواطؤ أمريكي – غربي؟

12 أبريل، 2016

مؤشرات متصاعدة تشير إلى خسارة الولايات المتحدة والغرب أمام تنظيم داعش في مجال الحرب الإلكترونية و”الإرهاب الإلكتروني”، بالتزامن مع تنامي وتمدد خطر داعش في عدة بؤر جديدة بقلب أوروبا وإفريقيا، الأمر الذي يعيد مجددًا طرح تساؤلات حول حقيقة التنظيم وقدراته وعلاقته بالدول الكبرى، ومن صنع التنظيم، وهل عجزت الولايات المتحدة وأوروبا بما تمتلكه من أدوات للرصد، والمراقبة عبر الإنترنت، والأقمار الصناعية، وشبكات التجسس والأجهزة الاستخباراتية، عن تحجيم خطره وتجفيف منابعه، والتحكم في أهم وسيلة لتجنيد شباب جدد، وهي وسائل التواصل الاجتماعي وصفحاته عبر الشبكة العنكبوتية.

تجنيد أعضاء جدد

وفق تقرير نشره موقع فوكاتيف الأمريكي، الجمعة، تبحث إعلانات الوظائف، التي نشرها “تنظيم داعش” وعنونت بـ”نداء إلى فرسان التحميل”، عن أشخاص قادرين على تأدية المهام المختلفة والعمل تحت الضغط، بالإضافة إلى خبرتهم.

ويدعو الإعلان المستخدمين للانضمام لإحدى الوظائف المطلوبة؛ “لدعم الدولة الإسلامية، وإثارة أعداء الله”، كما تتضمن الوظيفة العمل عبر حسابات يوتيوب وتويتر وفيسبوك، بالإضافة إلى توفير روابط مشاهدة أو تحميل المقاطع المصورة، والنشر على الشبكات الاجتماعية والمنتديات المختلفة وروابط وكالة أعماق، باعتبارها الذراع الإعلامي لـ”التنظيم”.

كان تنظيم “الدولة” نجح في الأشهر الماضية، في التغلب على العقبات التي تواجه انتشاره عبر منصات التواصل الاجتماعي، كما نجح في استخدام الشبكات الاجتماعية لنشر دعايته، ففي الأشهر الماضية، واجه أنصار “التنظيم” الجهود التي بذلها “تويتر” للحد من انتشارهم، بإرشاد أنصارهم للانتقال لوسائل أخرى مثل “تليغرام” .”التنظيم” يعمل أيضاً من خلال خبرائه على قرصنة الحسابات، وتعطيل أخرى، وهو ما يطلق عليه مختصون بـ”الإرهاب الإلكتروني”.

يجتهد تنظيم “داعش” عبر البحث عن أشخاص مهتمين بالعمل معه، ممن تتوافر لديهم الخبرة المطلوبة، لتعزيز قوته على الشبكة العنكبوتية، التي تعد من أهم وسائل المعارك في الوقت الراهن؛ لما لها من تأثير سريع وفعال في المجتمعات، والمنظومات العسكرية، حيث يعتمد التنظيم بشكل كبير على وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، التي يعتمد عليها في إيصال رسائله ونشر أخباره واستخدامها في الحرب الإعلامية.

فيما تتعرض حسابات التنظيم لعمليات إيقاف بشكل مستمر من قبل إدارات شركات مواقع التواصل المختلفة، فيما يمتاز “التنظيم”- بحسب مختصين- بامتلاكه مهارة في تأمين حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال خبراء يعملون لحسابه في دول مختلفة من العالم.

وكان “تويتر” أعلن في فبراير، عن إيقاف 125 ألف حساب، بسبب قيامهم “بنشر أو تشجيع الأعمال الإرهابية التي يقوم بها داعش”، كما أعلن فيسبوك أنه يعمل على التأكد من عدم استخدام الإرهابيين للموقع، ويقوم بإزالة أي محتوى مساند للإرهاب.

 أداء أمريكي ضعيف

 بدورها سلطت مجلة «ناشيونال إنترست» الأمريكية في تقرير لها في 14 مارس 2016، الضوء على تفوق تنظيم «داعش» الإرهابي على تقنيِّي الولايات المتحدة في استخدامها لموقع «تويتر»، وقدرته على التمكن من الترويج لنفسه، ومتابعة عملياته من خلاله.

وعلى الرغم من المحاولات المستمرة، فإن الحد من قدرات «داعش» على استغلال الساحة الافتراضية باء بالفشل، وهو ما دفع الإدارة الأمريكية للمطالبة بإجراءات مماثلة لمواجهة وجود «داعش» المكثف على وسائل الإعلام الاجتماعية، وأوضحت المجلة الأمريكية أنه على الرغم من أهمية التصدي لنمو «داعش» الإلكتروني، فإن ذلك ليس كافيًا لمعالجة أداء الحكومة الأمريكية الضعيف في ساحة المعركة، مشيرة إلى إقرار وزارة الخارجية الأمريكية مؤخرًا، بشعورها بالإحباط من مستوى الجهود الحالية لمكافحة النشاطات المتطرفة عبر وسائل الإعلام الاجتماعي.

الحرب الإلكترونية

في خطوة وصفها مراقبون بالمتأخرة، أعلنت الولايات المتحدة أنها بصدد إطلاق حرب إلكترونية واسعة النطاق ضد تنظيم داعش، وهي المرة الأولى التي تعلن فيها الإدارة الأميركية صراحة استخدام الهجمات الإلكترونية كأداة في الحرب.

وقال وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر، أمام مجلس الشيوخ في 8 إبريل 2016: “لقد أعطيت أوامر للقيادة بالاضطلاع في أول مهمة لها في زمن الحرب”، مضيفًا أنه “قبل بضع سنوات، لم يذهب أي وزير للدفاع إلى هذا الإعلان، لأن الفرصة باتت مواتية الآن للفوز في هذه الحرب”.

وستستخدم الولايات المتحدة ترسانتها الرقمية لإضعاف شبكات الاتصال التي يستخدمها التنظيم، بهدف الحد من قدرته على الوصول إلى المال والتجارة.

وقال كارتر: إن تكتيكات الحرب الإلكترونية سوف تعمل على تعطيل “قدرة تنظيم داعش على التواصل بين القيادة والمسلحين التابعين له، وإعطاب قدرته على شن المخططات الإرهابية”، ومنع تدفق التمويل للأعضاء لتنفيذ المؤامرات الإرهابية.

أمريكا تخوض حربًا وهمية

التباطؤ الأمريكي في محاربة داعش عبر الإنترنت، جاء بالتزامن مع تمدد داعش من سوريا والعراق إلى قلب أوروبا وإفريقيا، وسط تكهنات وتحليلات ترجح أن داعش صناعة أمريكية استخباراتية، من بينها ما قاله الكاتب والمحلل الأمريكي ستيفن ليندمان، في مقالة له نشرها مركز الأبحاث الكندي “جلوبال سيرش” على نسخته الإلكترونية في 9 يناير 2016، أن هناك أدلة دامغة تثبت أن واشنطن تستخدم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) والجماعات الإرهابية الأخرى، كـ جنود في كلا البلدين وأماكن أخرى، كما أن الحرب الأمريكية على الإرهاب ما هي إلا خدعة كاملة تغزي شرارتها وسائل الإعلام.

واستشهد فيها بـ عواطف نعمة النائبة عن ائتلاف دولة القانون في البرلمان العراقي، والتي “اتهمت القوات الأمريكية بـ (توسيع غاراتها الجوية في مناطق الحويجة وبيجي والشرقاط بهدف مساعدة تنظيم داعش الإرهابي)”، وذكر “ليندمان” أن القوات العراقية قامت بعمليات إنزال جوي للأسلحة والذخائر والطعام والإمدادات الأخرى، مضيفًا أن قادة وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاجون” يساعدون مسلحي “داعش”، بدلًا من قتالهم والقضاء عليهم.

 وأضاف “ليندمان” أن القوات العراقية استولت في الخريف الماضي، على كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر والمعدات العسكرية الأخرى الموردة لـ “داعش”، ومن بينها صواريخ مضادة للدبابات والمدرعات، بالإضافة إلى صواريخ تُحمل على الأكتاف وأنظمة دفاع أرض – جو قادرة على إسقاط الطائرات، فضلًا عن طائرات تطير على مستويات منخفضة.

وتساءل الكاتب ليندمان: لماذا يصر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، على الاستمرار في دعم خطة واشنطن لتدمير بلاده، عبر استخدامها إرهابيي داعش في تحويل العراق إلى بلقان جديدة، وتمزيقها إلى دويلات كردية في الشمال وشيعية في الجنوب وسنية في الوسط؟

 واتهم جعفر الجابري منسق القوات الشعبية العراقية، أيضًا، واشنطن بتزويد مسلحي تنظيم “داعش” بالأسلحة، عبر عمليات الإنزال التي تتم بالطائرات في المناطق الخاضعة تحت سيطرتهم- بالإضافة إلى المناطق المحررة مؤخرًا، لتشجيعهم على مواصلة القتال.

ووفقًا لـ خلف الطرموز رئيس مجلس محافظة الأنبار، يتم تزويد “داعش” بأسلحة أمريكية وأوروبية وأيضًا إسرائيلية، على نحو دوري.

داعش صنيعة المخابرات الأمريكية

نشر الموقع نفسه “جلوبال سيرش” تقريرًا بعنوان “معلومة عن (داعش) لا يريدك أوباما أن تعرفها”، في 15 ديسمبر 2014، أن الحرب التي تقودها الولايات المتحدة ضد “الدولة الإسلامية” مجرد كذبة كبرى. وما ملاحقة “الإرهابيين الإسلاميين”، وشن حرب وقائية في جميع أنحاء العالم، لـ”حماية الوطن الأمريكي”، سوى ذريعة لتبرير أجندة عسكرية.

وذكر التقرير أن “داعش” صنيعة المخابرات الأمريكية، وأجندة واشنطن لـ”مكافحة الإرهاب” في العراق وسوريا تتمثل في دعم الإرهابيين. ولم يكن اجتياح قوات “داعش” للعراق، ابتداءً من يونيو 2014، سوى جزءًا من عملية استخباراتية عسكرية مخطط لها بعناية، وتحظى بدعمٍ سريّ من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي وإسرائيل.