غارات إسرائيلية على طريقة “خذ وهات”

1 ديسمبر، 2016

جيرون

استهدف الطيران “الإسرائيلي”، فجر أمس الأربعاء، مواقع تابعة لقوات النظام السوري، قرب منطقة الصبورة، على طريق دمشق – بيروت الدولي، إلى الغرب من العاصمة دمشق.
وذكرت وكالات الأنباء، وكذلك ناشطون من دمشق، أن انفجارات ضخمة شعر بها أغلب سكّان العاصمة، نتجت عن غارات، استهدفت “اللواء 38 المنتشر قرب الطريق الدولي”، وهو لواء يتبع الفرقة الرابعة، التي تنتشر انتشارًا رئيسًا في الكتل الجبلية المطلّة على العاصمة، وتحيط بالقصر الجمهوري.
وأفادت بعض الأخبار أن الغارات استهدفت -أيضًا- “شحنة أسلحة تخص ميليشيا حزب الله اللبناني”؛ ما أدى إلى انفجار الشحنات واحتراق الحافلات التي تقلّها، وهنالك أنباء عن قتلى في صفوف تلك الميليشيا، وذكرت الأنباء أن الطيران “الإسرائيلي” -وبالتوازي مع ذلك- نفّذ غارات وهمية فوق مدينة بعلبك البقاعية في لبنان، مع تحليق فوق أحياء العاصمة بيروت والمناطق المحيطة بها.
يُشار إلى أن غارات الطيران “الإسرائيلي” -هذه- ليست الأولى منذ انطلاقة الثورة السورية، فقد نفّذ غارات عدة في أوقات مختلفة، على مواقع عسكرية في الجولان السوري، وقرب العاصمة دمشق، ولعل أعنفها كان في أيار/ مايو 2013، حين استهدفت الغارات مركز البحوث العلمية، على تخوم العاصمة، وأيضًا ذكرت الأنباء -آنذاك- أن تلك الغارات كانت على شحنة صواريخ تابعة لميليشيا “حزب الله”، لتشن -أيضًا- غارات أخرى في كانون الثاني/ يناير 2014، على مركز الأبحاث العلمية، الواقع في منطقة جمرايا، وكذلك غارات في المنطقة نفسها في أيار/ مايو 2014، إضافة إلى غارات أخرى في أوقات ومواقع سورية مختلفة، منها قيادة اللواء 90، ومواقع قرب مطار دمشق الدولي.
قبل انطلاقة الثورة عام 2011، كان أبرز هجوم شنّته الطائرات “الإسرائيلية” في أيلول/ سبتمبر 2007، على موقع الكُبَر في محافظة دير الزور، استهدف، بحسب ما تناقلت الأنباء، مجمّعًا لبناء مفاعل نووي، في حين نفى النظام السوري أنه كان يقوم بإنشاء المفاعل.
على الرغم من ذلك، فإن المتابع لسلسة الغارات “الإسرائيلية” على الأراضي السورية، يجد أنها كانت تأتي، على عكس ما يُشاع عنها في الأنباء، في سياق الخدمات المتبادلة بين النظامين: السوري و”الإسرائيلي”، بحسب الدور الوظيفي لكليهما في الشرق الأوسط.
تأتي هذه الغارات الجديدة -الآن- مع حرب شعواء، تشنّها ميليشيات المرتزقة التابعة لإيران، بما فيها ميليشيا “حزب الله” مع بقايا لقوات النظام، بغطاء من الطيران الروسي، على الأحياء الشرقية لمدينة حلب، وهذه الغارات هي ما يحتاجه النظام؛ لتغطية المجازر التي يرتكبها، فقد نُفّذت مع تعرّض روسيا، مع تلك القوات، لانتقادات دولية شديدة، فجاءت الغارات “الإسرائيلية”؛ للتشويش الإعلامي من جهة، ولتدعيم موقع تلك الميليشيا الإرهابية على الأرض السورية، وتدعيم موقع النظام أمام مؤيديه، وهي بالنسبة للسوريين باتت أقرب إلى الكوميديا السياسية السوداء، التي ينتجها النظام من خلال مسلسل بقعة ضوء؛ للتنفيس عن الناس بطريقة جوفاء، وبلا قيمة فنية أو فكرية، برعاية مؤسسة رامي مخلوف المالية.
وهذا يعود بالذاكرة إلى الزاوية التي حُشر النظام وميليشيا “حزب الله” فيها في لبنان، بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري عام 2005، وحجم الضغط الأهلي اللبناني والسياسي الدولي الذي أخذ -حينذاك- يُعرّي مقولة الممانعة والمقاومة، ويحيل تلك القوات إلى موقعها الوظيفي في ممارسة الإرهاب المنظم، فجاءت حرب تموز/ يوليو المُفتعلة في لبنان، لتُعطي دفعًا وغطاء معنويًا لهذه المنظومة، الممتدة من دمشق إلى طهران، ليتم بعدئذ إعادة تصنيع نجوم سياسة في المنطقة، تمامًا كما أُخرجت حرب تشرين/ أكتوبر 1973، لصناعة نجوم سياسة اعتاش عليها نظام الأسد الأب، وهي ما كان يحتاجها الأسد الابن؛ ليكمل الدور الوظيفي في الشرق الأوسط.
بات السوريون -بعد كل تلك السلسلة الدموية التي صبغت يومياتهم- أمام مشهد يعبّر عن نفسه بلا أي رتوش أو ديكور، فـ “إسرائيل” لم تعد تحتاج للتدخل الحقيقي الفاعل في سورية من خلال قواتها، ويمكن لقوات النظام السوري القيام بالمهمات نفسها، فنظام دمّر كل تلك المقدرات، وقتل وشرد الملايين، وأنهك البلاد على المستويات كافة، بطريقة لا تخدم سوى إسرائيل وإيران في المنطقة، هو -بحكم النتائج- ذراع حقيقية لها، بل يمكن القول: إن تلك الأعمال لم تعد تخدمه؛ لأنه لم يعد يمتلك مقدّرات أو فرصة لإعادة بناء نفسه، باستثمار ما يجري، كما العقود الماضية، ومن هنا، كان للسوريين نظرتهم نحو النظام وأفعاله وعدائه المُصطنع مع “إسرائيل”، واحتفاظه الدائم بحق الرد في المكان والزمان المناسبين، والذي يُطلقها السوريون ليس ممازحة، بل ككوميديا سوداء عاشوها لعقود، وها هم الآن يقولون: إن رد النظام على “إسرائيل” سيأتي على رؤوس السوريين، كما يجري في حلب وغيرها حاليًا، ولربما سيستمر توزيع وتقاسم تلك المهمات بينهما، إلى آخر لحظة ممكنة لبقاء الأسد في مقره الوظيفي.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]