شدّوا الرحال من مجلس الأمن إلى الجمعية العامة

3 ديسمبر، 2016

حافظ قرقوط

وجّهت أكثر من مئتي منظمة دولية غير حكومية، تُعنى بالشأن الإنساني والدفاع عن حقوق الإنسان، انتقادًا حادًا إلى مجلس الأمن الدولي بشأن الوضع في سورية، وتوجهت بالطلب إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة؛ كي تعقد جلسة خاصة، لمناقشة الوضع، واتخاذ إجراءات تخص الجانب الإنساني في سورية.

فقد وقعت نحو 223 منظمة على نداء موجه إلى الأمم المتحدة، من بينها “منظمة العفو الدولية”، و”هيومن رايتس ووتش”، ومنظمة “كير إنترناشيونال”، و”سيف ذي تشيلدرن”، إضافة إلى عشرات المنظمات السورية، أكدت فيه أن مجلس الأمن الدولي “تخلّى عن السوريين”، وذلك في إثر عجزه عن فرض وقف إطلاق النار في الأحياء الشرقية من حلب، وطالبت الجمعية العامة بتحمل المسؤولية، والقيام بعمل ملموس عوضًا عن مجلس الأمن.

مبادرة كندية

النداء الذي أطلقته المنظمات، أول أمس الخميس 1 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، دعا إلى عقد جلسة طارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة، لإنهاء الهجمات والقتال في مدينة حلب، وبقية المناطق السورية، والعمل على إدخال المساعدات الإنسانية، دون أي قيد أو شرط إلى المناطق المحاصرة، وكذلك طالب بملاحقة جميع مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية في سورية، وإحالتهم إلى القضاء الدولي.

وتسعى كندا بدورها إلى إطلاق مبادرة مشابهة، لعقد جلسة طارئة للجمعية العامة، وأفادت وكالات الأنباء أنها حصلت على موافقة نحو 73 دولة؛ لأجل عقد هذه الجلسة، وعلى الرغم من ذلك، فهناك ترقّب للموقف الأميركي الذي قد يدفع الأمور دفعًا أفضل داخل الجمعية العامة، بسبب ارتباط عديد من المواقف الدولية بالموقف الأميركي.

وكانت مندوبة واشنطن الدائم لدى الأمم المتحدة، السفيرة سامانثا باور، قالت بأن الجمعية العامة للأمم المتحدة تستطيع اتخاذ إجراءات أخرى، إذا ما استخدمت روسيا حق النقض (الفيتو) ضد مشروع القرار، وأوضحت قائلة: “إذا فعل الروس ذلك، فإنه يتعين على الدول الأعضاء أن تنظر بسرعة في الأدوات الأخرى المتاحة في منظومة الأمم المتحدة، بما في ذلك الجمعية العامة؛ بغية أن يكون الضغط أكثر فاعلية”، وجاء كلامها ضمن النقاش الدائر حول مشروع قرار في مجلس الأمن يدعو إلى هدنة إنسانية لمدة 10 أيام في مدينة حلب، لأجل إيصال المساعدات الإنسانية للمحاصرين في الأحياء الشرقية من مدينة حلب، وإخراج الجرحى والمرضى.

الفشل الدائم الذي أصبح سمة مجلس الأمن حول ما يجري في سورية، والذي اتفق الجميع على أنه  من المرجّح أن يستمر بسبب الموقف المعلن من روسيا، وعدم الجدية الأميركية في حسم الأمور.

قرارات بلا أنياب

إلى ذلك تُعدّ قوة القرارات التي يمكن أن تصدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة محدودة الفاعلية، ولا يمكن أن تبدّل في المواقف أو المعطيات، إذا لم توجد نيات صادقة لمتابعتها، كون قراراتها غير مُلزمة، كما القرارات الصادرة عن مجلس الأمن، وخاصة تلك التي يمكن اتخاذها تحت الفصل السابع، وهنالك تجارب سابقة عديدة في هذا الخصوص، حيث كانت الضرورة لإيجاد بديل عن عطالة مجلس الأمن بسبب مواقف أعضائه، بتبني هذا القرار الذي يمنح الصلاحية للأمم المتحدة بالتدخل، وذلك بداية من الأزمة في كوريا عام 1950، ضمن ما اتفق على تسميته “الاتحاد من أجل السلام”، وهو ينص في فقرته الأولى على أنه “إذا لم يتمكن مجلس الأمن، بسبب عدم إجماع أعضائه الدائمين، من مباشرة مسؤوليته الرئيسة في حفظ السلام والأمن الدولي، في ما يخص أي حالة يظهر فيها تهديد للسلم، أو إخلال بالسلم، أو وقوع عمل من أعمال العدوان، تنظر الجمعية العامة في المسألة على الفور، بهدف تقديم توصيات مناسبة إلى الأعضاء من أجل اتخاذ تدابير جماعية، بما في ذلك استخدام القوة المسلحة في حالة الإخلال بالسلم، أو وقع عمل من أعمال العدوان، وذلك لحفظ السلم والأمن الدولي، أو إعادته إلى نصابه”.

يشار إلى أن هذا الإجراء استُخدم –أيضًا- خلال العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، وخرجت قرارات إدانة وتنديد، وكذلك عام 1958، بعد تدخل الاتحاد السوفياتي في هنغاريا، ولم تغير القرارات –حينذاك- من الوضع على الأرض، إضافة إلى عدة مرات أخرى لُجئ فيها إلى الجمعية العامة، ولكن بلا جدوى حقيقية وملموسة.

ذريعة “الدروع البشرية”

وكان وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف قد صرّح، بأن بلاده واجهت انتقادات بسبب ما تفعله في سورية وأضاف: “لكننا مستمرون لأن هؤلاء المدنيين يتم استخدامهم دروعًا بشرية من قبل الجماعات الإرهابية”، كما أكد المبعوث الدولي إلى سورية ستيفان ديميستورا أن روسيا والنظام السوري رفضا طلبًا للمنظمة الدولية، يدعو لوقف القتال موقتًا؛ لإدخال المساعدات إلى الأحياء الشرقية بحلب.

استخدمت روسيا الاتحادية (الفيتو) في مجلس الأمن 5 مرات خلال السنوات الماضية من عمر الثورة السورية، لإحباط قرارات تخص الوضع الإنساني، وإدانة جرائم النظام، وما زالت تُمانع في إحالة ملفات جرائم الحرب المرتكبة بحق المدنيين السوريين، من قوات النظام وميليشياته إلى محكمة الجنايات الدولية.

إن إحالة الملف السوري إلى الجمعية العامة، بعد كل تلك الجرائم، وبهذه الطريقة التي تدل على عجز دولي واضح، من المرجح أن يراها السوريون، دعابةً سياسية لاستعراض مزيد من مهارات الخطابة على منبر المنظمة الدوليّة، في هذا المناخ الكئيب الذي آلت إليه هذه المنظومة، وهي تشاهد تلك الجرائم عبر بث حي ومباشر.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]

3 ديسمبر، 2016