اجتمعت المعارضة.. فمن يعقلن الدول؟


طارق الحميد

نجحت السعودية في جمع المعارضة السورية، وإنجاز اتفاق الرياض الذي وافقت فيه المعارضة على التفاوض مع النظام، مع التشديد على ضرورة رحيل بشار الأسد، ومن تلطخت أيديهم بالدماء من نظامه، وذلك استنادًا إلى بيان جنيف الصادر في 2012.

ورغم ما ذكر من تحفظات من قبل وزير الخارجية الأميركي على نقطتين في اتفاق الرياض، من دون أن يذكرهما، فإن اتفاق الرياض يعتبر أفضل جهد بذل لتوحيد المعارضة السورية، بل هو الإنجاز الأصعب، خصوصًا أن الإدارة الأميركية، ومعها الأوروبيون وكُثر، كانوا يستسهلون التهرب من استحقاقات الأزمة السورية بالقول إنه لا توجد معارضة موحدة، وبالتالي من الصعب دعم المعارضة عسكريًا أو سياسيًا. اليوم تغيرت الأوضاع، وبات هناك معارضة سورية موحدة وقّعت بيانًا يمهد لانطلاق العملية السياسية، من أجل الوصول إلى انتقال للسلطة في سوريا، وبالتالي فإن الكرة الآن هي في ملعب المجتمع الدولي، بل إن السؤال هنا هو: ما دامت السعودية قد استطاعت جمع المعارضة السورية، فمَن بوسعه الآن عقلنة مواقف الدول المعنية بالأزمة السورية؟

مَن بمقدوره اليوم إقناع الروس بأنهم إذا كانوا يريدون الحفاظ على سوريا فإن ذلك لا يتم بالدفاع عن رجل أجرم بحق السوريين حيث شرد الملايين منهم، وتسبب في مقتل ربع مليون سوري، ويهدد أمن المنطقة، بل والمجتمع الدولي؟ مَن يستطيع إقناع الروس بأن ما يفعلونه في سوريا لن يؤدي إلى هزيمة «داعش»، ولا انتصار الأسد، بل سيقود إلى كارثة سيكون الروس من ضمن ضحاياها؟ ومَن يقنع الروس بأن المصلحة تقتضي التعقل، وليس الصدام، لا مع تركيا، ولا المعارضة السورية، وبالتالي الشعب السوري ككل، وشعوب المنطقة؟

ومَن يقنع الأتراك أيضًا بأن الهدف هو الحفاظ على سوريا، وليس دعم الأتراك ضد الأكراد، ولا إشعال معارك إعلامية لا طائل منها؟ فالدرس الذي تعلمه كل من تعامل مع منطقتنا هو أن الشعارات لا تسمن ولا تغني من جوع، ولا تقود إلى استقرار، ولا تخدم الاقتصاد، ولا شعوب المنطقة. فمَن يقنع الأتراك أنه لا بد من مواقف عقلانية لدعم الاستقرار، وليس التصعيد؟ فالهدف هو حماية سوريا الدولة، والسوريين عمومًا. كذلك مَن يستطيع إقناع الرئيس أوباما أن في أزمة المنطقة، من العراق إلى سوريا، دمًا ودمارًا، ولا يمكن التعامل مع أزمة تهدد المجتمع الدولي فقط من خلال عمليات جوية، أو مؤتمرات صحافية، ونسب تطرح بها، كقول الرئيس الأميركي إنه تم تدمير أربعين في المائة من قدرات «داعش»؟ فهل في الحروب كذلك حيل محاسبية؟ الأكيد أن منطقتنا، وبكل تداعيات أوضاعها الخطيرة، ليست شركة حتى يتعامل معها الرئيس أوباما وكأنه رئيس شركة، خصوصًا وقد ثبت أن كل يوم تأخير في التعامل مع أزمة سوريا، وقبلها العراق، سيكون له عواقب وخيمة شاهد العالم بعضًا منها، مثل أزمة اللاجئين السوريين، وكذلك إرهاب باريس، فماذا ينتظر رئيس أقوى دولة في العالم؟ وماذا ينتظر المجتمع الدولي؟