الفخ الخفي للتواصل الاجتماعي في الإيقاع باللاجئين

16 شباط (فبراير - فيفري)، 2016
4 minutes

إبراهيم نمر: أمستردام

يتسابق اللاجئون السوريون في هولندا إلى إنشاء الصفحات الفيسبوكية، وذلك بالتوازي مع ازدياد عدد اللاجئين في هذا البلد الأوربي الصغير، الذي يعتبر الثالث في استقبال اللاجئين بعد ألمانيا والسويد. عشرات الآلاف من السوريين، استقر بهم اللجوء في هولندا، وأصبحت الكامبات تكتظ بهم مما أدى إلى تأخير ملحوظ في إجراءات طالب اللجوء في الإقامة والسكن ولمّ الشمل، لتصبح هولندا كباقي دول الاتحاد الأوربي نتيجة الضغط العددي الهائل، أي أن ميزة الإجراءات السريعة انتهت مع نهاية 2015 وحتى قبل هذا التاريخ.

إن الذي يلفت النظر هو إصرار العديد من الشباب في إنشاء المجموعات والصفحات الفيسبوكية، والتنافس الكبير جدا بينهم في كسب الأصدقاء، والصراع بين هذه الصفحات أحيانا يكون بالعلن من خلال تباهي أحدهم على الآخر بالميزات التي يقدمها في صفحته، وبنظرة سريعة لهذه المواقع نجد أن هناك طابع خدمي ظاهر، لكن باطنه تجاري… وبعضه يمكن تفسيره كفائدة متبادلة بين الصفحة؛ والمشترك، وبعضه قد يكون خفيا بأهداف غير معلنة، ولسنا هنا في وارد ذكر أسماء هذه الصفحات، ونترك تلك المهمة للقارئ الذي بكبسة زر سيكتشف عشرات من هذه الصفحات النشطة في مجال تبادل المعرفة بأدق التفاصيل عن حياة اللاجئ السوري في الكامبات، بما في «خبر عاجل» وجميع هذه الصفحات لديها مشتركين يقومون بإرسال مباشر للصفحة عن أيّة مشكلة؛ أو اعتصام؛ أو حريق؛ أو مشاجرة، حتى قصص الحب والتلطيش، وكل شيء بما فيه سرقة البسكليتات.

في بعض هذه الصفحات التي وصل عدد معجبيها إلى أكثر من 40 ألف تجد فيها عروض بيع وشراء، حتى للسيارات الفارهة التي لا يحق للاجئ اقتناءها بحكم القانون الهولندي، ونشرات يومية من إعلانات ودعاية لمكاتب تقديم السيارات، وشهادات السواقة بأسعار مناسبة، وعمليات تبادل البيوت- أي أن يستبدل أحدهم مكان سكنه مع سكن أخر- وتعهدات أرضيات ومنازل ودهان وورشات عمل وتجارة عامة.

عدا عن أسئلة المشتركين عن الرواتب؛ والمنح المالية الحكومية والقروض؛ وأسئلة كثيرة ودردشات بالآلاف الكلمات يومياً على هذه الصفحات، لكن الأخطر هو الدور الخفي لبعض هذه الصفحات، وهي منقسمة إلى صفحات مؤيدة وموالية للنظام، وصفحات تدعي أنها في صف الثورة السورية، لتحتدم المعارك أحيانا بينهم في هذا الإطار باستخدام أقذر الألفاظ والشتائم، والعديد من اللاجئين أكدوا انسحابهم وابتعادهم عن الدخول إليها، ليست لدوافعها التجارية أو الربحية الواضحة، «مافي شي ببلاش» وإنما لأسباب أكثر خطورة حول الشبهات التي تكتنف بعض هذه الصفحات.

يقول أحدهم لا نستبعد فرضية اختراق النظام لمعظم هذه الصفحات، لا بل أن يكون مؤسسها أيضا، كي يعرفوا الشاردة والواردة عن حالة اللجوء عامة، وأيّ نشاط معادي لهم وكل تحرك يقوم به المعارضون.

وبالتدقيق والمتابعة، نجد حقا أن هناك ما يوحي بمثل هذه الأخطار، ففي محادثة نشأت بأحد هذه المواقع بين شخص يدعى «حيدرة» في الخارج وآخر داخل الكامبات يتنقل بين الكامبات، ويقول صراحة: «إنه تم التعرف على ثلاثة شبان من ريف حلب، كانوا من الجيش الحر سابقاً، ولديه معلومات كافيه عنهم، ولديه قائمة كبيرة، وهو بحاجة إلى المال لأن المعيشة غالية».

هذه المحادثة المسجلة عبر ميزة «الواتس اب» في احد هذه المواقع، تعتبر من المؤشرات الخطيرة، لذلك يبقى السؤال: من أين يأتون بمثل هذه التفاصيل الدقيقة؟ ولحين معرفة وتوجهات معظم هذه الصفحات، سيبقى ظاهر الأمر اجتماعيا – اقتصاديا، من خلال ما يسمى صفحات التواصل الاجتماعي، ولكن في الحقيقة «ما خفي أعظم».

المصدر: وكالة قاسيون للانباء