“جنة أوروبا”.. لماذا أصبح الوصول إليها صعباً على اللاجئين السوريين؟ تعرف على أبرز العقبات


ما زال حلم “الجنة الأوروبية” يراود خيال الكثير من السوريين، إلا أن الطريق إلى تحقيق هذا الحلم يزداد صعوبة يوماً بعد يوم، سيما مع وضع دول القارة العجوز سقفاً لأعداد اللاجئين.

هذه الصعوبات تجلت مؤخراً في مشهد تراكم المهاجرين بالآلاف عند أطراف الحدود اليونانية مع مقدونيا، بعدما حددت مقدونيا عدد اللاجئين المسموح لهم العبور إلى أراضيها بـ 200 لاجئ يومياً، ما من شأنه أن يسبب كارثة إنسانية للعابرين المتزايدين على الحدود اليونانية مع مرور الأيام.

الأزمة الأخيرة تعود إلى اتفاق جهاز الشرطة في النمسا ودول البلقان على إرشادات جديدة للسماح بدخول المهاجرين الأسبوع الماضي، والتي تفيد تقارير بأنها تشمل وثيقة مصورة تصدرها السلطات على الحدود المقدونية – اليونانية.

وتخشى الحكومة اليونانية من أن القيود الجديدة ستؤدي إلى زيادة أعداد المهاجرين واللاجئين على أراضيها، إذ سجلت الأمم المتحدة وصول أكثر من 94 ألف شخصاً من تركيا إلى جزر اليونان في بحر إيجه منذ مطلع العام 2016.

فيما يلي، نستعرض العقبات التي قد تواجه المهاجر السوري، بدايةً من خروجه من بلده الأم، وانتهاءاً بألمانيا التي باتت الوجهة المفضلة للاجئين السوريين.

 

1- الخروج من سوريا

 

أصبحت عملية الانتقال من سوريا إلى تركيا أصعب من ذي قبل نتيجة فرض السلطات التركية تأشيرات دخول على السوريين، إلى جانب انتهاء تركيا من بناء أجزاء كبيرة من الجدار الفاصلمع الحدود السورية، للحيلولة دون وقوع حالات تهريب وتسلل غير شرعي بولاية هاطاي الجنوبية.

قوات حرس الحدود التركية تجري دوريات مكثفة على مدار اليوم في مناطق ييلاداغ والريحانية والتن اوزو، فيما تستمر أعمال بناء جدار على طول الحدود مع سوريا في تلك المناطق.

وبسبب صعوبة عمليات التهريب مقارنة بالماضي، قام المهربون برفع سعر تهريب الفرد الواحد ليصل ما بين ألف إلى 3 آلاف دولار.

 

2- تركيا

 

أيدت كل من تركيا واليونان، ألمانيا في طلبها من حلف الشمال الأطلسي الـ “ناتو”، القيام بمهمة مراقبة الحدود البحرية في بحر إيجه، للحد من نشاط مهربي المهاجرين غير الشرعيين.

ويتم حالياً وضع اللمسات الأخيرة على تفاصيل مهمة حلف شمال الأطلسي “في الأيام المقبلة”، لكن مصدراً في الحلف أكد أن “المجموعة الدائمة البحرية الثانية في الحلف المكونة من 5 سفن ألمانية وكندية وإيطالية ويونانية وتركية، تنتشر في المياه الدولية لبحر إيجه”، وبدأت عمليات المراقبة.

 

3- اليونان

 

refugees

تتوقع الحكومة اليونانية أن يعلق أكثر من 100 ألف مهاجر في البلاد في الأيام المقبلة بسبب إغلاق الحدود مع مقدونيا، بينما تحدثت مصادر إعلامية عن طلب أثينا حزمة مساعدات من الاتحاد الأوروبي بقيمة 470 مليون يورو.

وقالت الأمم المتحدة الثلاثاء الماضي، إن حكومتي اليونان ومقدونيا لا تعملان سوياً من أجل الخروج بحل، وأشارت إلى أن اللاجئين العالقين على الحدود يعانون من نقص الغذاء والماء، وأن التوتر السائد بينهم أدى لخلق العنف.

وفي الأثناء، أعلنت مفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين في جنيف الثلاثاء الماضي، أن “الأرقام هذا الصباح تشير إلى أن 131 ألفاً و724 شخصاً عبروا المتوسط في يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط بينهم 122 ألفاً و637 وصلوا إلى اليونان، أي ما يفوق العدد المسجل في النصف الأول من العام 2015”.

 

4- مقدونيا

 

macedonia

أطلقت شرطة مقدونيا الغاز المسيل للدموع لتفريق مئات من المهاجرين واللاجئين الذين اقتحموا حدودها من اليونان الاثنين الماضي، محطمين إحدى البوابات مع تصاعد الإحباط من القيود المفروضة على من يسافرون عبر البلقان.

وقال شاهد لوكالة رويترز إن الشرطة أطلقت عدة قنابل للغاز المسيل للدموع على الحشود التي حطمت البوابة المعدنية وعلى خط السكك الحديدية الذي يجلس عليه مهاجرون يرفضون التحرك مطالبين بدخولهم مقدونيا.

وبالأمس الأربعاء، قال مسؤولون يونانيون إن مقدونيا سمحت بعبور نحو 200 لاجئ إلى أراضيها، فيما لا يزال 10 آلاف آخرون ينتظرون العبور عند الحدود اليونانية – المقدونية في ظروف مزرية، فيما أفاد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية أنه تم السماح لنحو 170 شخصاً بعبور الحدود ليل الثلاثاء الأربعاء، كما سمح لمجموعات صغيرة بالعبور خلال النهار.

وخلال الأيام القليلة الماضية تحدثت منظمات الإغاثة عن نقص في الأغذية والخيم وحذرت من أن فصل الشتاء يؤثر على اللاجئين بشكل كبير ولاسيما الأطفال، وأعلنت مقدونيا كذلك أن مركز استقبال اللاجئين الذي أقامته على الحدود مع صربيا يقترب من الوصول إلى سعته النهائية وفيه حاليا نحو ألف شخص ينتظرون العبور.

 

5- صربيا

 

refugee serbia

على اللاجئ الواحد دفع تكلفة تبلغ ألف يورو لقاء قطع مسافة 600 كم من الحدود اليونانية مع مقدونيا وحتى العاصمة الصربية، وتزداد التكلفة من ألف إلى 3 آلاف يورو أخرى لقطع 600 كم أخرى نحو العاصمة النمسوية فيينا.

الدفع نقداً دائماً، وتزايد الطلب يعني أن الأسعار سترتفع من جديد عما قريب.

ويعود هذا إلى فرض قيود الحدود الجديدة، حيث نشط تجار تهريب البشر في البلقان ليملؤوا أرصفة وأزقة بلغراد بعدما كانوا يشكون كساداً الصيف الماضي حين كان تدفق اللاجئين مفتوحاً على مصراعيه.

أحياناً يخاطر اللاجئون لا بأموالهم فقط بل بحياتهم أيضاً، ففي أغسطس/آب الماضي اكتشفت السلطات النمسوية جثث 71 مهاجراً ما بين 10 أشهر من العمر وحتى 56 عاماً قضوا اختناقاً داخل شاحنة نقل محكمة الإغلاق وعازلة للهواء كانت قد غادرت صربيا بعدما قطعت المجر حتى وصلت النمسا.

 

6- المجر

 

hungary refugee run

وأقامت المجر منذ سبتمبر/أيلول الماضي، سياجاً حدودياً مع صربيا، ثم مع كرواتيا، لمنع تدفق اللاجئين إلى أراضيها، وأصدرت قوانين مشددة من شأنها تجريم المهاجرين الذين يدخلون البلاد بطرق غير شرعية، عبر السياج الحدودي، وبالتالي رفض طلبات اللجوء، ما يتيح لها إعادة اللاجئين إلى بلدانهم.​

وكانت المجر قد قرّرت في وقت سابق، الذهاب إلى استفتاء، حول تطبيق الحصة الإلزامية التي أعلن عنها الاتحاد الأوروبي من أجل إعادة توزيع اللاجئين بين أعضاء الاتحاد.

كما أعلنت المجر أيضاً عزمها على بناء سياج على حدودها مع رومانيا لمنع تدفق اللاجئين، وفقاً لتصريحات رئيس وزرائها، فيكتور اوربان، الذي قال أنه أمر بإرسل تعزيزات عسكرية إلى المناطق الحدودية، للحيلولة دون دخول اللاجئين إلى الأراضي المجرية، وقال “لا نرغب بإدخال الجريمة والإرهاب والخوف من المثليين ومعاداة السامية إلى المجر، لن تكون بلادنا مناطق خارجة على القانون”.

وكان القضاء المجري وجه يوم 18 فبراير/ شباط 2016 تهمة “الإرهاب” إلى لاجئ سوريارتكب أعمال عنف ضد قوات الأمن على الحدود مع صربيا التي تدفق منها آلاف المهاجرين صيف العام 2015، فشكل بذلك سابقة قضائية في إطار تشديد القوانين، متهماً إياه بتحريض بقية المهاجرين برمي الحجارة على قوات الأمن المجرية.

 

7- النمسا

 

austria refugee

بدأت النمسا يوم 19 فبراير/شباط الماضي تطبيق قرارها الخاص بوضع سقف لعدد المهاجرين وطالبي اللجوء الذين ستقبلهم، ليتم قبول 80 طلب لجوء يومياً عند حدود النمسا الجنوبية، وبعد ذلك سيتم غلق الحدود.

هذا الأمر بدوره أدى إلى غضب العديد من الدول السابق ذكرها، فمعنى أن تحدد النمسا نسبة استيعاب قليلة للمهاجرين، أن يتكدس اللاجئون في الدول الأخرى، ما دفع دول البلقان من الحد من مرور أعداد اللاجئين.

وتتهم النمسا اليونان بعدم حماية الحدود الخارجية للاتحاد التي يمر عبرها عددٌ كبير من المهاجرين، بشكل كاف، لكن أثينا تعتبر أن فيينا شجعت سلسلة من القيود “الأحادية” على حدود دول البلقان، لذلك علق آلاف المهاجرين في الأراضي اليونانية.

واقترح المستشار النمسوي فيرنر فايمان، إلى إصدار ما يسمى بشهادات عبور لتوزيع اللاجئين، موضحاً أن “بلاده لا يمكنها ولا ينبغي لها أن تصبح مركزاً لتوزيع اللاجئين”.

وطالب فايمان بتوزيع اللاجئين من الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي في اليونان وإيطاليا، موضحاً أنه لا يجوز السماح للاجئين بعد ذلك بقطع مسافة ألفي كيلومتر وجعل النمسا منطقة انتظار لألمانيا.

 

8- ألمانيا

 

germany refugees

هي المبتغى النهائي لمعظم اللاجئين والتي يصعب الوصول إليه يوماً بعد يوم، وكانت صحيفة Die Welt الألمانية، أفادت الأربعاء 2 مارس/آذار بأن برلين تدرس وبكل جدية إمكانية إغلاق حدود البلاد أمام اللاجئين، وبحسب الصحيفة، فإن وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزيير أعطى توجيهات بوضع خطة لإغلاق الحدود الألمانية أمام المهاجرين الوافدين من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وتنقل Die Welt عن مصدر قريب من وزير الداخلية قوله إن إدارة حرس الحدود في مقاطعة بافاريا (جنوب ألمانيا)، تسلمت توصيات حول فرض قيود محتملة لدخول مهاجرين جدد أراضي البلاد.

وكانت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل، طالبت الثلاثاء الماضي، طالبي اللجوء العالقين على الحدود اليونانية المقدونية بالبقاء في اليونان والتقدم بطلبات لجوئهم هناك، وشددت على عدم وجود أي حق للباحثين عن حماية باختيار دولة أوروبية بعينها للحصول فيها على وضع اللاجئ.

واستبعدت رئيسة الحكومة الألمانية بشكل غير مباشر تكرار ما فعلته الصيف الماضي، واستقبال ألمانيا الآن للاجئين مباشرة من منطقة الحدود اليونانية المقدونية، وشددت على أن اليونان العضوة باتفاقية “شنغن” – وليس مقدونيا – هي المطالبة بتأمين حدودها، “حتى يستطيع الاتحاد الأوروبي توزيع 160 ألف لاجئ موجودين منذ فترة في إيطاليا واليونان، على باقي دوله الأعضاء ومنها ألمانيا”.

هافينغتون بوست عربي


المركز الصحفي السوري